في الاسابيع الماضية، كان السؤال الوحيد الذي يُطرح على الساحة المحلية يتعلق بمدى متانة ​التسوية الرئاسية​، بين ​التيار الوطني الحر​ و​تيار المستقبل​، في ظل الضربات التي تتعرض لها، داخلياً وخارجياً، بهدف إسقاطها، لكن على ما يبدو فإن فريقي هذه التسوية متمسكان بها إلى أبعد الحدود، لا سيما أن تداعيات أي إنتكاسة ستكون سلبية عليهما معاً.

قبل أيام، كان الحديث عن إستهداف ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ واضحاً، وهو ما أكدته الكثير من المؤشرات، لكن على ما يبدو هناك من قرر تحويل البوصلة نحو رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​، على قاعدة أن "ضرب" أحدهما سيصيب الآخر.

في هذا السياق، تكشف مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن هناك قناعة تامة، في أوساط "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل"، بأنّ ما يحصل ليس بريئاً بأيّ شكل من الأشكال، وبالتالي هناك من يقف خلفه ويسعى إلى الترويج له على نطاق واسع، الأمر الذي من المفترض متابعته حتى النهاية.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ الهدف من وراء كل ذلك هو الضغط على الأوضاع المحليّة، نظراً إلى وجود من لا يريد الحفاظ على حالة الإستقرار التي نتجت عن التسوية الرئاسيّة، وتشدّد على أنّ المتضررين كثر، سواء كانوا من القوى المحلية أو الخارجيّة، وتضيف: "هل يمكن فصل كل ما يحصل عن ضخّ المعلومات بالأيام الماضية عن الرغبة في إسقاط الحكومة الحالية".

من وجهة نظر المصادر نفسها، السؤال الدائم عن مصير الحكومة يستهدف بشكل مباشر التسوية الرئاسيّة، التي أرست معادلة ميشال عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للحكومة، وتستغرب سعي البعض إلى إستهدافها في الوقت الراهن، في حين أن المطلوب تحصينها لأنّها الوحيدة القادرة على منع تفاقم الأزمة، مشيرة الى أنّ المطالبين بإسقاط الحكومة يعلمون بأنّها قد تكون الاخيرة في العهد الرئاسي، لأنّ لا المعطيات المحليّة ولا الاقليميّة ولا الدوليّة تشير إلى إمكانيّة تشكيل حكومة أخرى، فهل المطلوب إنهاء العهد عبر إسقاط الحكومة، بدل السعي الجدي لإنقاذ البلد؟!.

على هذا الصعيد، تؤكد المصادر السياسية المطّلعة وجود تفاهم بين فريقي التسوية على الإستمرار بها، لا بل تشدد على أنّ الضغوط التي يتعرضان لها تدفعهما إلى تحصينها، الأمر الذي من المفترض أن تظهر نتائجه في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع الإجراءات التي سيتم إتّخاذها لمتابعة الوضعين المالي والإقتصادي.

وتشدّد هذه المصادر على أنّ "الوطني الحر" و"المستقبل" ليسا وحيدين في هذا التوجه، بل هناك أفرقاء آخرين داعمين لهما أبرزهم "​حزب الله​"، الذي يعتبر نفسه معنياً بكل ما يحصل، وبالتالي لا يمكن إلا أن يكون داعماً للتسوية الرئاسية في هذا الظرف الصعب الذي تمر به، خصوصاً أن الغرض الأساسي من هذه الضغوط هو إستهدافه، وتضيف: "الحزب يدرك هذا الأمر جيداً، وهو داعم للمعادلة التي تقوم على أساسه الحكومة الحالية، ولا يمكن أن يفرّط بها للأسباب الآنية، الا بحال حصل ما لا يمكن توقعه وتغيرت الوقائع والمعطيات والحسابات وهو امر مستبعد حاليا".

بالتزامن، توضح المصادر نفسها أن معظم الأفرقاء المشاركين في الحكومة غير راغبين في توجيه أي ضربة لها، ما عدا قلة قليلة، بالرغم من الخلافات المعروفة بين بعضهم البعض، وتشدد على أن هناك قناعة لدى الغالبية منهم بأن نتائج أي مغامرة غير محسوبة النتائج لن تكون إيجابية على الإطلاق، كاشفة بنفس الوقت أن ما يرفع منسوب القلق هو أن الضغوط التي يتعرض لها الحريري باتت كبيرة جداً، لا سيما داخل بيئته الشعبية.

بالمحصلة، مرّت التسوية الرئاسية بظروف قاسية وصمدت، ووقتها كانت المصلحة المشتركة بين طرفيها هي المحرّك الأساسي للمدافعين عنها، فكيف بالحري إن كان مصير الحكومة ولبنان معلقا عليها؟