لفت متروبوليت ​بيروت​ وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران ​الياس عودة​، إلى أنّ "التواضع فضيلة الفضائل، وحسن الإصغاء أيضًا فضيلة. ما ينقص معظم ال​لبنان​يّين، والمسؤولين بخاصّة، هو التواضع العميق، تواضع القلب والفكر، والإصغاء إلى النقد قبل المديح. لقد حاولنا مرارًا وتكرارًا، حبًّا بهم وبوطننا، لفت نظرهم إلى مواطن الخلل في حياتنا ومسيرة وطننا، ولكن كما يقول الشاعر: "لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي". للأسف، لهم عيون ولا تبصر ولهم آذان ولا تسمع".

وأشار، خلال ترؤّسه خدمة قدّاس أحد السامرية في كاتدرائية ​القديس جاورجيوس​، الّذي رقّى خلاله الإيبوذياكون مايكل إلى رتبة الشموسيّة وأعطاه إسم باييسيوس، والشماس سلوان إلى رتبة الكهنوت، إلى أنّهم "لو شكّلوا حكومةً اتّخذت الإجراءات الضروريّة منذ مدّة، لما وصلنا إلى هذا القعر. لو حوّلوا شعاراتهم إلى حقائق، وطَبّقوا ما ينادون به من ​محاربة الفساد​، و​التدقيق الجنائي​، وحفظ حقوق المواطنين، والتخلّص من الطائفية وغيرها من الشعارات، لما انهار البلد ويئس المواطن".

وأوضح المطران عودة أنّ "المؤسّسات الوطنيّة إقطاعيّات للطوائف، والوزارات حكر على أحزاب، والنزاعات الطائفيّة ازدادت، والمظاهر المسلّحة و​السلاح​ المتفلّت والإستعراضات الاستفزازيّة لا تَجد من يقمعها، والفساد ما زال مسيطرًا على النفوس والإدارات، والإحتكار تفاقم والغلاء استفحل، و​المحروقات​ ندرت لأنّها تُهرَّب أكثر فأكثر، و​أزمة النفايات​ لم تُحل، أمّا ​الكهرباء​ فعوض أن تكون من بديهيات الحياة أصبحت كالبدر تفتقد، لأنّ الهدر زاد عوض معالجته، والجباية تكاد تكون متوقّفة وهي مصدر التمويل الأساسي لمؤسّسة الكهرباء، وقد سمعنا عن مليارات متراكمة لم تحاول إدارة الكهرباء حتّى المطالبة بها، كما لم تحاول توقيف التعدّيات على الشبكة ومعاقبة الفاعلين، أو وقف الهدر والسرقة، وجباية المستحقّات واستيفاء الديون أو وضع برنامج واضح لصيانة المعامل وزيادة الإنتاج وغيرها من الأمور الّتي تساهم في تأمين الكهرباء للبنانيّين".

وركّز على أنّ "اللبناني لم يعد يصدّق أنّ الدولة لم تكن قادرة على إيجاد الحلول لمشكلة الكهرباء طيلة عقود"، متسائلًا: "أيذ لغز هو لغز الكهرباء؟ هل هي مهمّة مستحيلة أم أنّ هناك سببًا آخر نجهله؟ أين التخطيط والإستشراف؟ أين الإدارة الرشيدة؟ وهل يعاقب الشعب بأكمله بسبب بعض الفاسدين والمعرقلين والسماسرة؟ هل على المواطن أن يبقى ضحيّة الضغينة والحقد والنكايات، أو قصر النظر والإستهتار وعدم التخطيط، وأن يتأقلم مع كلّ الأوضاع حتّى وإن كانت على حساب راحته وكرامته؟ وهل يوجد في القرن الحادي والعشرين بلد يعيش في الظلمة ويتّكل على المولّدات الخاصّة، عوض بناء معامل الإنتاج، وحتّى إنتاج الطاقة البديلة النظيفة؟ أين حاملو لواء محاربة الفساد؟ أين المحاسبة؟".

كما أكّد عودة "أنّنا بحاجة إلى محاسبة كلّ فاسد أو مقصّر أو متعدّ. من هنا يبدأ الإصلاح. وقد أصبح ضروريًّا لأنّ حياة اللبنانيّين أصبحت في خطر. حتى ​الأدوية​ لم تعد موجودة، ومرضى ​السرطان​ يعانون، كما تعاني ​المستشفيات​ من نقص حاد في ​المستلزمات الطبية​ والأدوية وكلّ ما تستعمله في المختبرات وغرف العمليات"، مبيّنًا أنّه "لم يعد بمقدور المستشفيات أن تقوم بواجبها تجاه المواطنين الّذين سُرقت أموالهم، واستُنزفت ودائعهم في دعم سلع تهرب أو تحتكر، ودولتهم عاجزة عن دعم ما هو أساسي لصحّتهم، أعني الأدوية والكواشف المخبريّة وغيرها من المستلزمات الطبيّة".

وسأل: "أين كان المسؤولون عندما استبيحت خيرات لبنان وأموال اللبنانيّين هدرًا وسرقةً وفسادًا؟ وهل صحّة اللبنانيّين سلعة أو ورقة مساومة؟.بئس ما وصلنا إليه". وذكر أنّ "الآن، يَعدون المواطنين ببطاقة تمويليّة أخشى أن تُصرف ممّا تبقى من ودائعهم، فنكون كمن يلحس المبرد ويتلذّذ بطعم دمه، كما أخشى أن تُشكّل رشوةً انتخابيّةً يستعملها السياسيون لغاياتهم".

وشدّد على أنّ "دعاءنا أن يرأف الله بنا وأن يلهمنا الصبر وطول الأناة، وأن يضع في قلوب من يتولّون أمرنا المحبّة والتواضع والرحمة، ويمنحهم صحوة الضمير وبُعد النظر وحسن التخطيط وخاصّةً حسن الإصغاء".