فيما اقتربت السلطات السوريّة من حسم معركتها مع الجماعات المسلّحة في معظم المناطق السوريّة، بدأت الحكومة هناك ومعها رئاسة الجمهورية تبحث عن الخطوات المستقبليّة للبدء بمرحلة ما بعد الحرب. من هنا كان القانون رقم 10 الصادر عن الرئاسة السوريّة في اوائل شهر نيسان الماضي، وهو القانون الذي شكّل صدمة لدى الرأي العام الدولي والعربي.

في ​لبنان​، تأخّرت ردود الفعل على هذا القانون، إلى أن جاء منذ بضعة أيام الرد من الحكومة، إضافة لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ الذي أرسل رسالتين، الأولى إلى نظيره السوري ​وليد المعلم​ والثانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتييريس. باسيل، الذي شجّع المبادرات السورية التي تساعد في عودة ​النازحين السوريين​ إلى أراضيهم، أعرب عن قلقه من أن يُعرقل القانون هذه العودة. كما اعتبر باسيل أن "الحل يكون بحوار بين لبنان و​سوريا​، لأن المدّة التي ينص عليها القانون السوري صغيرة جداً ولن تسمح لجميع السوريين بتسجيل أراضيهم"، مشيراً إلى أن "خسارة أرضهم سيدفعم لعدم العودة إلى بلدانهم".

ما هو هذا القانون؟

القانون المذكور ينص على "جواز إحداث منطقة تنظيميّة أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإداريّة وذلك بمرسوم بناء على اقتراح وزير الإدارة المحليّة والبيئة وتعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012".

بمعنى آخر، إن القانون رقم 10 للعام 2018 هو نسخة مستحدثة ومطوّرة للمرسوم 66 للعام 2012 الذي ينص على إنشاء منطقتين تنظيميتين في دمشق، الأولى تمتد على بساتين خلف الرازي، وأجزاء من المزّة و​كفرسوسة​، وستقام عليها مدينة "ماروتا"، والثانية تمتد جنوبي المتحلق الجنوبي وصولاً إلى القدم والعسالي وشارع الـ30 وستقام عليها مدينة "باسيليا". أما القانون الجديد فهو امتداد للمرسوم 66 ليشمل كافة الأراضي السوريّة. وبالتالي، فإن أيّ مجلس محافظة بات يمكنه تحديد منطقة ما ضمن حدود صلاحياته على أنها منطقة تنظيميّة يجوز استملاكها وإنشاء مشاريع عليها.

في الظاهر، إن القرار المذكور لا يمكن اعتباره مصادرة لأملاك المواطنين، بل هو في العنوان العريض تنظيم للمدن السورية التي اجتاحتها العشوائيّات التي تم بناؤها على اراضي الدولة. وما ينص عليه القانون أنّ كل من لديه املاك في هذه المناطق يستطيع فعليًّا تسجيلها باسمه وتنظيمها خلال شهر من ادراج منطقته في التنظيم وان لم يستطع القدوم فيمكن لأيّ قريب له ولو من الدرجة الرابعة ان يقوم بالتنظيم.

تمديد للأزمة

تُعرب مصادر وزارية متابعة لهذا الملف، عبر "النشرة"، عن تخوّفها من نتائج هذا القانون، لافتة إلى أنه "قد يحمل خيراً لسوريا خصوصاً بعد الحرب التي عاشتها"، مستدركة بالقول ان "سلبياته ستكون على البلدان التي استضافت النازحين ومنها لبنان".

وترى المصادر أن "هذا القانون يمكن أن يؤدي إلى حرمان مئات الآلاف من النازحين المنتشرين من أي احتمال للعودة، وبالتالي سيترك أزمة النازحين جزءاً من معضلات الدول المجاورة لسوريا، وبالتالي هو التمديد للأزمة"، مضيفة "يجب أن تشكل نداءات الحكومة دافعاً لدى الخارجية السوريّة و​الأمم المتحدة​ للبحث عن سبل حماية كل من استضاف النازحين، وجعله أولوية لدى الجميع، لحماية حقوق السوريين أولاً وحماية لبنان ثانياً".

وعلى الصعيد السوري، ترفض هذه المصادر الغوص في الأبعاد السياسية لهذا القانون، مؤكّدة ان "ما يعنينا كلبنانيين هو حلّ هذه الأزمة"، ومعتبرة أن "ما يحصل اليوم في سوريا هو إعادة ترتيب وإدارة للأزمة بعد اقتراب نهايتها".

بين حق السلطات السوريّة باعادة ترتيب وضعها تحضيراً لمرحلة الاعمار المقبلة، وبين حقّ ​الحكومة اللبنانية​ بالدفاع عن حقوقها في موضوع النازحين السوريين، تبقى الأيام المقبلة فاصلاً في تحديد مصير ومستقبل هذا القانون.