يسابق ​لبنان​ أي دولة اوروبية في إنتشار أخبار مستجداته حول العالم. سرعان ما يصل خبر قطع طريق في أحد الشوارع الفرعيّة في عاصمته، إلى مسامع المغتربين المنتشرين والراغبين العرب او الاجانب بزيارة بيروت. مما يفرض الحذر عندهم ومراجعة اي قرار بشأن زيارة لبنان.

كنت في زيارة عاصمة عربية منذ أيام، ولبيّت دعوة عشاء في منزل أحد الاصدقاء، بحضور مدعوين يحملون جنسيات عربية مختلفة، سألوني بلهفة عن مسار ومصير لبنان: كيف أوضاع البلد؟.

كان جوابي البديهي سريعاً: صعب جداً إقتصادياً.

ثم دار نقاش بيني وبين الحاضرين، بناء على أسئلتهم وأجوبتي، وهو نقاش يعبّر عما يدور في بال المغتربين والمنتشرين والعرب المهتمين بزيارة لبنان:

السؤال: هل تقتصر الأزمة على صعوبة الوضع الاقتصادي؟.

الجواب: هي الأساس التي تستولد أزمات متعددة: انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، غياب التيار الكهربائي بشكل كبير، أزمة الدواء بسبب جشع المحتكرين التجار، وغباء أو تآمر مؤسسات الدولة تاريخياً إزاء التعامل مع أباطرة الدواء، عجز المواطنين عن تلبية المتطلبات المادية للإستشفاء، ارتفاع اسعار المنتجات الاستهلاكية، كل ذلك مقابل تدني الأجور التي لم تعد تكفي شهرياً لملء خزان وقود السيارة بمادة البنزين.

السؤال: كيف يمكن لكم الصمود في ظل انقطاع ​الكهرباء​ المتواصل، اربع ساعات من اصل اربع وعشرين ساعة، في ظل ارتباط كل عناوين الحياة بالكهرباء؟.

الجواب: هي المشكلة العُظمى التي اوجد اللبنانيون بديلاً عنها، كان موقتاً وصار دائماً، عبر الاشتراك بمولدات خاصة تؤمن الكهرباء حوالي ١٢ ساعة يومياً، بعدما كانت تؤمنّها طيلة الساعات التي يغيب فيها تيار كهرباء الدولة سابقاً، في زمن التقنين المقبول. لكن كلفة الاشتراك أرهقت اللبنانيين الذين يرزحون حالياً تحت اعباء التكاليف الباهظة للكهرباء.

السؤال: اذا حضرنا الى بيروت، هل نعيش في العتمة لحظة غياب كهرباء الدولة والاشتراك؟.

الجواب: ابداً، لا تغيب الكهرباء عن الفنادق.

السؤال: ماذا عن الشوارع؟.

الجواب: يصبح بعضها معتماً في الليل.

السؤال: لن نقدر على السهر ليلاً خارج الفنادق؟.

الجواب: يمكنكم السهر حيث تشاؤون. لم يتغير النمط كثيراً. لا تزال معظم المطاعم والملاهي ناشطة، بعدما فرضت الازمة الاقتصادية وتداعيات كورونا اقفال بعضها.

السؤال: هل هناك أمان في البلد للتنقل بين مناطقه وشوارعه؟.

الجواب: لا يزال الشعب اللبناني الطيب يحافظ على عاداته وتقاليده رغم كل ازماته. وتقوم القوى الامنية بكامل ادوارها.

السؤال: لكن ماذا عن قطع الطرقات؟ الا يوجد تعدي على المارة من قبل قطّاع الطرق؟ .

الجواب: لا يدل قطع الطرق عن سوء الحالة الأمنية، فهناك قطع يحصل لطرق معيّنة لبعض الوقت، من قبل محتجين على سوء الاوضاع الاقتصادية، من دون تعديات على أحد. مما لا شك فيه انها ظاهرة احتجاجية تضرّ بمصالح الناس، لكنها لا تشكّل عنواناً لأزمة امنية. هناك بدائل للطرق المقطوعة جزئياً.

لا يجب ان تمنع تلك الظواهر الاحتجاجية المحدودة المغتربين والسيّاح من الحضور الى لبنان.

السؤال: هل اصبح البنزين متوافراً من دون طوابير؟

الجواب: نعم ولا مشكلة بعد رفع اسعار المحروقات.

السؤال: هل يعني كلامك ان السياحة ممكنة في لبنان حالياً في موسم الاعياد؟.

الجواب: نعم، بالتأكيد. لبنان الذي يئن بسبب ازماته السياسية-الاقتصادية، يستضيف بشكل دائم الآتين اليه من اجل الطبابة او السياحة الثقافية والدينية والترفيهية. لا بل ان السياحة في لبنان حالياً هي الأقل كلفة بسبب تدهور سعر العملة امام الدولار الاميركي. مما يعني ان تكلفة اسبوع اقامة في لبنان تساوي تكلفة يومين قبل سنتين.

السؤال: اين تنصحنا بالذهاب ضمن لبنان؟.

الجواب: يمكنكم التجول بكل الاتجاهات من العاصمة الى كل المناطق، مع الأخذ بعين الاعتبار بدء موسم الثلوج والبرد.

السؤال: لماذا يصوّب الإعلام اللبناني على اظهار المشاكل وتداعيات الازمة من دون شرح العناوين التي تحدّثنا عنها؟.

الجواب: اعلامنا حر. يعكس جوانب الازمة على طريقته. ولكل حساباته.

السؤال: لماذا يقول لنا اصدقاؤنا اللبنانيون ان البلد كئيب؟.

الجواب: نعم كئيب، بسبب تداعيات ازمتنا الاقتصادية التي انعكست غياباً للكهرباء، وفي انهيار سعر العملة، وارتفاع الاسعار في بلد يستورد كل المواد الاستهلاكية من الخارج. لكن لا كآبة عند الذين يحصلون على مداخيلهم المالية بالدولار. انهم الوحيدون الذين يعيشون الرفاهية والراحة النفسية في لبنان. الباقي يموتون في كل يوم.

انتهى النقاش بيننا، على امل ان اصطحب من مطار بيروت قريباً بعض الذين اتخذوا قرار المجيء الى لبنان لقضاء فترة الاعياد.