"المشروع الحلم"، بهذا الاسم عُرف مشروع المدينة الجامعية التابعة للجامعة ال​لبنان​ية في محلة "المون ميشال" في ​الكورة​، والذي كان الشماليون منذ أكثر من 5 سنوات على موعد مع انطلاقه حيث عمد عددٌ من "دكاترة" الجامعة عام 1997، الى تشكيل لجنة أطلق عليها اسم "لجنة المتابعة للبناء الجامعي الموحد في الشمال"، أي منذ ما يقارب الـ21 عاما.

ولكن مثل أي مشروع في لبنان، يأخذ طابع الاخذ والرد، تأخر تسليم المدينة الجامعية في الكورة لأسباب عدة، يكشفها لـ"​النشرة​" احد مطلقي "حلم" البناء الجامعي في المون ميشال ورئيس جمعية بوزار الدكتور طلال خوجة، الذي يقول ان "المشروع انطلق عندما بدأ وضع كلية العلوم في القبة وباقي الكليات بالتراجع من ناحية البناء والتجهيزات، حيث قمنا عام 1997 بزيارة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري وعرضنا عليه مشروعا كبيرا لبناء مدينة جامعية في منطقة الكورة تضم حوالي 8 كليات". ومن هنا بدأ الحلم.

الحلم بقي حلما

"بعد أشهر عدة وبسبب الخلاف السياسي بين رئيس الجمهورية بوقتها إميل لحود ورفيق الحريري توقف العمل، بحسب خوجة، مشيرا الى انه بعدها كُلف سليم الحص بتأليف الحكومة، فشعرنا أن الحلم الذي بدأ يتحقق سيتوقف وأن السياسة ستغلب على التعليم، ولكن عام 2001 وبعد عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، انطلقت المرحلة الثانية من حركة البناء الجامعي وأُنتجت لجنة متابعة واسعة التمثيل أكاديميا ونقابيا ومدنيا، اعلنت بمؤتمر صحافي عن الحلم الكبير المتثمل ببناء مدينة جامعية في الشمال".

ويتابع "في العام 2002 أعلن الحريري عن انجاز ملكية الأرض وبعدها كلف ​مجلس الإنماء والإعمار​ شركة "لاسيكو" برئاسة بلال علايلي انجاز الدراسات لعشر كليات بما فيها الزراعة والتكنولوجيا والمموّل من البنك الإسلامي وصندوق التنمية السعودي"، موضحاً أن "شركة "دنش" لُزّمت البدء بأعمال الحفر في الموقع بمبلغ 460 ألف دولار أميركي، في حين أن الشركة الاستشارية "لاسيكو" ستتولى الإشراف على تنفيذ المشروع ولكن اغتيال الحريري عام 2005 كان بمثابة زلزال أدى إلى توقف المشروع، لتعود عام 2007 أعمال حفر كلية العلوم التي توقفت بدورها بسبب نقص الأموال، الأمر الذي استمر لحين انطلاق العمل بكليتي الهندسة والفنون بقرض من بنك التنمية الاسلامي، ومن بعدها استكمال الاعمال بالمشروع ككل عبر الاستفادة من اموال باريس 3، ورصد البرلمان في التسعينيات لـ400 مليار ل ل في قانون-برنامج باسم الأبنية الجامعية، لم يستعمل منه الحريري الأب الذي هندسه سوى 100 مليار من اجل المدينة الجامعية في الحدث، بالإضافة الى بعض الهبات.

من جهته، يوضح عضو اللجنة الفنية المشكلة من قبل رئيس ​الجامعة اللبنانية​ لمتابعة مشروع "المون ميشال" شيبان هيكل انه "في بداية المشروع، كان هناك تجاذبا سياسيا بشأن المكان، البعض أراده في زغرتا، منهم في الكورة والبعض الآخر في البداوي ولكن في النهاية رسوا على الكورة بما انها قريبة من جميع الأقضية"، مؤكداً أنه "لم يكن هناك أي تدخل سياسي في المشروع لأنه لا مصلحة لأحد بتعطيله".

الحلم تحول لشبه حقيقة

لم تتحقق الوعود بتسليم مبنيي كليتي الهندسة والفنون عام 2014، وكان التأجيل من عام الى آخر حتى وصلنا اليوم الى الوعد الأخير بأن يكون التسليم بعد ثلاثة أشهر. ولكن في هذا السياق علمت "النشرة" أن مشاكل فنية رافقت المشروع لم تلق حلولا، وأبرزها عدم وجود "صرف صحي" للبناء الجامعي، الامر الذي يتحدث عنه هيكل، مشيرا الى أن المشكلة كانت بقرار ​اتحاد بلديات الفيحاء​ الذي لم يسمح لنا بشبك قنوات التصريف الصحي الخاصة بالجامعة بتلك التي تخص طرابلس، لذلك قمنا بانشاء محطة تكرير خاصة بالمشروع، سنتسلمها في شهر آذار الجاري".

أما فيما يتعلق بالصيانة، فيوضح هيكل أنه "إلى الآن لم تتعهد أي شركة بأعمال التشغيل والصيانة، إذ بعثنا منذ سنة رسالة إلى مجلس الانماء والاعمار لتكليف شركة متخصصة، وتحول الطلب إلى وزارة المالية ولكن وزير المال علي حسن خليل اعترض على تكليف مجلس الانماء والاعمار، باعتبار أن هذا عمل لجنة المناقصات فاقترحنا تكليف المتعهد ببناء المشروع، استلام أمور الصيانة حتى تكليف شركة متخصصة بها، ولكن هذا الموضوع ما زال معلقا على جدول أعمال مجلس الوزراء بالبند رقم 12 بسبب مقاطعة وزير التربية مروان حمادة خلال الشهر الفائت لجلسات الحكومة".

بعد مضي 21 عاما على ولادة المشروع، تحقق الحلم، على أمل أن يُستكمل حتى النهاية على عكس باقي المشاريع، وخاصة تلك المتعلقة ب​التعليم الرسمي​ الذي بات في الفترة الاخيرة مهمشا ومنسيا بسبب اهتمام مسؤولينا بجامعات القطاع الخاص.