أشارت رئيسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ال​لبنان​ية" كلودين عون، إلى أنّ "قرار ​مجلس الأمن​ 1325 حول المرأة والأمن و​السلام​، يؤكّد الدور الهام للمرأة في منع الصراعات وحلّها وفي بناء السلام، ويحثّ الدول على ضمان زيادة تمثيل المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسّسات والآليّات الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة، لمنع الصراعات وإدارتها وحلّها".

ولفت خلال عقد الهيئة الاجتماع الأول للّجنة الوطنيّة التنسيقيّة المتخصّصة بالمرأة في السياسة والشأن العام، وهي اللجنة الخامسة من اللجان التنسيقيّة الخمس المنبثقة عن اللجنة التسييريّة لتنفيذ خطّة العمل الوطنيّة لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، إلى أنّ "حفظ السلام والأمن هو الهدف الرئيسي لمنظومة ​الأمم المتحدة​، والنجاح في إحقاق السلام والمحافظة عليه لا يمكن أن يحصل من غير تعاون الدول والشعوب". وتساءلت: "كيف للشعوب أن تكون فاعلة في العمل من أجل السلام والحفاظ عليه، إن كانت مستبعدة عن المشاركة في قضايا الشأن العام في الدول الّتي تعيش تحت لوائها؟ وكيف يمكن أن نتكلّم عن شعوب تمارس حقّها في المشاركة في القرار في دولها، إذا ما اقتطعنا من هذه الشعوب نصفها الأنثوي من مكوّنيها، واعتبرنا أنّه ليس للإناث التعاطي في الشأن العام أو المشاركة في قرارات تدبيريّة؟".

وذكرت عون أنّ "لقرون طوال، عاشت البشريّة في معظم الأوقات في ظلّ الخوف من الويلات الّتي تستتبعها الحروب أكانت رقعة هذه الحروب ضيّقة، على المستوى المحلّي أو واسعة تغطي دولًا ومحيطات. وطوال هذه الحقبات، كانت قرارات الولوج في القتال أو عدمه في يد قيادة تفرض نفسها على الشعوب، وكانت هذه القيادات في أغلبيّتها العظمى عبر التاريخ، مستبعدة بشكل كامل للنساء". ونوّهت إلى أنّ "الأمور تبدّلت مع تسارع التطوّرات العلميّة والتقنيّة والتحوّلات الّتي رافقتها في أنماط العلاقات البشريّة، وتحوّل البنى السياسيّة إلى أنظمة تعتمد آليّات عقلانيّة، لاتخاذ القرار السياسي الّذي بات يعود إلى الشعب بكامله".

وركّزت على أنّ "مع ذلك، لم تتطوّر ذهنيّات البشر بالسرعة نفسها الّتي تطوّرت فيها علومهم وتقنيّاتهم وأنماط حياتهم اليوميّة، وظلّت صورة صاحب القرار في الجماعة متطابقة مع صورة القائد الذكر، ولم تظهر السيّدات القياديّات البارزات في الأنظمة الديمقراطيّة إلّا منذ بضعة عقود، وهنّ لا يزلن قلائل في العالم على الرغم من أنّهن أثبتن نجاحهن، وأحيانًا كثيرة تفوّقن على زملائهن الرجال في معالجة أزماتٍ اجتماعيّة صَعبة، نظرًا لإدراكهنّ لواقع الحاجات المعيشيّة للأسر بشكلٍ عام وللنساء بشكلٍ خاص".

كما شدّدت عون على أنّ "​المجتمع اللبناني​ لا يشذّ عن القاعدة. فتماشيًا مع ولوج مجتمعنا عالم الحداثة في أنماط عيشه وفي الاستفادة من أحدث الإبتكارات العلميّة والتقنيّة، ومع سعيه إلى تلبية مطالب المواطنات والمواطنين المتطلّعين إلى بناء دولة ديمقراطيّة حديثة، أقرّ المشترع اللبناني كامل الحقوق السياسيّة للمرأة منذ العام 1953"، مشيرةً إلى أنّ "مع ذلك، لم تدخل سيّدة إلى البرلمان إلّا في العام 1963، ولم تشارك سيّدة في الحكومة إلّا في العام 2004".

وأوضحت أنّ "اليوم، تتشكّل حكومة تصريف الأعمال الحاليّة بنسبة 30% من سيّدات، وعدد القاضيات في المحاكم اللبنانية يقارب نسبة الـ50% من الجسم القضائي، وتتعدّى 30% نسبة السيّدات بين سفراء الفِئة الأولى. مع ذلك نرى في المقابل أنّ عدد السيّدات النواب المنتخبات عام 2018 لم يزيد عن الستة على 128 نائبًا، وأنّ نسبة السيدات المنتخبات في المجالس البلدية في العام 2016 لم يتجاوز نسبة الـ5.6% من مجمل الأعضاء المنتخبين".

وأفادت عون بأنّ "ما يمكن استخلاصه من هذه النسب هو أنّ النساء اللبنانيّات نجحن بفضل قدراتهن العلميّة والمهنيّة، في الحصول على تقدير المجتمع لهن وعلى فرض أنفسهن في مراكز القرار، إنّما وجودهن لا يزال خفيفًا على صعيد الحياة السياسيّة. فعلى الرغم من بعض النجاحات ومن وصول بعض السيّدات الحزبيّات إلى مراتب متقدّمة في أحزابهن، لا تزال مشاركة النساء في الحياة السياسيّة الحزبيّة والبرلمانيّة، خجولة في لبنان".

إلى ذلك، أعلنت أنّ "من هنا كان التركيز في التدخّلات الّتي تضمّنتها الخطّة الوطنيّة لتطبيق القرار 1325، لزيادة مشاركة المرأة ودورها القيادي في الحياة السياسية والعامة، على ضرورة اعتماد تدابير موقّتة خاصّةً في الأطر الانتخابيّة الوطنيّة والمحليّة، ومنها اعتماد كوتا نسائيّة في القوانين الانتخابية لا تقل عن 50%، والعمل مع الأحزاب السياسيّة والنقابات من أجل اعتماد الإجراءات الكفيلة بزيادة المشاركة النسائيّة في المناصب الحزبيّة القياديّة. إضافةً إلى بذل الجهود من أجل تنمية القدرات التقنيّة لدى النساء، لتسهيل إقدامهنّ على الترشّح للمناصب القياديّة وإنشاء شبكات داعمة لهن من نساء رائدات في العمل السياسي والبلدي، والعمل مع وسائل الإعلام ومع القادة السياسيّين من أجل إبطال التنميط الجندري في السياسة بنوع خاص".

وأكّدت عون أنّ "للنساء اللبنانيّات حقّ في المواطنة الكاملة. ونحن في "​الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية​" كما في ​المجتمع المدني​، صاحبات وأصحاب مساع جادة لإحقاق هذه الحقوق. ونحن أيضًا من القائلات والقائلين إنّ للنساء اللبنانيّات أيضًا واجبات تحتّم عليهن كمواطنات تحمّل واجباتهن السياسيّة، وليس لهن أن يتركن الميدان للرجال فقط بحجّة أنهنّ غير قادرات على تحمّل وزر تبعات المسؤولية السياسيّة. فلا خشية للنساء عندما تكون هذه المسؤوليّة واضحة المعالم، ولا خشية لهن عندما تكون دولة القانون هي الحاكمة في البلد".

كما أوضح أنّ "في مجتمع كالمجتمع اللبناني، تمكّنت فيه النساء من إثبات قدراتهن في المجالات كافّة، يتمثّل الحافز الأهم لدفع النساء إلى الولوج في المجال السياسي في توفير الضمانة بأنّ القانون هو السائد، وبأنّ تنفيذه لا يتوقّف على إرادة سياسيّة مؤيّدة له أو معترضة عليه. ونحن نعوّل على أجيال الشباب لاستيعاب ضرورة العمل على تطوير القوانين، وعلى الحرص على تطبيقها، كي يسود العدل وتتأمّن مشاركة النساء الرجال الكفؤات والكفوئين في قيادة الوطن".