اعتبر رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق ​وديع الخازن​ أن العملية الإرهابيّة التي قام بها إرهابي أُفرِجَ عنه من سجن رومية، والتي أدّت إلى إستشهاد أربعة عسكريين من الجيش وقوى الأمن، ليست منفردة كما يُخَيّل إلى البعض، نظرًا لواقع حال هذا المجرم الآثم المعدم ليحصل على مال وسلاح وخطّة غادرة من هذا النوع، لافتا الى انه ليس الأمر بمُستَبعَد بأن تكون محاولة لزعزعة الثقة بالإستقرار الأمني الذي تنعم به البلاد وبالموسم السياحي الواعد، مرجّحا أن يكون اللغط القائم حول الأجهزة صرف الأنظار عن التنسيق المُحكَم القائم بين أجهزة الأمن مِمّا أتاح هذا الخرق الذي اعتبره محدودًا.

ورأى الخازن في حديث لـ"النشرة" أن زج الأجهزة الأمنية بالسجالات السياسية أفقدها جزءًا من التركيز فيما بينها، إلاّ أنه لم ينل من مناعتها، لافتا الى ان وحدة الشهادة الأخيرة أثبتت، بلا أدنى شك، عودة عصب التنسيق واليقظة إلى ما يُحاك في الخفاء لصرف الأنظار عمّا يدبّر لدول المنطقة من مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية بعدما إتّسعت دائرة الإضطرابات لتصل إلى محيط مصر من الجهتين الليبية و​السودان​ية". وقال: "المخاض الذي نشهده اليوم يتعلّق بترتيبات متّصلة بالصراع الأكبر الدائر حول إيران في أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو يتّسم بإستعراض دنو حرب مُرتَقَبة فيما هو تمهيد لمواجهة تفاوضية متوَقّعَة بين أميركا وإيران".

وتمنى الخازن على القوى السياسية المختلفة على "جنس الملائكة" الإقلاع عن نبش دفاتر الماضي ونكء الجراح من أي طرف ولاسيما على الساحة المسيحيّة، "فمنذ التسعينات، كان لنا صولات وجولات لجمع الكلمة بين الأحزاب والقوى المسيحيّة لما لذلك من مردود وطني، بعدما تمّ تفاهم معراب وباركناه لأنّنا مع وحدة الصف المسيحي والوطني، وخصوصًا في هذه الظروف المفصلية التي تمر بها المنطقة والعالم إضافةً إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي نعيشها يوميًّا ونواكبها مع الناس المثقلين بالهموم والصعوبات، لذلك العودة إلى لغة الحرب مرفوضة ولا نقبلها، وقد آن الآوان أن نقلع عن كل ما يذكرنا بتلك الحقبة السوداء من تاريخ لبنان".

وتطرق الخازن لموضوع الموازنة، فاستبعد أن تكون هناك تغييرات مهمّة ستطرأ عليها في مجلس النواب، متوقعا التخفيف من المسّ بحقوق العسكريين وما يرهق كاهل المواطنين من غلاء معيشي. وقال: "رغم كل المحاولات اليائسة لسدّ الثقوب الكبيرة في فرض الضرائب على مزاريب الهدر الموصوفة، إلاّ أن الموازنة ظلّت في حدود متواضعة لا تَرقى إلى طابع إصلاحي حقيقي، ويمكن أن تُعثّر تنفيذ مقرّرات مؤتمر ""سيدر" الأخير، فضلاً عن التقرير الأخير الذي أعلنت فيه وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أنّ خطة مسودة الميزانية اللبنانية لعام 2019، والتي تهدف إلى معالجة الوضع المالي الصعب من خلال خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات وإعادة تمويل أذون خزانة، لن تحدث تغييراً كبيراً على الأرجح في مسار ديون البلاد".

ورأى الخازن أنه لا يسع المجلس النيابي بتمثيله الحكومي أن يزايد على أفرقائه في الحكومة، ولو إتّصفت مناقشاته بالحدّة، بعدما أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري على جهوزية البرلمان ليتحول إلى ورشة بكل معنى الكلمة لإنجاز مشروع الموازنة في لجنة المال في أقل وقت ممكن لا يتعدى الشهر من خلال جلسات مكثفة تعقد نهارا ومساء وبشكل يومي إذا إقتضى الأمر، وأضاف: "ساعتئذ يمكن للحكومة أن تتوقف عن الصرف على القاعدة الاثني عشرية لفترة قصيرة وبعدها تعود إلى الصرف القانوني في ظل الموازنة الجديدة".

وردا على سؤال عن ملفّ النزوح بعد الحادثة الأخيرة التي شهدتها منطقة دير الأحمر، أشار الخازن الى أن تهجّم بعض الأفراد من مخيّم للنازحين على مركبة إطفاء للدفاع المدني والإعتداء على السائق وتحطيم الشاحنة، قد أثار موضوع النزوح السوري لطرحه على مجلس الوزراء بأسرع وقت ليصبح مادّة صالحة لترتيب أوضاعهم ودرس خطة جدّية للعودة الى المهمّة التي نجح مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم في إجلاء قسم غير قليل من النازحين بالتعاون مع السلطات السورية المختصة. وقال: "من الضروري بمكان إيجاد حلّ مستدام لهذه القضية، ووضع آليّة تميّز النازحين من العاملين والمعارضين غير القادرين على العودة، من الموالين الّذين يذهبون إلى سوريا ويعودون إلى لبنان بشكل دوري" بحسب ما جاء على لسان مستشارة وزير الخارجية لشؤون النازحين علا بطرس.

وختم: "في ظني أنّ حل العودة يتطلّب مرونة في المواقف المتصلّبة من التنسيق بين الجانب اللبناني الرسمي والسوري، لأن لا أمل في إندفاعة خارجية في هذا السبيل برغم المحاولة الروسية التي بقيت محدودة الأثر كونها لم تلقَ التجاوب الكامل واللازم من الجانب الأوروبي".