برق ورعد ورياح، درجات حرارة أقل من معدلاتها السنوية وأمطار وسيول جارفة شهدها شهر أيار الماضي، وكأن الشتاء يصارع الربيع على مشارف الصيف، لا يريد الرحيل بعد شعوره بالتقصير في ​لبنان​ العام الماضي.

على مدى 30 عاما بلغت معدلات تساقط ​الأمطار​ في ​بيروت​ خلال شهر أيار 20 ملم، فكانت تصل احيانا الى 40 ملم وأحيانا لا تتخطى الصفر، ولكنها هذا العام ارتفعت الى 60 ملم في العاصمة اللبنانية. واللافت أيضا هذه السنة أن معدل تساقط الأمطار في شهري نيسان وأيار كان أعلى منه في شباط وآذار في عدد من المناطق اللبنانية.

يتحرك الهواء البارد من ​أوروبا​ باتجاه المنطقة التي يتواجد فيها لبنان، مع الاشارة الى أن الصور الجوية في أوروبا تُظهر سيطرة الغيوم والأمطار والبرق والرعد على القارة العجوز، يقول رئيس دائرة التقديرات في ​مصلحة الارصاد الجوية​ في ​مطار بيروت الدولي​ ​عبد الرحمن زواوي​، مشيرا الى الهواء البارد الموجود في الطبقة العليا، يصطدم بالهواء الدافىء الموجود على الارض والقادم من منطقة ​الشرق الأوسط​، فيؤدي الى حصول التغيرات المناخية التي نعيشها.

ويضيف زواوي في حديث لـ"النشرة": "إن الفرق الطبقي بين الهوائين البارد والدافىء يسبب تراكما للغيوم الرعدية الحاملة للأمطار"، مشددا على أن نجاح هذه العملية الجوية يعتمد على شرطين: الأول هو أن يكون الفرق الحراري بين سطح الأرض والطبقة الجوية الموجودة على ارتفاع 12 كلم هو 30 درجة على الأقل. اما الشرط الثاني فهو توافر الرطوبة اللازمة لتساقط الأمطار.

منذ أيام أمطرت السماء بشكل كثيف في منطقة ​كورنيش المزرعة​ في بيروت، ولكنها لم تمطر أي قطرة في منطقة ​بشارة الخوري​ التي تبعد عن الأولى أقل من 2 كيلو متر تقريبا، وهذا الأمر شهده اللبنانيون في أكثر من منطقة تساقطت عليها الأمطار بشكل متفاوت، والسبب بحسب زواوي يعود الى التفاوت البسيط ب​درجات الحرارة​ لان أي تغيير فيها بين الطبقة الارضية والطبقة العالية يؤدي لتبدّل في ​الطقس​.

ويلفت زواوي النظر الى أن الخيرات التي تقصد لبنان من اوروبا في شهر ايار كانت لتغير واقع الشتاء المؤلم الذي مر علينا بحال كان قدومها في فصل الشتاء، مشيرا الى أن حظ لبنان قليل في هذا السياق، كاشفا أن الأمطار لم تنته مع انتهاء أيار اذ من المتوقع أن تشهد المناطق الدخلية أمطارا متفرقة في الساعات المقبلة، كما في الأسبوع المقبل.

يشهد لبنان الخميس المقبل مرتفعا جويا حارا يستمر حتى نهار الأحد، وفيه سترتفع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية وستصل الى حدود الـ 32 درجة، بينما معدلاتها في شهر حزيران تبلغ 30 درجة مئوية، ولكن الطقس الجاف والحار لن يستمر سوى اربعة أيام، حيث من المتوقع أن يشهد لبنان بعدها منخفضا جويا ربيعيا جديدا يحمل بعض ​الامطار​ المتفرقة وانخفاضا بسيطا بدرجات الحرارة، الأمر الذي سيتيح للبنانيين أن "يعيّدوا" بطقس معتدل.

بلغت كمية المتساقطات في بيروت حتى نهاية شهر أيار 512.5 ملم، بينما بلغت 630.2 ملم في الموسم الماضي، في ​بيصور​ بلغت 552.4 ملم بينما كانت 635.4 الموسم الماضي، وفي ​قرطبا​ كانت 1005.3، وأصبحت 897.5 هذا الموسم، ما يدل بوضوح أن الشتاء الأخير لن يكون من ضمن الفصول التي قد يتذكرها اللبنانيون في المستقبل.