في شهر تموز من العام 2014، عادت جريمة قتل الجنديين الايرلنديين في القوات الدولية العاملة في جنوب ​لبنان​ ديريك سمالهورن وتوماس باريت، في العام 1980، إلى الواجهة من جديد، بعد توقيف السلطات الأميركية محمود عبد الغني بزّي، بسبب انتهاكه قوانين الهجرة، الأمر الذي دفع وزير الدفاع الايرلندي سيمون كوفني إلى الترحيب بالأمر، أملاً أن تكون عملية إلقاء القبض عليه بداية لمحاكمته في جريمة قتل وتعذيب الجنديين.

بعد ذلك، عمدت ​الولايات المتحدة​ إلى ترحيل بزي إلى لبنان حيث تم توقيفه، لتبدأ بعد ذلك محاكمته أمام ​المحكمة العسكرية​ الدائمة في بيروت، بملفّين: الأول متعلق بجرم التعامل مع ​إسرائيل​، والثاني متعلق بجريمة قتل الجنديين الايرلنديين، إلا أن المتهم أصر حتى الجلسة الأخيرة، التي عقدت أمس برئاسة العميد ​حسين عبدالله​، على إنكار التهمة الموجهة إليه بقتل الجنديين الايرلنديين بعد خطفهم في مهنيّة بنت جبيل في العام 1980 ثأراً لشقيقه الأصغر مسعود بزي، طالباً من المحكمة، بعد انتهاء وكيله المحامي صليبا الحاج من المرافعة عنه، بالعدل"، قائلاً: "كنت كبش محرقة في هذا الملف"، مؤكداً "أنا بريء ويشهد الله على ذلك"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اتهامه بالتعامل مع إسرائيل، بالرغم من تأكيد الشاهدين صبحي بزي وجورج مخول أنه كان مسؤولاً في "جيش سعد حداد".

فصول هذه القضية تعود إلى العام 2005، إثر توقيف أحد عملاء اسرائيل جورج مخول، حيث أتى الأخير خلال التحقيق معه على ذكر بزي، بوصفه متورطاً في قتل الجنديين الايرلنديين بعد قتل أحد عناصر قوات الطوارئ شقيقه أثناء تظاهرة في بلدة الطيري، وهو تحول شاهداً في القضيّة في ما بعد، إلا أن الحكومة الايرلندية، عند علمها بمضمون إفادة مخول، بدأت عملية البحث عن بزي، الذي كان قد غادر إلى الولايات المتحدة عن طريق إسرائيل.

في هذا السياق، كان بزي قد خضع للتحقيق من قبل السلطات الأميركية قبل توقيفه، بمشاركة الجانب الايرلندي، إلا أنه نفى أن يكون مسؤولاً عن تصفية الجنديين الايرلنديين، مدعياً أنه اعترف أمام وسائل الإعلام بالجريمة بذلك حينها بعد تهديده من قائد ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" سعد حداد والعميل الإسرائيلي عبد النبي بزّي.

خلال جلسة المرافعة أمس، أصر المحامي الحاج على الدفع بمرور الزمن في الملفّين، مشيراً إلى أن الجريمة حصلت في 18-4-1980 في حين أنه تم توقيف مخول في العام 2005، أي بعد 25 عاماً على الجريمة، الذي عطف جريمة القتل على بزي وقال أنه هو من قام بالجريمة، لافتاً إلى أنه عند قاضي التحقيق تم إسقاط دعوى الحق العام عن مخول لمرور الزمن في حين استمرّت على بزي، كما أن النيابة العامة أسقطت دعوى الحق العام عن مصطفى بزي أيضاً لمرور الزمن.

وأوضح المحامي الحاج أن وزير الدفاع الايرلندي عندما أرسل كتاباً إلى المحكمة العسكرية تحدث عن مرور الزمن، متسائلاً في الأساس: "هل يمكن لبزي أن يوقف 5 أو 6 شاحنات عسكرية"؟، طالباً في الشكل اسقاط دعوى الحق العام بسبب مرور الزمن، وفي الأساس البراءة للشك وعدم اكتفاء الدليل.

وفي حين كان من المتوقع أن يصدر الحكم في الملفّين، مساء أمس، قررت هيئة المحكمة تأجيل الأمر إلى 27- 3- 2018، بينما رجحت مصادر قانونية أن يكون السبب دراسة النقاط القانونية التي أثارها وكيل الدفاع عن بزي.