في ظلّ المشهد السياسي اللبناني المتخبّط بعد حادثة ​قبرشمون​، وفي ظلّ الحراك الذي يقوم به رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ للملمة ذيول ما جرى في ​عاليه​ بعد مقتل مرافقي وزير شؤون النازحين ​صالح الغريب​ من أجل اعادة تحريك عجلة ​الحكومة​، يبرز في الأفق نوع من التقارب بين "​التيار الوطني الحر​" وحركة "أمل" تُرجم مؤخراً وبشكل واضح بإطلالة لوزير المال ​علي حسن خليل​ عبر قناة "otv"، تلاها مقابلة لوزير الخارجية ​جبران باسيل​ عبر "NBN" وهذا ما لم يحدث في السابق. في المشهد العام لا يجب أن يكون هذا الأمر مستغربا او يستحق التوقف عنده، ولكن من يراجع تاريخ العلاقة بين الجهتين يدرك أن أمراً ما يدور في الأفق، فما الذي يحصل فعلياً؟.

في الأمس القريب سُرّب فيديو لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وصف فيه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ "بالبلطجي" يومها قامت الدنيا ولم تقعد. اليوم إنقلب المشهد رأساً على عقب وتشهد الساحة اللبنانية غزلاً إذا لم نقل تقارباً بين "التيار الوطني الحر" و"أمل"، وهو ليس وليد الساعة بل بدأ منذ مدّة وتحديدا منذ ​تشكيل الحكومة​ على حدّ وصف مصادر متابعة عبر "​النشرة​"، لافتةً الى أن "هذا التقارب مستمر حتى اليوم وحركة التعاون بين الجهتين مستمرة على عدّة مستويات وبعدة مظاهر، هذا غير التعاون بتصريف شؤون الدولة".

"المتغيّر الوحيد والأساسي في العلاقة بين "التيار الوطني الحرّ" و"​حركة أمل​" حالياً هو بدء حوار معيّن بين الطرفين على خلفية موضوع بناء ​الدولة المدنية​ وموضوع إذا ما كان النظام الحالي قابلاً للحياة". هكذا تختصر المصادر المشهد، مشيرةً في نفس الوقت الى أنه "ورغم ذلك فإن بدء هكذا حوار لا يعني أن الفريقين توصلا الى قواسم مشتركة، ولكن يمكن اعتبار أن "التيار الوطني الحرّ" في مرحلة بناء شراكة مع حركة "أمل" تتركز حول البناء التدريجي للدولة".

وتضيف المصادر: "باسيل في مقابلته الأخيرة، تطرق إلى العديد من المواضيع، وفي موضوع التقارب مع حركة "أمل"، قالها صراحةً بأننا مستعدون للشراكة حول بناء الدولة، وتجمعنا مع "أمل" ثوابت تتركز على اننا لا نسعى الى دولة فيها "فيتوات" سياسيّة كما أننا لا نريد دولة مقسمة أو مشرذمة"، معتبرة أيضاً أن "ليس من المستغرب التقارب بين الجهتين، فلدى "التيار" و"أمل" تفاهم حول مسألة التصدّي ل​إسرائيل​، والأهمّ من هذا كلّه أن لديهما مقاربة أصبحت متشابهة بموضوع استخراج ​النفط​ وآلية التعامل مع مسألة ​ترسيم الحدود​، وهذا ما ظهر في تقارب وجهات النظر في كل اللقاءات مع مُساعد وزير الخارجية الأميركي ​ديفيد ساترفيلد​".

بعد كلّ هذا الكلام، يبقى السؤال: "هل يختتم الحوار بين "الوطني الحر" و"أمل" بتفاهم أو اعلان نوايا ربما لن ينهي مرحلة طويلة من الاختلاف أو الخلاف، لكنه على الاقل قد يساعد في تهدئة الشارعين كمقدمة للتعاون في أمور الدولة؟!.