تقترب ​حكومة حسان دياب​ من إنجاز بيانها الوزاري، لتنتقل بعدها إلى ​المجلس النيابي​ للحصول على الثقة اللازمة لتبدأ عملها الفعلي بعد إنتهاء مرحلة ​تصريف الأعمال​. هذه الثقة مضمونة نظراً إلى أن القوى التي سمت دياب، في الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس ​الحكومة​ المكلف، لن تحجبها عنها، في حين أن القوى التي قررت الذهاب إلى المعارضة لن تمنحها لها، لكن في المجمل ستذهب للمشاركة في الجلسة النيابية، باستثناء حزب "القوات اللبنانية" الذي لم يحسم موقفه بعد.

إنطلاقاً من ذلك، لن تكون حكومة دياب أمام إمتحان كبير على هذا الصعيد، لكن التحدي الأبرز الذي ستواجهه يتعلق بالثقتين الخارجية والشعبية، لا سيما أن المجتمعين العربي والدولي لم يبديا، حتى الآن، أي تأييد أو معارضة، بل ان الوصف الدقيق للواقع الحالي هو أنها محل إختبار لن يكون سهلاً على الإطلاق، في حين أن القوى الفاعلة في ​الحراك الشعبي​ إختارت التصويب عليها مبكراً، عبر الدعوة إلى عدم منحها الثقة والذهاب إلى ​الإنتخابات النيابية​ المبكرة، وهو ما عبّرت عنه بشكل حاسم "​هيئة تنسيق الثورة​" يوم أمس.

في هذا السياق، تكشف مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن التحدي الأساسي هو لقوى الأكثرية النيابية لا لرئيس الحكومة، نظراً إلى أن الأخير ليس لديه ما يخسره في حال عدم القدرة على الإنجاز أو الفشل، فلا هو لديه حزب سياسي أو مقعد نيابي يخشى خسارته ولا هو يسعى للدخول إلى ​الحياة​ السياسية من الباب الشعبي، بل هو مقتنع بأن لديه وظيفة من المفترض أن يؤديها، بعد أن سمحت له الظروف الراهنة بالدخول إلى نادي رؤساء الحكومات من بوابة الاختصاصيين المستقلين، وهو ما كان يسعى إليه منذ خروجه من ​وزارة التربية والتعليم العالي​، بعد أن شغل هذه الحقيبة في حكومة ​نجيب ميقاتي​ الثانية.

في المقابل، لدى قوى الغالبيّة النيابية الكثير من الأوراق التي راهنت بها، بعد إصرارها على دعم دياب ل​تشكيل الحكومة​ الحالية، لا سيما بعد أن أظهرت المفاوضات التي سبقت ولادتها أنها أقرب إلى السياسية منها إلى الاختصاصيين، بدليل الخلاف على الحصص بين أركان هذه القوى، الذي هدد في أكثر من مناسبة بإنهيار مفاوضات التشكيل، وهو ما دفع "​حزب الله​"، قبل ساعات من التشكيل، إلى إعلان إنسحابه من الوساطات التي كان يقوم بها.

من هذا المنطلق، ترى المصادر نفسها أن قوى الأكثرية لا تملك ترف المغامرة، بل هي ستسعى بكل قوتها لتأمين نجاح حكومة دياب، ولو كان ذلك بالحد الأدنى الذي يعني الحد من تداعيات ​الأزمة​ الحالية على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، لكنها تشير إلى أنها في المقابل تدرك صعوبة المرحلة، خصوصاً أن هذا النجاح يتوقف على الدعم الخارجي، لا سيما على المستويين الإقتصادي والمالي، وهو ما عبّر عنه ​وزير المالية​ ​غازي وزني​، من خلال حديثه عن الحاجة إلى إستدانة مبلغ يقارب 5 مليار ​دولار​ أميركي، في وقت لن تتردد القوى المعارضة لها في السعي إلى إفشالها بأي طريقة، بعد أن رفعت شعار الإنتخابات النيابية المبكرة، الأمر الذي تُطرح حوله علامات الإستفهام.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لن تكون قوى الأكثرية قادرة على رفض المطلب الأخير في حال لم تنجح حكومة دياب، لأنها ستكون قد خسرت رهانها على نجاحها في تحقيق المطلوب منها، وبالتالي الدعوات للذهاب إلى الإنتخابات النيابية المبكرة ستكون أوسع من الحالية، وربما تكون مدعومة دولياً وإقليمياً، وهي حكماً لن تدخل هذا الإستحقاق بالقوة التي كانت عليها في الإنتخابات الماضية، نظراً إلى أنها ستحمل بشكل أو بآخر فشل الحكومة الحالية، الأمر الذي قد يدفعها إلى رفض الذهاب إلى هذه الخطوة، إلا أنها قد لا تكون قادرة على الممانعة طويلاً.

في المحصلة، وضعت قوى الأكثرية رهانها على نجاح حكومة دياب، بينما إختارت القوى الأخرى الهروب إلى المعارضة، وبالتالي هي ستكون أمام إمتحان صعب في الأشهر القليلة المقبلة، فهل تنجح في تجاوزه أم ستكون مضطرة للموافقة على الذهاب إلى الإنتخابات النيابية المبكرة؟.