تتكثف الحملة التي تشنها قوى السلطة على مجموعات ​المجتمع المدني​ قبل نحو شهر على موعد الاستحقاق النيابي، سواء من خلال التصويب مباشرة باتجاهها باتهامات بالتبعية والتشتت والفشل، أو من خلال حصارها اعلاميا، أضف الى محاولات شتى تلجأ اليها لاضعاف عزيمتها، وهو ما أدى لعزل عدد كبير من الناشطين الذين وجدوا أنفسهم عشية اقفال ​وزارة الداخلية​ باب تشكيل اللوائح خارج المنافسة.

ولعلّ تمرير خبر نجاح تحالف "وطني" الذي يضم أبرز مجموعات المجتمع المدني بترشيح 66 مرشحا في 9 دوائر انتخابية، مرور الكرام، خير دليل على الحصار الذي تعيشه هذه المجموعات التي نجحت بتجاوز خلافاتها لتخوض موحّدة أول استحقاق نيابي تكون فيه قادرة على تحقيق نوع من الخرق ولو كان محدودا نتيجة القانون الجديد الذي يعتمد النظام النسبي.

وتستغرب مصادر بتشكيل لوائح "المجتمع المدني" الاصرار على تظهير الخلافات التي رافقت المفاوضات الشاقة، وتغييب الحديث عن التوصّل الى اتفاق كبير في نهاية المطاف، مشددة على ان هناك "منظومة مترابطة تعمل جاهدة لتطويقنا بهدف احباطنا، ظنًّا أنها بذلك تدفعنا الى الاستسلام". وتضيف المصادر:"تخطينا التحدّي الأبرز بتشكيل اللوائح. فبعد ان كان عدد مرشحينا يفوق الـ300 تمكنّا بعد تنازلات متبادلة قدمتها كل المجموعات من ترشيح عددٍ لا بأس في دوائر عدّة"، معربة عن تفاؤلها بتكوّن "وعي لدى المجتمع ال​لبنان​ي الذي بات يطالب علنا بالتغيير، وبعد أن قدمنا له البديل، ننتظر ان يلاقينا في منتصف الطريق في السادس من أيار".

ويعتبر الخبير الانتخابي ​انطوان مخيبر​ أنّه "وبخلاف كل ما يتم تصويره عن تشرذم في صفوف المجتمع المدني، فان مجموعاته أثبتت أخيرا انها قادرة على التوحّد من خلال تقديم تنازلات متبادلة أدت للاعلان عن خوض ​الانتخابات​ بلوائح موحدة في أكثر من 9 دوائر"، لافتا الى ان ما حصل في هذا المجال "سابقة في ​تاريخ لبنان​". وقال مخيبر لـ"النشرة":"أمام هذه المجموعات فرصة لخرق لوائح السلطة في أكثر من دائرة وبالتحديد في دائرة الشمال الثالثة في ​قضاء الكورة​، في ​طرابلس​ (بمقعد ماروني او أرثوذكسي) كما في المتن (بمقعد كاثوليكي او ماروني) وفي الشوف-عاليه (بمقعد ماروني) وفي دائرة ​بيروت​ الاولى (بمقعدين ارثوذكسي وأرمن ارثوذكس) وفي بيروت الثانية (بمقعد أرثوذكسي).

بالمقابل، تتحدث مصادر سياسية عن "مبالغة" المجتمع المدني بتصوير قدراته، لافتة الى انّه لن يكون قادرا في أفضل الأحوال الا على كسب مقعدين او 3 على مستوى لبنان. وتعتبر انّه "كان هناك فرصة كبيرة أمامه لكسب الرأي العام وخلق موجة هائلة تطيح بعدد كبير من مرشحي السلطة، لكن مجموعاته فوتّت هذه الفرصة بخلافاتها وبخوضها الانتخابات على أكثر من لائحة في دائرة واحدة ما سيؤدي تلقائيا لتشتت أصوات مؤيديها".

بالمحصلة، قد يكون من الظلم والسابق لأوانه الحديث عن فشل تجربة المجتمع المدني في لبنان قبل أكثر من شهر على موعد الاستحقاق النيابي، لكن بالوقت عينه قد لا ينفع التمادي والمبالغة بالتوقعات من قبل قيادته الحالية كي لا تشكل النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع صفعة كبيرة تمنعها من النهوض مجددا لاستعداد أفضل لاستحقاق 2022.