مسألة هدر ​المال​ العام أصبحت "مسلسلاً" طويلاً لا ينتهي، ومن يبحث في "دفاتر" الدولة يجد قضايا وأموراً لا يعرف إذا كانت "مخالفة" أم لا؟... هل تتخيّلون مثلاً أن شخصاً متعدياً على الأملاك العامة بدل أن يدفع للدولة تقوم الدولة بالتعويض له بمليارات الليرات؟.

في بلد غير ​لبنان​ هذا لا يُمكن أن يحصل لكن هنا تحصل مثل هذه الأمور وتمرّ مرور الكرام وكأن شيئاً لم يكن في وقت ينهار فيه البلد!.

"النشرة" حصلت على قراري إستملاك لمحالّ على الطريق العام في جل الديب-انطلياس من الجهة المقابلة لأيشتي... في هذين القرارين يظهر وبالأرقام كيف تهدر الأموال.

التنازل عن التعويض

بتاريخ 03/01/1971 اصدرت ​بلدية انطلياس​ قرارًا يحمل رقم 231 موضوعه طلب اشغال أملاك عمومية لقاء تنازل عن تعويضات استملاك. وفي المحضر تأكيد على أن خليل منصور بو حبيب مالك العقار رقم 208 في انطلياس عرض التنازل عن حقّه في تعويض الاستملاك مقابل الاستمرار بإشغال البناء وقد وافق المجلس البلدي وقتذاك على الموضوع.

هذا التنازل حصل، ليتبين بعدها وبقرار يحمل رقم 275/2018 الصادر عن لجنة الاستملاكات في ​جبل لبنان​ التي يرأسها رئيس ​مجلس القضاء الاعلى​ السابق ​القاضي جان فهد​ أن اللجنة حكمت لأصحاب العقار رقم 208 (وهو كناية عن هنغارين أحدهما يتضمّن مولدا كهربائيا و7محلات تجارية) وهم خليل منصور بو حبيب، اميلي بطرس بو سابا، ايلا ويولا مخايل بو حبيب، خليل مخايل بو حبيب مساحة العقار 4763 متر مربع بالتعويض بمبلغ قدره 5 مليارات ليرة لبنانية.

800 مليون كتعويض

أكثر من ذلك في القرار رقم 278/2018 الصادر عن لجنة الاستملاكات بناء على المرسوم رقم 9194 تاريخ 08/10/1974 القاضي بتصنيف تخطيط التصميم التفصيلي العام لمناطق عمارة شلهوب-الزلقا-جل الديب-انطلياس-النقاش والذي حصلت "النشرة" على نسخة منه ويقضي بالدفع لحبيب كسرواني شاغل العقار 208 الذي يستخدم كمسمكة (كسرواني سيفود) بالتعويض بمبلغ 800 مليون ليرة لبنانية وذلك عن جميع الأضرار الناتجة عن خسارة الموقع والزبائن والانتفاع من جراء الاستملاك والديكور وغيرها.

إذا، حكمت لجنة الاستملاكات في جبل لبنان التي يرأسها القاضي جان فهد لأشخاص بمبالغ بالمليارات في العام 2018 عندما كان الدولار لا يزال على سعر الصرف الرسمي أي 1515. ولكن في المقابل وبحسب مصادر فإنه استناداً لقوانين استملاك الاملاك العامة العموميّة فإنّ شاغل عقار بشكل غير قانوني أو بقسم منه متعدٍّ على الدولة، فإنه يُمكن للدولة أن تقوم بإزالة التعدّيات وأن تحكم ببدل أشغال عن 30 سنة، مضيفة: "المالك خليل بو حبيب تنازل عن التعويض ليشغل المبنى، فبقي في المبنى وقبض ثمن التعويض أيّ وكأنّه تقاضى المبلغ لمرّتين".

"النشرة" عرضت قرارين من مئات القرارات التي أصدرتها لجنة الاستملاكات، والسؤال الأهمّ هنا "أمام هكذا قرارات وأمام هدر بهذا الحجم أين ​التفتيش القضائي​ والرقابة الماليّة في ​ديوان المحاسبة​ خصوصا وأنها هي من تسدد المبالغ"؟.

​​​​​​​

​​​​​​​

​​​​​​​