لم يهدأ الصراع حتى الساعة، بين "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" و"​الحزب الديمقراطي اللبناني​"، على خلفية المشاورات القائمة لتأليف الحكومة، بسبب إصرار الأول على "حقه" في إختيار الوزراء الدروز، نظراً إلى فوزه بـ7 مقاعد نيابية درزية من أصل 8، في حين يتمسك الثاني بـ"حقه" بالتمثل في مجلس الوزراء، على إعتبار أن رئيسه وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال ​طلال أرسلان​ يرأس كتلة "ضمانة الجبل"، التي تضم 4 نواب من قضاءي الشوف وعاليه.

وفي حين لا تزال الحكومة المقبلة تواجه العديد من العراقيل، تعتبر هذه الأزمة من الأبرز، إلى جانب مسألة تمثيل حزب "القوات اللبنانية"، نظراً إلى أن "​التيار الوطني الحر​" يقف إلى جانب مطلب أرسلان، وهو يسعى إلى أن يكون ممثلاً بحقيبة وازنة.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن التشدد في موقف "الإشتراكي" لا يعود فقط إلى الخلافات مع "الديمقراطي"، التي بدأت في مرحلة الحملات الإنتخابية واستمرت بعد إنتهاء الإستحقاق من خلال الإشكال الذي حصل في مدينة الشويفات، بل يشمل أيضاً العلاقة "الملتبسة" مع "التيار الوطني الحر"، نظراً إلى أن الحزب يعتبر أن التيار يريد، عبر النائب أرسلان، خرق البيئة الدرزية، مع العلم أنه في السابق لم يكن يعارض توزير رئيس "الديمقراطي اللبناني"، بالرغم من أن كتلة "اللقاء الديمقراطي" كانت أكبر، كما أنه لم يكن هناك من كتلة نيابية منافسة تمثل منطقة الجبل.

وتشدد هذه المصادر على أن "الإشتراكي" كان منذ البداية يسعى إلى أن يكون هو صاحب القرار في هذه المنطقة، عبر تشكيل لائحة توافقية تضم مختلف الأفرقاء في الإنتخابات النيابية، إلا أن "العقبة" التي منعت ذلك كانت موقف "الوطني الحر"، الذي رفض أن "تمنح" له المقاعد النيابية وفضل خوض معركة إنتخابية، وتضيف: "هو اليوم يريد الإستمرار في المعركة من خلال الإصرار على توزير أرسلان حتى ولو كان ذلك من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون".

وفي حين تؤكد مصادر من "الإشتراكي"، عبر "النشرة"، على إصرار "اللقاء الديمقراطي" على الحصول على 3 وزراء، في حال كانت الحكومة ثلاثينية، توضح أن هذا الأمر يعود إلى النتائج التي أفرزتها الإنتخابات النيابية، معتبرة أن الكتلة النيابية التي يحاول البعض صناعتها في الجبل غير موجودة أصلاً، وتضيف: "3 من أعضاء هذه الكتلة، من أصل 4، ينتمون إلى التيار الوطني الحر، وبالتالي لا يمكن أن يطالبوا بالحصول على مقعد درزي في الحكومة، خصوصاً أنهم لا ينتمون إلى طائفة الموحدين"، رافضة البحث، منذ الآن، في خيار الحصول على وزير مسيحي، مقابل الإستغناء عن آخر درزي، لكنها لم تقفل الباب أمام ذلك، لا سيما أن المطلوب عدم التدخل في "خصوصياتنا".

في المقابل، ترى مصادر "الديمقراطي"، عبر "النشرة"، أن المعركة اليوم هي معركة "إلغاء" أرسلان، لأنه قرر إقامة تحالفاته الخاصة (في إشارة إلى التحالف مع التيار الوطني الحر)، ورفض الدخول بلائحة إئتلافية تعطي الخصم القدرة على الإستمرار في "تضليل" الرأي العام، عبر "الإيحاء" بأنه الأوحد على الساحة الدرزية وفي الجبل، وتضيف: "نتيجة لخياراتنا، يسعى الخصم اليوم لإعادة الجبل إلى ما قبل شهر أيار من العام 2008"، لكنها تؤكد أن "محاولتهم ستفشل ولا أحد بمقدوره تطويقنا بعد اليوم، وإصرارنا على التمثل بحقيبة درزية ثابت ولا رجوع عنه".

في المحصّلة، الصراع القائم اليوم، بين "الإشتراكي" و"الديمقراطي"، على التمثيل الدرزي في الحكومة المقبلة له خلفيات أكبر، متعلقة، بشكل أساسي، بالصراع القائم على التوازن في البلاد، وبغياب "الكيمياء" بين "الإشتراكي" و"الوطني الحر" بالدرجة الأولى.