الفشل المدوي لسياسة الهيمنة الأميركية وسقوط الأحادية القطبية،بحسب معطيات قمة ​سنغافورة​ ، والاعتراف بأن زمن هذه الأحادية قد ولى، لاسيما وأن ​كوريا​ الديمقراطية تستند إلى تحالف دولي قوي بقيادة ​روسيا​ و​الصين​ يقاوم نظام الهيمنة الأميركي ويعمل على بناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب يحترم القوانين والمواثيق الدولية. ولهذا فإن كيم أون يلتقي ترامب من موقع القوة وليس الضعف، وهو الأمر الذي دفع مرشحة ​الرئاسة الأميركية​ ​هيلاري كلينتون​ إلى التحذير من العواقب السلبية لإجراء مباحثات مع ​بيونغ يانغ​، مشيرة إلى خطأ التعويل على وقوف المجتمع الدولي إلى جانب ترامب في مجال اتخاذ خطوات ملموسة للضغط على بيونغ يانغ لنزع أسلحتها النووية، في حين أن هذا الأمر غير منطقي لأن للأخيرة علاقات مميزة مع دول عظمى.

رابعاً: إن الرئيس الأميركي سيكون ساذجاً إذا اعتقد أن مجرد اجتماعه مع نظيره الكوري الشمالي والإعلان عن وثيقة مشتركة لا تعدو كونها خريطة طريق لمفاوضات طويلة، سوف يقنع كيم أون ويدفعه للتخلي عن سلاحه النووي من دون أن يرتبط ذلك بحصوله على ضمانات دولية كافية وقوية تضمن له عدم تراجع أميركا عن الاتفاق والعودة إلى التفكير بش الحرب ضد كوريا، وكذلك الحصول على مكاسب اقتصادية ضخمة تشمل إنهاء كامل للحصار والعقوبات الدولية وغيرها من الأمور الهامة على صعيد العلاقات الدولية، فالرئيس الكوري الذي أرغم ترامب على الجلوس معه، ليس من النوع الذي يتخلى ببساطة عن سلاحه النووي وهو الذي أكد أكثر من مرة أن كوريا الديمقراطية لو لم تكن تملك هذا السلاح لكانت قد واجهت مصيرا مماثلا لمصير العراق و​ليبيا​، ما يعني أن أون يدرك جيدا عناصر قوته، ولهذا لن يفرط بسلاحه النووي إلا إذا حصل على أثمان كبيرة وضمانات دولية تكون روسية وصينية بالدرجة الأولى لضمان التزام ​واشنطن​ بتنفيذ أي اتفاق وعدم الانسحاب منه والانقلاب عليه كما حصل في ​الاتفاق النووي​ مع ​إيران​، وعدم التفكير بالاعتداء على كوريا في يوم من الأيام لأن ذلك سيقود إلى حرب عالمية لا يرغب أحد بالذهاب إليها.

خامسا: هذه الانعطافة في الموقف الأميركي هل تقود إلى اتفاق سلام شامل، أم تبقى في إطار المناورة وسعي واشنطن إلى الخروج من مأزق عجزها في مواجهة بيونغ يانغ؟

الواضح أننا سنكون أمام مفاوضات شاقة وطويلة تقود بالضرورة إلى سيادة مناخات انفراج في شبه ​الجزيرة​ الكورية وتحسن ملموس في العلاقة بين الكوريتين، وهو أمر سينتج وقائع جديدة لصالح كوريا الديمقراطية.

على أن المفاوضات سوف ينتج عنها واحد من احتمالين:

الاحتمال الأول: أن تؤدي المفاوضات إلى التوصل لاتفاق شامل يقضي بنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، طبعا مع احتفاظ بيونغ يانغ ببرنامجها النووي للأغراض السلمية، مقابل حصولها على ما تريد من مكاسب وضمانات واحترام لسيادتها واستقلالها.

الاحتمال الثاني: أن ترفض واشنطن الاستجابة لمطالب بيونغ يانغ وبالتالي تتحمل مسؤولية فشل المفاوضات وعدم إيجاد تسوية عادلة للنزاع الطويل، لكن هذا الاحتمال لن يؤدي إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل انعقاد القمة وبدء مسار المفاوضات