لفت رئيس "حزب القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​، تعليقًا على أنّ القول إنّ النسبيّة ستطبَّق على كلّ البيئات باستثناء بيئة معيّنة، وعمّا إذا كان لديك قلق من صورة "الحكيم" عند البيئة السنيّة، إلى "أنّني أعتقد أنه لو أنّ النخبة السنيّة، فسّرت الموضوع كما يجب عند البيئة السنيّة، فمن المؤكّد لكانت هذه البيئة تمكّنت من رؤية موضوع ​قانون الانتخاب​ على حقيقته كما هو. من الناحية الأُخرى، هناك في الوقت الحاضر التقاء على 99% من النقاط، فهل نقطة واحدة ستفسد في الودّ قضيّة؟ إنّها ليست عن عبث، وليست نزقًا، وإنّما هناك صحّة تمثيل يجب أن تكون موجودة". ورأى أنّ "في الحقيقة، إنّ سبب وصول البلاد إلى ما وصلنا إليه يتحمّله بجزء كبير التكاذب المتبادل، حيث يتمّ إعلان المحبّة والمودة، وفي الحقيقة تُحضّر الأفخاخ المتبادلة. لذا كي نتمكّن من النجاح في انتشال بلدنا، يجب أن نصوّر الحقيقة على ما هي عليه".

وبيّن في حديث صحافي، أنّ "السنّة لا يزالون مرتاحين على وضعهم أكثر من المسيحيين في هذه المنطقة، ليس الآن، وإنّما في المبدأ، باعتبار أنّ هذا ظرف استثنائي جدًّا، وباعتبار أنّ الثوابت في التاريخ لا تزول. يمكن لفريق ما أن يطمسها لفترة من الفترات إلّا أنّ الثوابت التاريخيّة لا تزول"، مبيّنًا "أنّنا في المنطقة يجب أن نتوقّف عن الكلام عن أكثريّة وأقليّة، إنّما يجب أن نتناول الأمور على ما هي عليه. ولذا، أتى ​اتفاق الطائف​، وأنا من الّذين عايشوه عن كثب، ليغيّر النظام السابق في لبنان إلى النظام الحالي".

وعن سبب عدم موافقة الحزب على التعديلات على قانون الإنتخابات، كإقرار الصوتَين التفضيليَّين وتوسيع الدوائر قليلًا، أكّد جعجع أنّ "ما نريده هو صحّة التمثيل، السؤال كيف يتمّ تأمينها؟ بعد 10 سنوات من العمل، توصّلنا إلى هذا القانون، فإذا ما كان لدى أيّ فريق اقتراح جدّي يؤمن صحّة التمثيل، ليطرحه علينا لندرسه. ولكن كلّ القوانين الّتي تطرح الآن، والّتي هي 4 مشاريع قوانين، لا تؤمّن صحّة التمثيل. فنحن لا يمكن أن نقبل بلبنان دائرة واحدة مع نسبيّة، لأنّ هذا القانون يؤدّي إلى الديمقراطيّة العدديّة".

من جهة أُخرى، ذكّر بـ"أنّنا مشينا بترشيح العماد ​ميشال عون​ ل​رئاسة الجمهورية​، عندما كنّا على قاب قوسين من وصول شخص آخر إلى الرئاسة. وكنّا قد أقمنا اتفاقًا للمصالحة بوقت سابق باعتبار أنّ البعض يعتبر أنّ ما حصل هو فقط من أجل المصالحة. فنحن كنّا قد تصالحنا مع العماد عون سابقًا، وزرته أنا في ​الرابية​ وعادت وزارتنا وفود في ​معراب​ إلخ".

وأشار إلى أنّ "منذ اللحظة الأولى الّتي كنّا فيها نعدّ للمصالحة، قلت للعماد عون إنّه من غير الوارد أن نرشّحه لرئاسة الجمهوريّة، وإذا ما أراد ذلك فبقدر ما يقترب نحونا بال​سياسة​، بقدر ما نقترب نحن بالرئاسة. وهكذا كانت المعادلة الّتي اخترعها رفيقنا ​ملحم الرياشي​". وتساءل: "ماذا حصل في هذا الوقت؟ ولماذا من بعد سنتين ونصف السنة، قمنا بترشيحه؟ لأنّنا رأينا بتقديرنا، وهنا تقديرنا من الممكن أن يكون خاطئًا أم لا باعتبار أنّه لم يتغيّر شيء من نقاط ارتكازنا، رأينا أنّنا من الممكن أن نكون واصلين إلى أمر قد يكون أسوأ مما يمكن أن يفعل عون. وفي هذه الحال أيًّا يكن صاحب القرار، لكان سيذهب إلى ما هو أقل سوءًا".

وعمّا إذا كان قد خسر جزءًا من موقعه الوطني، ركّز على أنّ "من حقّ الناس أن تحدّد موقفها انطلاقًا من الخيارات الكبيرة، وعليها أن تترك التكتيك السياسي للسياسة. الناس الّذين يقولون إنّني خسرت تأييدهم، يعتقدون أنّ مصلحتهم كانت بغير مواقفنا هذه؟ هم مخطئون. وإذا كان ما يُقال صحيحًا في أنّهم كانوا ينظرون لي كأحد قياداتهم، كان عليهم أن يأتوا ليروا، ويسألوا لماذا مشيت في هذا الطريق، فهل من بعد هذا القرار تغيّر طرحنا أو تصرّفاتنا أو خطواتنا السياسيّة قيد أنملة؟". وفسّر "أنّنا أوّل من أعلن معارضته لعهد ميشال عون. فأن تصوّت لشخص ما لأنّك تَعتبر أنّه أقلّ ضررًا من غيره هذا أمر، وأن تسايره في رئاسة الجمهوريّة وتقبل بأيّ شيء يقوم به هو أمر مختلف تمامًا".

وأكّد أنّ "أكبر دليل على ذلك أنّه لم يمرّ شهران أو ثلاثة على انطلاقة العهد، قبل إعلاننا معارضتنا له. الناس نزلوا إلى الشارع في 17 تشرين 2019، لكن نحن نزلنا في 17 تشرين الأوّل 2016 في معارضتنا لكلّ سياسات هذا العهد"، لافتًا إلى أنّ "على سبيل المثال لا الحصر، في ملف الكهرباء، نحن كنّا رأس حربة طول الوقت. ولم نكن رأس حربة فقط في وجه ميشال عون، وإنّما في وجه الكثيرين من الّذين كانوا يجلسون إلى طاولة ​مجلس الوزراء​. فإذًا، كنّا دائمًا نحاول تمثيل مصالح الناس على أفضل ما يكون". وذكّر بـ"أنّنا قبل أن نرشّح عون بسَنة، رشّحه رئيس ​الحكومة​ المكلّف ​سعد الحريري​. السياسة ليست بهذه البساطة". وتعليقًا عمّا إذا كان سيتّخذ القرار نفسه في حال عاد إلى اللحظة نفسها، قال: "نعم، لم يكن بالمستطاع اتّخاذ قرار آخر".

وحول ما إذا لديه ثقة بإمكانيّة إعادة إحياء ما كان يُسمّى بـ"14 آذار"، لو تمّ التواصل فيما بينهم وبين الحريري ورئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" ​وليد جنبلاط​، أفاد جعجع بأنّهم "إذا ما أرادوا أن يتركوا كلّ الممارسات السابقة لنبدأ من جديد، فبالطبع. أمّا إذا كانوا لا يريدون ترك تلك الممارسات، فلماذا معاودة طرح الموضوع بالأساس، فهم سيبقون في المكان الّذين هم فيه الآن، ونحن سنبقى في المكان الذي نحن فيه الآن". وعمّا إذا كان مكن مواجهة "​حزب الله​" بغير الميليشيا ومنطق الأمن الذاتي، بيّن أنّ "من الممكن ذلك".

وعمّا إذا كانوا سيعودون لارتداء "الزيتي"، شدّد على "أنّنا لسنا بحاجة إلى ذلك. هناك بعض المفاهيم الخاطئة الّتي أتت عقب ممارسات البعض منذ 15 عامًا حتّى اليوم. علينا بادئ الأمر أن نواجه "حزب الله" بالسياسة، ونقول له إنّنا من غير الوارد مواجهته ب​السلاح​، وإنّما سنواجهه بالسياسة، اللهم أن نبقى ثابتين على مواقفنا". ولفت إلى أنّ "الأمر لا يتطلّب الكثير، وسأعطي مثالًا عن الثبات على الموقف، في مرّات عدّة كان "حزب الله" يريد أمرًا ما بالسياسة، وكان قد صرّح عن ذلك علنًا كقول الأمين العام للحزب السيد ​حسن نصرالله​ عقب انتفاضة 17 تشرين، إنّهم لا يقبلون باستقالة الحكومة في حين أنّها استقالت. فماذا حدث؟ لا شيء".

كما نوّه إلى أنّ "السفير ​مصطفى أديب​ لفت نظري كثيرًا، وأنا لا أعرفه على الصعيد الشخصي، ولا أعرف شيئًا عنه. أتى وقال لهم: أريد تشكيل حكومة بهذا الشكل، وحاول ذلك على مدى أسابيع عدّة، ولم يفلح، فقال لهم: "يعطيكم ألف عافية يا شباب وأتمنّى لكم التوفيق". يجب أن يحصل هذا الأمر الآن. فهل تستخفّون بالمواجهة السياسيّة الإيجابيّة لا السلبيّة عبر قول: لا. هذه الأمور لا تقوم بهذه الطريقة؟ كيف يمكن لخصمك أن يغيّر ما يقوم به إن لم تقل له بوجهه: "هذه الأمور لا تقوم بهذه الطريقة، لذا قم بها لوحدك". وسأل: "أليسوا أكثريّةً، لماذا لا يشكّلون حكومة؟ هذا ما يحزننا، فنحن لدينا إمكانيّة المعارضة السياسيّة. وبالطبع، يجب أن يكون لدينا أعصاب قويّة، ومن جهة أخرى يجب ألّا تكون من أصحاب الغايات".

من جهة ثانية، أكّد "أنّنا جزء أساسي من ​الثورة​ بالفعل، وليس بمعنى أنّنا نتلاعب بها. نحن انسحبنا من الحكومة بعد أن كنّا منذ سنة أو سنة ونصف السنة قبلها في جوّ أنّه يجب أن نقوم بثورة بكلّ صراحة. المشكلة أنّ قليلين من يبحثون عن الوقائع بشكل واضح. جلسات مجلس الوزراء في آخر سنة، وسنة ونصف السنة، هل تعرفون كيف كانت؟ عندما كان يطرح أيّ موضوع، وتقريبًا الجميع كي لا أضخّم الأمور يتّفقون على شيء ما، وعندما يرفع أحد من وزرائنا يده طالبًا الكلام، كان مباشرةً رئيس الجمهوريّة أو الحريري يقول لمن يدوّن المحضر سجّل له اعتراضًا، ويمرّ عنه ويذهب لسماع الآخرين".

وأوضح أنّ "جذور الثورة بدأت عندنا منذ ذاك الوقت. كنا نعاني ونعاني. وعلى الأقل قبل ستة إلى ثمانيّة أشهر من تشرين الأول 2019، جلس وزراؤنا على هذه الطاولة وكان التكتل مجتمعًا، وأبلغونا أنّ ​الوضع المالي​ سيتدهور بالشكل الّذي تدهور به خلال 6 إلى 8 أشهر. وشرحوا لنا ما كان سيحصل بالتفصيل. لهذا السبب كنّا مهيئين، وفي اليوم الثاني من بعد الثورة، اتصلت بالحريري وجنبلاط، وقلت لهما: تعالا لنستقل معًا من الحكومة، ويومها طلبا منّي مهلة 24 ساعة من أجل استيعاب الوضع. مرّت المهلة، ولم يتّخذا قرارهما، لذا أبلغتهما أنّنا مضطرّون لعقد اجتماع للتكتل نهار السبت، وكانت الثورة قد اندلعت يوم الخميس، والاتفاق على الاستقالة نهار الجمعة. وأبلغتهما أنّنا في هذا الاجتماع سنتّخذ قرارنا النهائي وهذا ما حصل".

وعمّا إذا هل يمكن لمواجهتهم أن تحقّق أهدافها؟"، فسّر جعجع أنّ "بكلّ صراحة من دون شركاء لبنانيين، فنحن لا يمكننا لوحدنا القيام بأيّ شيء. ولو كان لدينا 90% من المسيحيّين، فنحن لا نستطيع القيام بأيّ شيء إذا لم يكن لدينا شركاء. وفي الوقت الراهن، يرى الجميع ما هو الوضع. لذا نكتفي بالتمسّك بالموقف، ولا نستطيع التقدّم إلى الأمام لأن هذا الأمر يتطلّب شركاء غير متوفرين اليوم".