لا تزال انتخابات نقابة المحامين في بيروت والشمال والتي جرت الاحد الماضي تحت المجهر، وخصوصاً انها تأتي قبل 5 اشهر من الانتخابات النيابية.

وإذا كان المتابعون في المجال النقابي، لا يروون ان هناك صلة بين الانتخابات النقابي والنيابية فلكل منها ظروفها وحيثياتها الشعبية والسياسية والطائفية والمذهبية.

ويعتقدون ان المقارنة بين نتائج الانتخابات في نقابة المهندسين او الصيادلة او حتى نقابة المحامين منذ ايام والاستحقاق النيابي، لا تصح لاختلاف حجم هذه المعارك مع استحقاق تلعب فيه عوامل داخلية مثل التحالفات والمال والدعم الدولي والتكتلات الداخلية وكذلك القانون المقفل وحتمية فوز كل من يمتلك كم الاصوات الاكبر والمتمثل بالصوت التفضيلي.

ويرى هؤلاء المتابعين انه يمكن ايضاً من خلال الانتخابات الطالبية والنقابية التأكيد ان "ثورة 17 تشرين الاول"، في تراجع واضح وان لا مشروع لديها، فلا يكفي "سب السلطة وشتمها ولعنها" وشيطنتها واتهامها بالتقصير والفساد. ولا يكون هناك مشروع بديل يسد فراغ هذه السلطة ان رحلت في الشارع او عبر صندوق الاقتراع.

واذا وضعت انتخابات نقابة المحامين تحت المجهر، فالقراءات عديدة ومتشعبة لما جرى الاحد في ضفة الثورة والمحامين و8 آذار المتحالف مع "الثنائي الشيعي".

وفي مقلب تحالف "الثنائي الشيعي" و8 آذار، تؤكد اوساط حقوقية وسياسية فيه ان انتخابات نقابة محاميي بيروت، ثبتت الاحتكام الى الديمقراطية وانها تحكم عملها وان المحامين عينهم على الاصلاحات والهم المعيشي، وعلى رجل يجب ان تبقى عينه الى داخل النقابة وهمومها كما يراهن المحامون على النقيب الجديد ناضر كسبار، لا ان ينصرف الى العمل السياسي وتصفية الحسابات والاستعراضات الشعبوية كما فعل سلفه.

وتشير الاوساط الى ان فريق 8 آذار وحتى المحامين المستقلين والواقعيين داخل مجموعات الحراك، يقرون ان النقيب السابق ملحم خلف، "اجهز" على النقابة وعطل الحياة القضائية للمحامين بإضراب لاشهر لم ينته بتحقيق المطالب او بانصاف المحامين جوهرياً. وما حققه بالاضراب بعد تعطيل حياة ومعيشة المحامين كان يمكن ان يحققه من دون اضراب لانه ليس مكسباً بل تحصيل حاصل.

وتقول ان حماية المحامي وتحصين كرامته المعنوية والمادية، لا تكون بخوض معارك سلطوية وشعبوية فاشلة. وبدل الانصراف الى السياسة، كان لا بد من الالتفات الى صندوق التعاضد وهموم المحامين الحياتية.

وتشير الاوساط ايضاً الى ان عدم وحدة مجموعات "الثورة" وترشح شخصين لمنصب النقيب وعدم وجود لائحة متكاملة، بالاضافة الى تشرذم البيئة الشعبية، ادى الى هزيمتها في انتخابات نقابة محامي بيروت.

اما عن انتخابات نقابة محامي الشمال، تؤكد الاوساط ان هذه النتيجة وبوصول مرشحة تيار المردة ماري تيريز القوال لتتبوأ منصب نقيبة محامي الشمال لتكون اول إمرأة تحصل على هذا المركز، وبدعم من النائب فيصل كرامي و"تيار الكرامة"، يشير الى عودة وحضور تحالف 8 آذار الى الواجهة في الشمال، بعد انكفاء لسنوات بسبب الحرب السورية والانقسام الكبير في الشمال بين مؤيد لنظام الرئيس السوري بشار الاسد وبين معارض له.

واخيراً ومع استئناف حلفاء سوريا واحزابهم نشاطها في الشمال وعكار ولا سيما القومي والبعث العربي الاشتراكي والمعارضة السنية وفوز القوال بمنصب نقابة المحامين والذي كان يشغله المحامي محمد المراد والقريب من "تيار المستقبل"، هذا ما يؤكد ان المزاج الشعبي والطرابلسي السني والمسيحي "نسبياً" الى خيار التحالف مع سوريا والمقاومة، ولو بحدود على حساب تراجع حضور "المستقبل" والحضور "الهزيل" لباقي القوى السنية الطرابلسية.

بدوره يؤكد نقيب المحامين السابق ملحم خلف لـ"الديار"، ان السياسة تنتهي عند باب نقابة المحامين وهو ما كان يفعله خلال توليه النقابة.

ويؤكد خلف ان الانتخابات التي جرت في نقابة المحامين، تعكس الحس الديمقراطي للمحامين وتاكيدهم ان الهم النقابي هو الاساس ولا مكان للعمل الحزبي او السياسي داخل النقابة.

من جانبه يؤكد المحامي رفيق غريزي وهو احد المحامين الناشطين في مجموعات "ثورة 17 تشرين الاول"، وفي مجال الدفاع عن المودعين، ان الثورة في حاجة الى اعادة نظر ولا بد من قراءة نقدية ذاتية ، حيث اثبتت النتائج ان الشعب وجمهور الثورة عاتب عليها وعلى ادائها وحيث بدت مشرذمة وبلا هدف واحد.

ويؤكد غريزي لـ"الديار"، ما يتم تداوله بين المحامين، عن ارتياح كبير لوصول المحامي ناضر كسبار الى منصب النقيب، وهو له باع طويل في العمل النقابي والدفاع عن همّ النقابة وهو معروف انه مستقل وقد تكون احزاب السلطة وجدت فيه نقطة التقاء، لكنه غير حزبي، وهو اكد ان اهتمامه منصب الى داخل النقابة، وهذا ثابت بالاضافة الى علاقاته الجيدة مع كل المحامين.