لفت نائب رئيس "​المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى​" العلامة الشيخ ​علي الخطيب​، إلى أنّ "الأيّام الصعبة الّتي يشهدها ​لبنان​ والظروف المعيشيّة المؤلمة الّتي تلقي بتبعات ثقيلة على كواهل اللبنانيّين، في ظلّ تفشّي الاحتكار في ​الدواء​ والغذاء والمشتقات النفطيّة، يكشف عن انعدام المسؤوليّة الأخلاقيّة والوطنيّة في التعاطي مع الأزمات الحادّة الّتي تودي بالوطن إلى منزلقات خطيرة لا تحمد عقباها، ما يجعل من بلدنا بؤرة فساد وإفساد على مستوى الطبقة السياسيّة الّتي أوصلتنا إلى أسوأ حالة في حياتنا، حتّى بات بلدنا في مصاف الدول الفاشلة الّتي ينخرها الفساد على مختلف المستويات".

وأشار في خطبة الجمعة إلى أنّه "لَو لم يخن السياسي الفاسد وطنه وشعبه بتكديس الثروات من المال الحرام، لما وجدنا فقراء ومحتاجين تتزايد أعدادهم بشكل كبير، ولو تحلّى الموظّف والمسؤول بمناقبيّة وطنيّة وأدّى واجباته الوظيفيّة بمسؤوليّة، لما شهدنا إدارةً فاسدةً موسومةً بالرشى والسمسرة والإهمال الوظيفي". وركّز على أنّه "لَو كان لدينا قضاء نزيه وحازم ومستقل لا يخضع للأهواء ويتوخّى العدالة، لما شهدنا تفشّيًا للإهمال والفساد وارتفاعًا للجرائم وأعمال النهب المنظّم المحظي برعاية سياسيّة رسميّة. وهنا نتوجّه بالسؤال إلى أجهزة الرقابة و​القضاء​ عن مسؤوليّتها في كشف المتلاعبين بأسعار النقد الوطني وبسلامة الغذاء والمحتكرين لحاجات الناس الضروريّة".

وسأل الشيخ الخطيب عن "مفاعيل قانون الإثراء غير المشروع في معاقبة ناهبي المال العام من موظّفي ​القطاع العام​، الّذين تشهد ثرواتهم الطائلة عن سرقاتهم. في المقابل فإنّنا نحمّل المواطنين مسؤوليّة تخلّيهم عن واجباتهم في التستّر على سارقيهم وعدم التشهير بالفاسدين والإبلاغ عن المحتكرين، فضلًا عن مساهمات الكثيرين منهم في انتهاك القوانين، فالمواطن المسؤول يحافظ على النظام العام للمجتمع ويكون نواةً صالحةً تعمل لحفظ الوطن وشعبه، ولا يفرّط بحقوقه ولا يتخلف عن أداء واجباته؛ وعندما يتخلّى المواطن عن المسؤوليّة فإنّه يصبح شريكًا للفاسد والمرتشي ويسهم في تخريب وطنه ومجتمعه".

وأوضح أنّ "مِن مظاهر اللامسؤوليّة ما نشهده من تفلّت أمني واستهتار بحياة الأمنيّين، ونحن إذ نستنكر بشدّة ​إطلاق النار​ العشوائي الّذي يروّع المواطنين ويلحق الأذى بهم، فإنّنا نطالب ​الأجهزة الأمنية​ بمعاقبة مطلقي الرصاص، ليكونوا عبرةً لغيرهم، فلا يجوز التهاون مع معرّضي حياة الناس للخطر". وشدّد على "أنّنا بالإجمال نعتبر أنّ الدولة تخلّت عن مسؤوليّاتها في رعاية مواطنيها، وعليها تقع المسؤوليّة كاملة في ​مكافحة الفساد​ والنهوض بالاقتصاد الوطني ولجم المحتكرين والإفراج عن ودائع الناس في ​المصارف​ وتوفير الاستقرار الاجتماعي للمواطنين".

كما حذّر من "المساس بلقمة الناس ودوائها وفرص عملها ومدّخراتها في المصارف"، مطالبًا رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ بـ"الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذيّة من أصحاب الكفاءات المشهود لهم بالنزاهة وتحمّل المسؤوليّة الوطنيّة، فنحن نريد حكومة متضامنة وقادرة، تملك الحزم والجراءة على إطلاق إصلاحات جذريّة تُنقذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والتردّي المعيشي، وتتّخذ خطوات ملموسة في مكافحة الفساد واستعادة المال العام المنهوب والإفراج عن ​أموال المودعين​، حتّى تستعيد ثقة المواطنين بدولتهم، وتوفّر لهم رعايةً كريمةً تجنّبهم الجوع والفقر والحاجة".

ونتمنّى الخطيب للحريري "التوفيق في مهامه الوطنيّة الإنقاذيّة"، داعيًا القوى السياسيّة إلى "التعاون في تشكيل هذه الحكومة لإخراج لبنان من الأزمات المتفاقمة"، ومشدّدًا على "ضرورة تكثيف التشاور وتعزيز التعاون لإنجاز تفاهمات وطنيّة تحقّق الاستقرار السياسي وتوفّر الأمن الاجتماعي".

وذكر إلى أنّ "من منطلق ضرورة التزام المسؤوليّة في الحفاظ على النفس ودفع الضرر عن المجتمع وصون الوطن، فإنّنا نكرّر تحذيرنا للمواطنين والمسؤولين وكلّ الجهات المعنيّة من التفشّي الكبير لجائحة "​كورونا​" الّتي أدخلت بلادنا في دائرة الخطر، الّذي يصعب معه تحمّل تداعياته الكارثيّة، مع تزايد أعداد المصابين وتحذير الجهات الطبيّة من عدم قدرة المستشقيات على استقبال المرضى، ممّا يستدعي اتخاذ إجراءات وتدابير أكثر حزمًا لتجنّب الكارثة". وأكّد أنّ "المواطن مسؤول كما الوافد والمقيم، وعليه تقع المسؤوليّة الشرعيّة والأخلاقيّة في حفظ نفسه وأهله واخوانه في الوطن، من خلال التزام الإجراءات الوقائيّة وعدم الاستهتار بخطورة هذا الوباء".