قد يستخلص أي مراقب للتطورات الأخيرة في المنطقة كما للتصريحات الأميركية والايرانية ولتلك الصادرة عن حلفاء الطرفين أن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية وحرب كبيرة قد يصل لحدود الـ50%، علما انّ من يشيّع جوّ الحرب هو المحور الاميركي ومن يستبعدها هو المحور الايراني. الا أن بعض التدقيق في المعطيات الراهنة وبخاصة بعد حادثة اسقاط الطائرة المسيرة الأميركية من قبل ​طهران​، يوحي بأن التوجه هو لابقاء الوضع على حماوته من دون أن يتطور لحرب ومن دون أن تنجح كل المساعي المبذولة للتبريد بجر الطرفين الى طاولة مفاوضات تسبق انتهاء ولاية الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​.

وفيما يرجّح العميد المتقاعد المقرب من ​حزب الله​ ​أمين حطيط​ أن تستمر ​السياسة​ الاميركية القائمة على الحرب الاقتصاديّة المدعومة بحرب نفسيّة بمحاولة لاقتياد ايران الى طاولة المفاوضات بشروط واشنطن مستبعدا اندلاع حرب كبيرة في المنطقة، يعتبر رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري-إنيغما» ​رياض قهوجي​ أنه طالما طهران تعتمد أساليب عسكريّة بالرد على العقوبات الأميركيّة فان خطر اندلاع الحرب يبقى قائما، مضيفا: "التطورات في الايام القليلة الماضية تؤكد أن الطرف الذي يخوض مغامرات عسكريّة تستدرج ردا عسكريا هو الطرف الايراني. وبالتالي استمرار طهران باستخدام الاساليب العنيفة العسكرية في التعامل مع العقوبات يبقي خطر الحرب قائما جدا".

من جهته، يؤكد حطيط أن ايران تسعى لتبريد الأجواء تماما كترامب لكن الفريق "ب" في ​الادارة الأميركية​ هو الذي يسعى للتسخين والحرب، لافتا الى ان "طهران مقتنعة حاليا بأن هذه فرصتها لاثبات وجودها في ميدان القوّة الاقليميّة والدوليّة وبالتالي لن تسمح بليّ ذراعها من خلال الخضوع للشروط الاميركية، في المقابل، فان واشنطن تدرك تماما أن ايّ حرب تبدأها لن تكون محدودة الأفق وستؤدي لتضرر مصالحها في أكثر من مكان كما مصالح حلفائها في المنطقة، ما يؤدي لخلاصات مفادها ان أميركا لن تبادر بشنّ حرب في حين ان ايران لن تسكت عن اي انتهاك، ولعل تجربة الطائرة المسيّرة الاميركيّة اكبر دليل"، مضيفا: "ان طهران لن تذهب الى اية مفاوضات قبل عودة ترامب الى ​الاتفاق النووي​ والغاء جزء من العقوبات، وقد كان الامام ​علي خامنئي​ واضحا تماما في هذا المجال حين حوّل موقفه أخيرا في هذا المجال من سياسي الى عقائدي".

وبالرغم من كل التطمينات التي يشيعها البعض لجهة ان هناك حرص دولي على ابقاء ​لبنان​ خارج منطقة النزاع في حال اندلعت المواجهات، فان قهوجي يعتبر أن "تحييد لبنان لا يتمّ بقرار دولي انما بقرار من المحور الايراني ومن حزب الله باعتبار أنّ الجهّة الوحيدة التي أعلنت عن استعدادها الدخول بحرب اذا هوجمت ايران، هو حزب الله، الذي كان ولا يزال صاحب قرار الحرب والسلم في لبنان".

فالى ماذا تنتهي عملية شدّ الحبال المحتدمة في المنطقة؟ وهل تتضح الصورة أكثر مع انتهاء الشهر الجاري أم تبقى ضبابيّة حامية طوال أشهر الصيف المقبلة؟.