يصر الحزب الديمقراطي ال​لبنان​ي على تحويل ملفّ ما حصل في قبرشمون الأحد الماضي، بالتزامن مع زيارة رئيس التيار الوطني الحر ​جبران باسيل​ الى المنطقة، الى ​المجلس العدلي​، وإلقاء القبض على المتورطين بإطلاق النار على وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​، ويبدو ان التيار الوطني الحر وتكتل "لبنان القوي" يقف الى جانب ارسلان في طلبه، وهو مستعد لدعمه بشتى الوسائل، الأمر الذي يوحي بأنّ الساحة اللبنانية مفتوحة على كثير من الاحتمالات.

من حيث المبدأ، نجح باسيل في توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، الذي كان يفضّل ألاّ يتم النقاش في هذا الملف في جلسة الحكومة والتي "كادت" ان تُعقد في السراي برئاسته، ومفادها بأنه يملك القدرة على تعطيل إنعقاد جلسات الحكومة، في حال لم يكن موافقاً على جدول أعمالها، الأمر الذي قد يعيد فتح ملفّ صلاحيّات رئيس الحكومة من جديد.

إنطلاقاً من هذا الواقع، نجح رئيس "التيار الوطني الحر" في إبراز "عضلاته حكوميا"، وتوجيه رسالتين في وقت واحد، الأولى إلى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ​وليد جنبلاط​، بأنّ ما حصل في "الجبل" لن يمر مرور الكرام ولن ينتهي بجلوس الجميع على طاولة الحكومة، أما الثانية فهي للحريري بأنّه على الأقلّ يملك حق "النقض" الذي يستطيع أن يرفعه بوجهه في أيّ لحظة، الأمر الذي لم يكن يتمنّى أن يظهر في هذا الشكل، لا سيما أن المعالجة تمت بعد ساعتين من موعد إنطلاق جلسة مجلس الوزراء.

كذلك تكشف مصادر متابعة عبر "النشرة" أن باسيل بعد توجيهه الرسالة الحكوميّة، اتفق مع الحريري على أن يُرسل وزراء التكتل لاكتمال النصاب، على أن يقوم الحريري بنفسه بإلغاء الجلسة والتحدّث عن اهميّة التهدئة وتنفيس الاحتقان، وتسليم المتّهمين الى القضاء، وذلك لحفظ ماء وجهه حكوميا، مشيرة الى أنّ ما حصل بالسراي بعد انعدام النصاب لساعتين ثم تامينه ثم خطاب الحريري، كانَ مشهدا تمثيليًّا متفقا عليه، اذ لم يتم الاتفاق بعد على ملف حادثة قبرشمون، والأمر بحاجة الى مداولات سياسيّة، وامنيّة يتولاّها مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي دخل على الخط وحقق تقدما ملحوظا لتسليم مطلوبين من ​الحزب التقدمي الاشتراكي​.

وتكشف المصادر أنّ التسوية التي يعمل عليها ابراهيم والتي تُعتبر الأقرب للنجاح، تقوم على تسليم المطلوبين مقابل عدم إحالة الملفّ إلى المجلس العدلي، مشيرةً الى وجود بوادر إيجابية بشأنها مصدرها قصر المختارة، اكّدها الموقف الذي أدلى به رئيس لحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لناحية التعزية بالضحايا والإشادة بدور الجيش والمخابرات، بعد أن كان الاشتراكي قد انتقد هذا الدور سابقا.

تعلم مصادر رئيس الحكومة صعوبة المرحلة، وتتحدث عن محاولات حثيثة يقوم بها الحريري لحفظ الحكومة والبلد ومنعه من السقوط، مشدّدة في نفس الوقت على أنّ الحريري يتحمل ما لا يتحمّله أحد في سبيل هذه الحكومة، ولكن هذا لا يعني ضعفه، بل على العكس تماما.

على أبواب الصيف وموسم السياحة، حصلت حادثة الجبل، فهل يتخطّى لبنان "القطوع" الحالي أم أن آمالنا بصيف واعد ستتبخر؟، وهل تنجح التسوية فنثبت مرة جديدة اننا "بلد التسويات"؟.