نظمت السفارة الفرنسية في لبنان، بالشراكة مع ​وزارة التربية والتعليم العالي​، طاولة مستديرة تحت عنوان "أي مستقبل للتعليم في لبنان؟" في المعهد العالي للأعمال- كليمنصو- ESA، بحضور ومشاركة وزير التربية والتعليم العالي ​عباس الحلبي​، سفيرة فرنسا ​آن غريو​، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب الدكتور ​يوسف نصر​، وشخصيات تربوية وأكاديمية وثقافية وإدارية. وقدم الحوار وأداره رئيس تحرير "لوريان لو جور" ميشال حلو.

بعد النشيدين اللبناني والفرنسي، ألقت غريو كلمة شكرت فيها ل"الوزير الحلبي حضوره ومشاركته في هذه الطاولة المستديرة، رغم الظروف الدقيقة والضغوط الكبيرة التي يتعرض لها لبنان"، مشيرة إلى أن "هذه الطاولة تعقد اليوم من أجل الإضاءة على الواقع التربوي في لبنان، حيث تؤثر عوامل عدة عليه من ظروف اقتصادية شديدة الصعوبة إلى ظروف وباء كورونا التي أثرت كثيرا"، وقالت: "هذه الطاولة تعقد حتى نتبادل الأفكار حول مستقبل التربية في لبنان، الأمر الذي يعني الوصول إلى الاستقرار التربوي في بلد يتميز بالطابع التعددي والمتنوع، وقادر على تقديم الغنى الثقافي والتربوي ليكون نموذجا يحتذى".

ولفتت إلى أن "فرنسا تركز في شكل كامل على ​القطاع التربوي​ وتضعه في أساس التعاون مع لبنان. وانطلاقا من أهمية النظام التربوي، وجدت من الضروري أخذ الوقت اللازم لإيجاد الحلول لهذا الواقع ومساعدة لبنان بطريقة صحيحة لإنقاذ نظامه التربوي في عالم العولمة، وقالت: "سيشهد النموذج اللبناني تغيرات كثيرة. ولذلك، علينا توقعها وطرح الحلول لمواجهتها ومواكبتها حتى لا نقع في ظروف لا نتوقعها وتصبح المعالجة صعبة جدا. وبالتالي، يجب وضع الركائز المتينة لتقديم تربية مهمة، فهذا هو الطموح الذي يشجعنا، وهذه هي علامة على أن هذا العمل يجب أن يكون جماعيا، ففريقكم قدم خطة استراتيجية بدعم من ​اليونيسكو​".

أكدت غريو، "أننا نريد من لقاء اليوم أن يكون كتحد لاستمرار النظام التربوي اللبناني، رغم الصعاب وأن تستقبل ​المؤسسات التربوية​ كل الطلاب، ومن الضروريّ وضع رؤية حقيقية لتهيئة النظام التربوي اللبناني لما بعد الأزمة، ففرنسا طرف مانح، لكنها دولة موجودة بفعل الخبرة الطويلة على الصعيد التربوي. وبالتالي، يجب أن نواجه الوضع الطارىء بالشكل المناسب، فنحن نحتاج إلى أن تكون لدينا رؤية كاملة وواضحة عن القطا ع التربوي. كما يجب أن نفكر بأهمية القطاع التربوي الخاص في لبنان، لأنه إذا تعرض للتراجع والانهيار سيكون تاثيره كبيرا، خصوصا أن ​القطاع الخاص​ يتعاون بشكل كبير مع النظام التربوي في فرنسا. ويفترض علينا مواجهة الحالات الطارئة بشكل منظم ومدروس".

من جهته، شدد الحلبي، على أنه "يتأثر تدريس اللغة الفرنسية في لبنان اليوم بعدد كبير من العوامل السياسية والاقتصادية واللغوية والأكاديمية والصحية. لقد تأثر نظامنا التعليمي لأكثر من عام نتيجة الوباء العالمي. ومع ذلك، في هذا السياق المعقد، يسعدني الأداء السلس والديناميكية لشبكة المؤسسات التعليمية في لبنان وفقا للمنهج الفرنسي، والذي كان قادرا على التنقل في "منطقة الاضطراب" هذه بكفاءة ومثابرة. أرحب أيضا بتطوير شبكات CELF شهادة في اللغة الفرنسية وLFE علامة تعليم فرنسا، لصالح القطاعين العام والخاص. وإنني مسرور خصوصا، في هذا السياق، بتصنيف CELF و LFE للمؤسسات العامة. وفي ظل هذه الديناميكية، فإننا من الآن فصاعدا نفكر في إنشاء "أقطاب التميز للمؤسسات العامة" في كل مناطق لبنان".

وأكد "​الدعم​ الكبير الذي تقدمه فرنسا إلى مركز البحوث التربوية والتنمية (CRDP) في لبنان منذ سنوات عدة، في ما يتعلق بإصلاح مناهج 1997، والتي تعد إعادة كتابتها أمرا أساسيا وعاجلا. ولذلك، من المناسب أن يجد تدريس اللغة الفرنسية مكانه الكامل في المناهج الجديدة في منظور متعدد اللغات الذي يشكل ثراء التعليم اللبناني. وعلاوة على ذلك، أود أن أشير إلى قطاع التعليم التقني والمهني الذي يهتم بشكل كبير بالشباب اللبناني، وهو قريب خصوصا من قلبي".

أشار الحلبي، إلى "أنني أعلم، سيدتي السفيرة، أن خدماتك تبحث أيضا في هذه المسألة، وأكرر تواجدي المستمر لك لدفع المشاريع التي تلوح في الأفق في هذا المجال، وإن دعمكم للقطاع المدرسي ضروري وحاسم في عملية إعادة البناء الوطني. كما أعلم أن العمل الذي يجمعنا اليوم سيركز على تشخيص عام للوضع الحالي لنظام التعليم الوطني، مع التفكير في عناصر الاستجابات التي سيتم تقديمها من أجل مساعدة القطاع المدرسي اللبناني بشكل أفضل على التعامل مع الأزمة على المديين القصير والطويل، أكاديميا وماليا، بالتشاور وبالشراكة مع ممثلي المانحين الحاضرين هنا. وفي هذا المنظور وفي خطة التعليم الخمسية، سيركز تفكيرك على تحديات النهج العالمي الشامل في القطاعين العام والخاص، والحفاظ على جودة التعليم في هذين القطاعين، واستدامة النماذج الاقتصادية التطورات الحالية والمحتملة التي يجب مراعاتها والحفاظ على التعددية اللغوية كثروة تربوية وعنصر للهوية اللبنانية".

وأضاف أنه "أصدقائي الأعزاء، إن دعمكم للقطاع المدرسي ضروري وحاسم في عملية إعادة البناء الوطني. وبالتالي، أود أن أشكر فريق السفارة الفرنسية في لبنان بأكمله على تنظيم هذه الطاولة المستديرة والعديد من المتعاونين معي من وزارة التربية والتعليم العالي، وكل الجهات الفاعلة في التعليم التي اجتمعت اليوم في ESA، خصوصا ممثلي المانحين الدوليين، الذين من دونهم لن يكون هناك تغيير كبير ودائم. أهنئكم بحرارة جميعا على مشاركتكم مدى الحياة واستثماركم الذي لا يتزعزع في تطوير التعليم والتدريس المتناغم المتعدد اللغات في لبنان".