لم يعد معمل ​بيت مري​ لمعالجة ​النفايات​ "نعمة" بالنسبة الى أهالي البلدة أو سواهم من بقية البلدات المشرفة على الوادي خصوصاً قرطاضة وزندوقة، فاليوم من يمرّ بجانبه يجد جبلاً من القُمامة، وإذا كان من غير أهل الاختصاص لا يمكنه التمييز بين ما إذا كان مكبًا أو معملاً للمعالجة...

اعتُبر إنشاء معمل بيت مري انجازاً ميّز البلدة عن باقي البلدات المجاورة، ولكن ومع مرور الوقت تبيّن أنه بات على مكبّ ضخم يغطي جزءا من الوادي،"ويتمتع" بمنظره كل من يقطن في المناطق المشرفة على الموقع ويشتمّون الروائح المنبعثة منه عند المرور من هناك صعوداً.المشهد اليوم لم يتغيّر عن السابق عند بداية ​أزمة النفايات​، فالمعمل ارتفع على مكب جديد... فما الذي يحصل فعلياً؟.

يصرّ الخبير البيئي الذي يشرف على ادارة المعمل زياد ابي شاكر عبر "​النشرة​" على ان "المعمل يعمل بشكل طبيعي والنفايات المتروكة في الهواء الطلق هي في مرحلة الانضاج،حيث يكون هناك تسبيخ ونايلون، والمشكلة الأساس انه لمعالجة هذه النفايات نحتاج الى مكان مسقوف والى طابق ثانٍ للتخمير"، لافتا الى أن "الارض غير مسطحة وهذا الامر منعنا من القيام بالتسبيخ من هنا نضطر الى انتظاران ينتهي فصل ​الشتاء​ لنعالج النفايات المتراكمة"، مضيفا: "عندما باشرنا العمل أبلغنا ​بلدية بيت مري​ بالأمر وكان جوابها أنّ الأرض في منطقة المعمل هي فقط المتوفرة وعلينا أن نرضى بالموجود".

تلويث ​المياه​ الجوفيّة

"التسبيخ في الدرجة الدنيا يستعمل كغطاء للمطامر الصحّية، واذا هطلت ​الامطار​ عليها وهي موجودة في المطمر تتسرّب المياه الى جوف المطمر الصحي المعزول عن المياه الجوفيّة بأساليب هندسيّة صحيحة، ومن ثم تنساب الى محطة تكرير العصارة، فتعالج ومن ثم تصرّف في المجارير". هذا ما تؤكده مصادر بيئيّة مطلعة عبر "النشرة"، مضيفة: "في حالة النفايات الموجودة في مكب بيت مري فهي مواد مسبخة مخلوطة بأكياس من البلاستيك واطارات وغيرها، واذا هطلت الامطار عليها في مكانها ستتسرّب هذه المياه الملوثة الى المياه الجوفيّة، كون الموقع غير معزول عن الأرض الطبيعيّة كما هو الحال في المطمر الصحّي"، مشددة على أن "ما هو موجود هناك هو مواد عضويّة مسبخة مخلوطة بأكياس من النايلون ولا تمتّ الى صفر نفايات بشيء".

الطن بـ65$!

يعود ​زياد أبي شاكر​ ليؤكد أنّ "المعمل مجهز ليستقبل 18 طنا من القمامة في اليوم، وبما أن نفايات بيت مري لا تتعدى الـ10 أو 12 طناً في اليوم الواحد، من هنا لجأنا الى معالجة نفايات قرطاضة وزندوقة أيضاً"، لافتاً الى أن "معالجة الطنّ الواحد يكلّف بلدية بيت مري 65$ حسب ​سعر الدولار​ الرسمي أي 1520 ليرة، بينما بقية البلدات تدفع على الطن 130$ وأكثر". هنا تعلّق المصادر البيئية على الموضوع بالقول "المشهد كما هو في معمل بيت مري فإن مبلغ 65$ ولو على السعر الرسمي فهو ضخم جداً".

حلول للمعمل!

تشير المصادر الى أننا "أمام حلّ من اثنين في وضع معمل بيت مري، ان يستمر بمعالجة ما هو قادر عليهوبذلك يخفّف كمية النفايات التي ترسل الى المطمر الصحّي في ​برج حمود​ والا فليقفل"، معتبرة أنه "وبالطريقة التي يعمل فيها أصبحنا أمام مكبّ حقيقي ستتزداد فيه النفايات يوماً بعد آخر والأهم أن ضرره على ​البيئة​ وعلى ​الانسان​ كبير"، وهنا تختصر المصادر المسألة بالتالي "ما نراه أمامنا اليوم في بيت مري يعيدنا الى الزمن الماضي أيام "​سوكلين​"، وما نراه هناك يكاد يكون "سوكلين مصغّر" والمهمّ أن تزال فقط القمامة من الطرقات".

لا ينسى ​اللبنانيون​ عموما و​المتن​يّون خصوصاً أنه وعلى بعد أمتار من المعمل وفي ​وادي لامارتين​ الاثري كان هناك اقتراح لانشاء معمل لمعالجة نفايات المتن ويستوعب 400 طن يومياً باشراف بلديّة بيت مري، ونسف الاقتراح بعد تدخل ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ لأهميّة موقع الوادي المذكور... وهنا تطرح تساؤلات كيف كانت ستتم معالجة 400 طن من النفايات إذا لم تنجح ​البلدية​ في معالجة نفاياتها؟ والسؤال الأهم "لماذا الاصرار على الإستمرار بالمعمل بوضعه الحالي إذا كان غير قادر على معالجة نفايات البلدة"؟.