في خضم هذه المرحلة المفصلية وبعد المراوحة أشهراً بالموازنة مع الدخول بأدق التفاصيل المرة وعدم تلبية التخفيضات المطلوبة من ​الدول المانحة​ لـ "سيدر"، صدر تقريران لوكالتي "فيتش" و"موديز" قاسيان رأيت من واجبي المهني ان أجد طمأنة الناس بإعطاء ولو جرعة من الأمل بالمجال المالي في البلد.

لم أفكر بأكثر من شخص سبق وأخذت منه تحليله الثاقب ان الأمور ولو كانت ضاغطة وغير مبالية من ناحية إسترداد المال المنهوب، انما في مطلع السنة وبمجرد ان تأتي شركات عالمية تحفر في بلوكات بحرنا ويطلع بعد كم شهر من التنقيب انهم وصلوا الى الغاز، يكفي هذا التقرير ان تُقلب الموازين ونبدأ بالتنقيب حتى لسداد الديون المتراكمة، وهذه أكبر صدمة إيجابية للبلد.

هذا المصرفي المفعم بدراسة الاقتصاد هو رئيس مجلس ادارة ​بنك الموارد​ "​مروان خير الدين​ الذي وضع أصبعه على جرح الموازنة" في هذه الزاوية بتاريخ 13 حزيران الجاري.

***

اليوم وبعد ان صُدمنا بهجمة التقارير التي تُحبط أمة بأسرها في تقريري "فيتش" و"موديز" لم أتوانَ مرة أخرى عن "اسعافات أولية سريعة" بأن أتصل بمصرفي شريك بالاخلاق وبالروح العائلية وخاصة بعصاميته ومثابرته بنهاره وليله حتى أوصل مصرفه الى المرتبة الأولى من النجاح.

هذا المصرفي الصديق يرفض رفضاً قاطعاً ان يخدش أحدٌ تواضعه بالكتابة عنه.

هذا ​الانسان​ محطّ ثقة يهمس ولا يتكلم، مشحون بالمصداقية، كلامُه عندي فعلُ ايمان من الحقيقة وليس إصطناعياً، عن الوضعين النقدي والمالي في ​لبنان​ فيكشف لي المعطيات التالية:

هناك قرار دولي كبير سيدتي بعدم السماح بإنهيار لبنان، وهذا القرار ليس كلامًا نظريًا وتنظيريًا، بل هو مرتبط بجملة من الإجراءات ستتخذها الدول لحماية لبنان وتحصينه .

***

أموال "سيدر" سيدتي ستأتي بالتزامن مع إقرار الموازنة العامة للعام 2019 في ​مجلس النواب​، لكن يجب التنبّه إلى الآلية التالية:

هذه الأموال طبعاً هي قروض، مشروط إعطاؤها بأن تكون الجهة المُقرِضة هي المسؤولة عن الصرف على هذا القطاع أو ذاك، وهذا الإجراء إتخذته الدول المانحة لأنها تعرف كيف تلجم الفساد الذي أوصل البلاد الى هذا الوضع الأليم.

ثم أضاف مؤكداً ان ​القروض​ ليست لسنة واحدة، فهي مُوزَّعة على عدة سنوات، لذا فإن التعويل على ان يأتي قرض العشرة مليارات دولار في سنة واحدة، هو تعويلٌ في غير محله إطلاقاً.

كذلك إن قروض "سيدر" ليست لأطفاء الدَيْن بل لتحريك المشاريع ولا سيما منها مشاريع ​البنى التحتية​ تحت إشراف كلّي للدول المانحة.

***

القصة الكبرى التي توقف عندها شريك الأخلاق والنجاح هي قصة الـ 11 ألف مليار ليرة التي تطلبها ​وزارة المال​ية. .

المصارف الخاصة ومصرفه تجزم بأن هذا المبلغ لن يكون منها للاسباب التالية:

الأموال هي أموال المودعين لا أموال مصرف لبنان أو وزارة المال ليتصرفا بها وفق ما يتمنيان.

المصارف بأسرها ومصرفه لديها مجالس إدارات ومساهمون، وأي قرار يُفترض ان تتخذه يجب أن تعود فيه إلى مجالس إداراتها وإلى المساهمين فيها، وهؤلاء لا يمكن لأحد أن يفرض عليهم شيئًا بل يتخذون قراراتهم وفق قناعاتهم ووفق مصالح مودعيهم ومصالح مساهميهم، أولا وأخيراً هُم مؤتمنون على الودائع ليحافظوا عليها ويحققوا أرباحًا للمودعين وفق القوانين المرعية الإجراء، وأي مغامرة غير محسوبة قد تؤدي إلى التفريط بأموال المودعين وحقوق المساهمين وهذا من سابع المستحيلات على حد قوله. .

هذا الموضوع لا علاقة له بالعواطف الجياشة والوطنيات وغيرها من الأمور بل له علاقة بحفظ الأمانات، وهذه الميزة هي من المقدسات التي يتمسك بها كسائر المصارف الناجحة. .

***

أخيراً أضاف "بتقنية الدماثة" المعهود بها ودون لف ودوران ان الجهدَ يجب ان تقوم به إدارات الدولة التي تدير الأوضاع، فعليها تقع مسؤولية توفير الأموال والقروض، وما عدا ذلك هو التفتيش بالمكان الخطأ وإضاعة فرص تحديث الادارات..

أما ​المصارف اللبنانية​ فهي التي تتولى حماية البلد، وكذلك حماية كل فرد أودع جنى عمره في مصرف يثق به.

***

بعد هذا التقييم الصادق الرؤيوي: وجدنا ثلاثية، منها القديم ومنها الجديد، تبعث على الأمل، هي ثلاثية من نوع آخر لأنها توفر الحصانة لحاضر البلد ومستقبله. الثلاثية هي :

المصارف وغاز البحر والقطاع الخاص .

وحين نتحدث عن غاز البحر فإننا نعوِّل على ما يمكن أن يشهده لبنان إعتبارًا من آخر السنة ومطلع السنة الجديدة .

ويكفي ان يصدر تقرير من شركة عالمية بعد التنقيب: ظهر الغاز في بلوك كذا...

وحين نتحدث عن القطاع الخاص فلأننا نعرف أن هذا القطاع هو الذي يقوم عليه البلد، وهو المنتج ونجاحه هو من نجاح آلاف اللبنانيين في أقاصي العالم.

***

شكرا شريك الاخلاق ببلدٍ ليس بحاجة إلاّ للأخلاق.