باتت أسعار السلع الغذائية كأسهم البورصة، مع فارق بسيط بأنها تتجه باتجاه واحد، صعودا، ومع بزوغ فجر كل يوم، ترتفع الأسعار حتى وصلت الى حدّ لم يعد يُطاق. يحاول اللبناني التنقل بين أسماء الماركات بحسب السعر، وفي أحيان كثيرة بات يستغني عن عدد كبير من السلع الغذائية بسبب سعرها، ولكن المشكلة تقع عندما يكون الحصول على السلعة ضروريا ولا يُمكن استبدالها، كحليب ​الأطفال​ مثلا.

في شهر شباط الماضي حلّت ​وزارة الصحة​ نصف المشكلة بما يتعلق بحليب الأطفال، اذ أعلنت عن تخفيض السعر ​للأطفال​ الرضّع من ​الولادة​ حتى عمر ​​السنة​​ في ​الأسواق اللبنانية​، بعد أن تمّ الاتفاق مع ​مصرف لبنان​ على إضافته على المنتجات الحاصلة على دعم المصرف، فتبقى نصف المشكلة الآخر وهو حليب الأطفال من عمر عام واحد حتى 3 أعوام.

منذ سريان هذا القرار تبدّلت كل المعطيات التي تتدخل بعملية تسعير ​الحليب​، وبحسب أحد الصيادلة العاملين في القطاع، فقد عمدت الشركات الى رفع أسعار عبوات الحليب للفئة ما بين سنة و3 سنوات لتعويض التخفيض الحاصل في تلك المخصصة للأطفال دون السنة، ويومها فُقدت بعض الانواع من الأسواق بغية تعديل السعر وإنهاء الكميات الموجودة، مشيرا عبر "النشرة" الى أن الصيادلة حاولوا بداية تخفيض هوامش ربحهم على عبوات الحليب الى الحد الأدنى ولكن رغم ذلك استمرت الأسعار بالتصاعد.

بعد هذه المرحلة وتحديدا في النصف الثاني من شهر آذار وخلال شهر نيسان، ارتفع سعر صرف ​الدولار​ الأميركي مقابل ​الليرة اللبنانية​، فارتفعت ألاسعار بشكل جنوني، وصل الى الضعف أحيانا، وفي هذه المرحلة لم يعد بالإمكان، السيطرة على الأسعار، حتى ولو أزال الصيادلة هامش ربحهم بالكامل، فإن ذلك لا يخفضها ، ولا حتى يجعلها مقبولة، علما أن هامش ربح الصيادلة يصل الى 30 بالمئة أحيانا بالنسبة لبعض ​الأدوية​، ولكن أغلبهم خفّض هامش ربحه الى نسبة تتراوح ما بين الـ3 والـ10 بالمئة بالنسبة للحليب وغير ذلك من المواد التي تُستخدم للأطفال.

أما بالنسبة للأسعار فهي على الشكل التالي ولبعض الانواع: Nido 1800g 80000، Nido 900g 45000، Nido 400g 22000، Milupa aptamil 3 1600g 50000، Aptamil 3 400g 15000، Blediup 1600g 50000، Blediup 900g 25000، Blediup 400g 16000.

مع الارتفاع الجنوني للأسعار علت الصرخة مطالبة بحلول، ولكن عندما سعّرت الوزارة الحليب للرضّع اعتمدت على القانون، وتحديدا قانون مزاولة مهنة الصيدلة، والقانون رقم 47 تاريخ 11 كانون الأول 2008، والذي يفسر حليب الرضّع بأنه لمن هم دون السنة"، وبحسب مصادر وزارة الصحة فإنها لا تملك السند القانوني لتتدخل بتسعير عبوات الحليب لمن هم فوق السنة حتى 3 سنوات، إنما كثرة المطالبات، جعلت ​وزير الصحة​ ​حمد حسن​ يقرر العمل على ضم حليب الإطفال ما فوق ​السنة​ إلى حدود 3 سنوات إلى اللائحة التي تصدر عن الوزارة، لمواجهة عمليات ابتزاز اللبنانيين.

وفي هذا السياق، كان من المفترض أن يشهد ​اللبنانيون​ تطورا إيجابيا في هذا الملف، الا أن ازمة ​الكورونا​ شغلت الوزارة بكامل فرقها ودوائرها، ولكن تؤكد مصادر الوزارة عبر "النشرة" ان هذا القرار أصبح ضروريا، والعمل الجدي عليه يفترض ان يبدأ بعد أيام، وهذا الموضوع يتطلب تعاون حاكم ​المصرف المركزي​ ​رياض سلامة​.

وعد ​وزير الاقتصاد​ ​راوول نعمة​ بانخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية، وقرر وزير الصحة وقف الابتزاز بملف حليب الأطفال، فهل ينجحا بالتخفيف عن اللبنانيين؟.