مرة جديدة تعود أزمة ​المحروقات​ في ​لبنان​ إلى الواجهة من جديد، مع إعلان ممثّل شركات موزّعي المحروقات ​فادي أبو شقرا​ إضراباً عاماً في قطاع ​النفط​ غداً الأربعاء.

المشكلة اليوم، تكمن بأن الشركات المستوردة للمشتقات النفطية تبيع المحروقات إلى شركات التوزيع وتالياً إلى المحطات بالدولار الأميركي، بينما الأخيرة تستوفي ثمنه من المواطنين غالباً بالليرة اللبنانية وفق تسعيرة وزارة الطاقة، في حين يواجه أصحاب المحطات أزمة في تأمين المبالغ المدفوعة بالدولار، على أساس السعر الرسمي المحدّد من قبل ​مصرف لبنان​.

في هذا السياق، يؤكد ابو شقرا أن كل المفاوضات والاجتماعات التي حصلت بالأيام الماضية مع ممثلي الدولة اللبنانية لحل مشكلتهم المتمثلة بمطالبتهم من قبل الشركات المستوردة للمحروقات الدفع بالعملة الأجنبية، قد فشلت، مشددا على أن الإضراب في الغد يأتي في هذا السياق.

على الرغم من ذلك، لا يبدو أن الإضراب غداً سيكون نقطة النهاية، فأبو شقرا يهدّد بأنّه في حال لم تستجب الدولة قد يتم إتخاذ قرار بالإضراب المفتوح، نظراً لعدم القدرة على الإستمرار بالوضع القائم اليوم، وبالتالي على الدولة أن تتحمل المسؤولية.

من جانبها، تؤكد مصادر في تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان، عبر "النشرة"، أن المشكلة هي في عدم توفر الدولار في السوق، في حين أن مصرف لبنان يحدد التسعيرة مقابل الدولار الأميركي ولا يلتزم بها قطاع الصيرفة، وتشير إلى أن جميع العاملين في هذا القطاع يواجهون صعوبة في تأمين الدولار، حيث أن المصارف تتحجّج بعدم وجود كميات كبيرة، بينما السعر لدى الصيارفة مختلف عن السعر الرسمي.

من وجهة نظر هذه المصادر، فإنّ الحل يجب أن يكون من ​وزارة الطاقة والمياه​ ومصرف لبنان، نظراً إلى أن الدولة هي من تسعّر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وذلك عبر إلزام محال الصيارفة باعتماد التسعيرة الرسمية، وتؤكد على وجود إتصالات للوصول إلى حلّ على هذا الصعيد، لكن حتى الآن لم يتم تقديم أيّ صيغة واضحة، بالرغم من أن المعنيين يبدون تفهماً لهذه المشكلة.

من جهتها، تؤكد مصادر في وزارة الطاقة والمياه، عبر "النشرة"، أن الوزارة مهتمة كما يجب في هذا الملف، وتنفي عدم اهتمامها، وتشير الى أن الوزيرة ندى البستاني تتعاطى بكل جدّية مع الموضوع وقد طرحته مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ للوصول الى حلول.

وعلمت "النشرة" أن البستاني عرضت اليوم في مجلس الوزراء مسألة العقبات التي تعترض الشركات المستوردة للنفط عند اجراء تحويلات من الليرة اللبنانية الى الدولار، بعدما كانت قد أرسلت كتاباً في هذا المجال الى رئيس الحكومة في 20 آب الفائت، والذي حصلت "النشرة" على نسخة منه، وفيه طلبت وزيرة الطاقة من الحريري العمل على حل هذه العقبات، وتمّ الاتفاق خلال الجلسة على أن يتابع رئيس الحكومة ووزير المال الموضوع مع حاكم مصرف لبنان.

في جميع الأحوال، يبدو أن المواطن اللبناني هو من سيدفع الثمن دائماً، حيث من المتوقّع أن تصطفّ مئات السّيارات أمام محطّات المحروقات للتزود بالوقود قبل بداية الإضراب، في حين أن جشع البعض يدفعه إلى الإستمرار في لعبة الليرة والدولار، غير آبه بالتداعيات التي قد تترتب على الإقتصاد الوطني، بالرغم من كل التحذيرات التي تصدر عن المعنيين، مع العلم أنه في وقت الأزمات من المفترض أن يتكاتف الجميع لحماية الإقتصاد والعملة الوطنية.

في المحصّلة، هذه الأزمة باتت تحتاج إلى حلّ سريع، لا يكون على حساب فئة دون أخرى، وحتماً لا يجب أن يكون على حساب المواطن اللبناني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلّق بالأسباب التي تدفع محلات الصيارفة إلى عدم الإلتزام بالسعر الرسمي، ولماذا لا تُتخذ إجراءات رسمية صارمة على هذا الصعيد على غرار ما حصل مع أصحاب المولّدات؟.