منذ إطلالة الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ الأخيرة وحديثه عن ضرورة التوجه شرقاً وعدم ربط إقتصادنا ب​الولايات المتحدة الأميركية​ فقط، وعن أن الشركات ​الصين​ية اعربت عن جهوزيتها للإستثمار في ​لبنان​ أكان في مشروع القطار السريع من طرابلس الى الناقورة ام في مشاريع معامل ​الكهرباء​، إنقسم اللبنانيون وبشكل عامودي الى فريقين، فريق يؤيد هذا الطرح على إعتبار أنه البديل عن الخيار الغربي، وفريق يرفض هذا الطرح كونه يستفزّ أكثر فأكثر الولايات المتحدة الأميركية والدول التي تدور في فلكها ويرفع من منسوب الضغوط "الدولاريّة" و​العقوبات الأميركية​ التي تفرضها على لبنان للنيل من حزب الله.

بين الفريق الأول والثاني، يقف المتابعون لهذا الملف مؤكدين أن المطروح ليس الإستغناء عن دور الغرب وإستبداله بالصين، ولا الإنغلاق على محور الغرب حتى ولو عرض على لبنان المساعدة بمشاريع، علماً أن لهما مصالح سياسية ومادية بحتة، فلا الغرب يقدم الخدمات المجانية في لبنان، ولا الشرق قرّر أن يفتح له في لبنان جمعية خيرية لا تبغي الربح، كل ذلك إذا سلكت المشاريع المعروضة من قبله طريقها الى التنفيذ. وفي هذا السياق يقول مصدر متابع لهذا الملف، "إن حجم الإستثمارات التي تنوي الصين تنفيذها، لن تتخطى نسبتها الـ5 % من حجم الإستثمارات والمشاريع ككل، وأن نسبة الـ95 % هي حصراً مشاريع ينفذها محور الغرب. ويضيف ان "إتجاه دول العالم نحو الشرق يترواح بين 25% و50% بينما لا تزال نسبته في لبنان صفر % وهذا أمر غير منطقي، فلماذا الإنعزال الإقتصادي والمالي"؟.

ما هو مستغرب في طريقة تفاعل البعض من اللبنانيين مع هذا الطرح، هو تفاعلهم نفسه منذ عام تقريباً وتحديداً في زمن الحكومة السابقة التي كان يرأسها رئيس تيار المستقبل النائب ​سعد الحريري​، وفي تفسير أوضح، تكشف المعلومات أن وفداً عن الشركات الراغبة في تنفيذ مشاريع في لبنان وقّع مع وزارة الأشغال العامة والنقل وتحديداً مع الوزير السابق يوسف فنيانوس مذكرتي تفاهم، واحدة تتعلق بمشروع القطار السريع، وأخرى تتعلق بمشاريع النقل العام ككل، ومن ضمنها تنفيذ نفق في حمّانا، يومها نشر الخبر عبر وسائل الإعلام ولم يحرّك معترضو اليوم ساكناً. أكثر من ذلك فالوفد نفسه التقى رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ والحريري كرئيس للحكومة اللبنانية وقتذاك، وبحث معهما في المشاريع المقترحة، ولم تكن اللقاءات سرية بل نشرت أيضاً ومن دون أن يحرك معترضو اليوم ساكناً. وفي اطار جولته التقى الوفد الصيني وزير ​البيئة​ يومها فادي جريصاتي ورئيس مصلحة الليطاني سامي علوية، للبحث بمشاريع معامل لمعالجة النفايات وتنظيف مياه الليطاني وبحيرة القرعون، كل ذلك من دون ان نرى المشهد الإنقسامي الذي نشهده اليوم فقط لأن من تحدث عن الصين ومشاريع شركاتها هو السيد نصرالله.

هذا المشهد الإنقسامي، لن يؤثر على الحكومة ورئيسها ​حسان دياب​، فالتوجّه شرقاً وارد ويدرس جدياً على طاولتها إذا كان لمصلحة لبنان، ومن دون أن يكون ذلك بهدف خلق إشكال مع الغرب، فالأزمة كبيرة وصعبة ولبنان بحاجة الى أيّ دعم بغض النظر عن مصدره.