في الإطلالة التلفزيونية التي أعلن خلالها رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، قبل تسميته، أنه المرشح الطبيعي ل​رئاسة الحكومة​، حدّد إطاراً زمنياً لمهمته هو 6 أشهر، على قاعدة أن المطلوب أن تبتعد القوى السياسية عن الواجهة لفترة قصيرة، على أن تعود بعد إنتهاء هذه المهلة بعد أن يكون قد قاد شخصياً فريقاً من الإختصاصيين بهدف إنقاذ البلد.

هذا السيناريو، لم يقنع الكثير من المتابعين نظراً إلى أن الحريري نفسه ليس من الشخصيات من ذوي الاختصاص التي ينطبق عليها المعيار الذي يطالب بتطبيقه على الوزراء، بالإضافة إلى أنّه كان قد ذهب إلى إبرام مجموعة من التسويات مع العديد من الأفرقاء قبل الوصول إلى مرحلة تسميته، أبرزها مع "​حزب الله​" و"​حركة أمل​" و"​الحزب التقدمي الإشتراكي​"، بالإضافة إلى حزب "الطاشناق" و"​الحزب السوري القومي الإجتماعي​".

وفي حين كان رئيس الحكومة المكلّف قد تجنب التفاهم مع كل من رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب جبران باسيل، قبل الإستشارات النيابية الملزمة، وجد نفسه مضطراً لذلك بعد الإنتهاء منها، خصوصاً أن عون كان قد رفع السقف عالياً قبل يوم واحد من موعدها، من خلال إعلانه أنه لن يتخلى عن دوره في التكليف والتأليف، بينما باسيل إختار أن يبقى بعيداً عن الواجهة مع التركيز على ضرورة الإلتزام بوحدة المعايير.

في خلفية حراك الحريري، بحسب ما ترى مصادر سياسية مطلعة، كان هناك رهان على أن عون وباسيل يستعجلان التأليف أكثر منه، على قاعدة أنهما بحاجة للإنطلاق في العمل بأسرع وقت ممكن، خصوصاً أنه يستطيع الإحتفاظ بورقة التكليف حتى نهاية عهد رئيس الجمهورية، بينما في المقابل كان الفريق الثاني المعني بالتأليف يصر على تعميم الأجواء الإيجابيّة، من دون أن يذهب إلى تقديم تنازلات كان رئيس الحكومة المكلف يطمح اليها.

من وجهة نظر هذه المصادر، ظنّ رئيس الحكومة المكلف أنه قادر على قلب موازين القوّة في هذه المرحلة، عبر السعي إلى تحقيق "إنتصار" في هذا المجال، بعد أن اضطر إلى التسليم بالشروط التي فرضت عليه من قبل القوى السياسية التي ذهبت إلى تسميته، وبالتالي عاد إلى المعادلة الأساسية التي تفيد بأنه مجبر على التفاهم مع عون وباسيل لإنجاز التشكيلة الحكومية.

في ظل هذه الأجواء، تسأل المصادر نفسها عما إذا كان المطروح لا يزال هو حكومة مَهمّة لمدة 6 أشهر فقط، حيث تعتبر أن الصراع القائم على الحصص وتوزيع الحقائب يوحي بأن الأمور باتت في مكان آخر مختلف كلياً، نظراً إلى أن تشكيل حكومة لفترة زمنيّة قصيرة لا يستحق كل هذا الأخذ والرد على مستوى أدقّ التفاصيل، ما يدفعها إلى ترجيح الإنتهاء من هذا الطرح لتكون البلاد أمام حكومة غير محددة المهلة.

أمام هذا الواقع، ترى الأوساط السياسية المتابعة، عبر "النشرة"، أن الحديث عن مهلة زمنية محددة في غير مكانه، نظراً إلى أن أحداً لا يستطيع التكهن بتطورات المرحلة المقبلة، وتشير إلى أن جميع الأفرقاء المعنيين يتعاملون على هذا الأساس، إنطلاقاً من رؤية كل منهم لمهمة هذه الحكومة، الأمر الذي يدفعهم إلى البحث في أي تفصيل يتعلق بها، سواء على مستوى الحقائب أو الأحجام.

في الختام، تذهب هذه الأوساط أبعد من ذلك في الحديث عن أنها قد تكون الحكومة الأخيرة في عهد رئيس الجمهوريّة، ما يعني إمكانيّة أن تتسلم إدارة البلاد في حال عدم إنتخاب رئيس جديد في الوقت المحدد، بالرغم من الإنتخابات النيابيّة الّتي من المفترض أن تحصل قبل الرئاسيّة، وبالتالي لا يمكن التساهل في التعامل مع تأليفها، خصوصاً في ظل التحوّلات القائمة على مستوى التحالفات المحلية، حيث بات من الواضح وجود تحالف جديد لديه أهداف محددة أنجز.