يتحوّل السجال بين «حركة امل» و«التيار الوطني الحر» الى «ثلاثي الابعاد» : حكومي ومجلسي وافتراضي، كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية، وكلما اقتربت السنة الاخيرة من العهد من نهايتها، وقد رفعت تصريحات رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري من «سخونة» السجالات التي باتت شبه يومية بين «التيار الوطني الحر» و"حركة امل".

وبعد تحميل الرئيس عون بري وحزب الله مسؤولية تعطيل الحكومة وفرض شروط لاعادة انتظام الجلسات وربطها ببت مصير المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار امام وفد مجلس نقابة المحررين، استفاد بري من زيارة الوفد نفسه له ليرد «الكرة» الى عون، بالقول انه مستعد للصعود للقاء عون الى بعبدا «ماشيا»، اذا لمس ان هناك حلولاً للازمات الراهنة.

السجال الرئاسي ليس وحده «الملتهب» بين الفريقين، بل اشتد وطيس السجالات بين نواب ووزراء الطرفين، خصوصاً الإطلالة الاخيرة للنائب والمعاون السياسي لبري علي حسن خليل عبر تطبيق «كلوب هوس»، وهي إطلالة، ووفق المعلومات محضرة سلفاً ومنظمة من قبل الناشطين في «حركة امل» في لبنان والاغتراب، وتمت دعوة الناشطين والحاضرين بشكل فردي ودقيق، للرد على ما تصفه اوساط قيادية في «حركة امل» على الحملة الممنهجة التي يشنها «التيار» والناشطين في صفوفه محلياً واغترابياً، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً عبر «تويتر» و «غروبات» «الواتس اب». ولكن «الضراوة» تتم عبر تطبيق «كلوب هاوس»، الذي حرص علي حسن خليل على الإطلالة الشاملة عبره ليرد على المغالطات والاتهامات، لا سيما في مجال تعطيل الحكومة والمقايضة بين ملف الطيونة والمرفأ وعقد «صفقات» بين «أمل» و «القوات» على حساب دماء الشهداء.

وهذه النقطة تحديداً حوّلت السجالات بين الناشطين وحتى القياديين الى مادة ملتهبة، واثارت غضب الحزبيين والمناصرين لـ «أمل».

وتؤكد اوساط «امل» انه عندما يسعى فريق عبر القضاء، اكان القاضي البيطار ومجلس القضاء الاعلى الى تصفية حسابات سياسية مع بري شخصياً عبر السعي الى توقيف معاونه وترك الآخرين من الذين يفترض ان يمثلوا امام القضاء من قضاة ووزراء ونواب ورؤساء حكومات سابقين وامنيين، يعتبر بري ان هذه الرسائل موجهة ضده من الرئيس عون وصهره النائب جبران باسيل عبر القضاء وفي السياسة، وعبر الحزبيين والنواب والناشطين التابعين لـ «التيار».

وتشير الاوساط في المقابل، الى ان الحديث عن عدم توقيع عون لمرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، والسماح بالتالي لملاحقة علي حسن خليل والنائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق (القانون يسمح بالملاحقة خارج دورة انعقاد مجلس النواب) والرئيس حسان دياب وتوقيفهم، يضر اولاً بالرئيس عون وبعهده في السنة الاخيرة، والحديث عن ربط انعقاد الحكومة بمجلس النواب ايضاً خطير وضرره يطال الجميع واولهم العهد. وتشير الاوساط الى ان هذا الكباش مستمر والسجالات باقية، طالما هناك انتخابات ويريد باسيل ان يخوضها ويشد العصب المسيحي والبرتقالي.

كما تنفي الاوساط اي تدخل لحزب الله بين الطرفين، لانه بات من الصعب وقف هذه السجالات لكون الفريقين على طرفي نقيض، ولا قواسم مشتركة سياسية بينهما، و «التيار» لا يتوقف في حملته على «امل» ويسوّق الاتهامات ضدها في الفساد والكهرباء ومصرف لبنان والانتخابات والتعطيل الحكومي، ولا يوفر حزب الله من تهمة المشاركة مع «أمل» وتغطيتها!

في مقلب «التيار الوطني الحر»، تؤكد اوساط قيادية فيه ان «الكيمياء» مفقودة بين بري وعون، وقبل رفض الاول انتخابه رئيساً وعدم تصويته وكتلته له في العام 2016، بالاضافة الى العديد من الملفات العالقة من الفساد الى الكهرباء ومصرف لبنان الى طريقة إدارة الدولة.

فالطرفان من مدرستين مختلفتين ومتناقضتين، ولذلك لن تتوقف السجالات بينهما، وبين كل القوى السياسية الاخرى، وقد تكون مادة انتخابية، ولكن بين «التيار» و «امل» المشكلة السياسية صارت بنيوية، وحزب الله عندما يستطيع لن يقصر ان يحل «ذات البين» بينهما.

وتشير الاوساط الى ان السجال الاخير يقف بري وراءه، وتسعيره جاء عبر معاونه علي حسن خليل، وتقصدا شن حملة ممنهجة، رغم ان عون لم يسم بري ولا حزب الله امام نقابة المحررين. وما يريده الرئيس عون هو انتظام الحياة السياسية وعودة اجتماع الحكومة لتسيير البلد وحل الازمات، وليس صحيحاً انه لن يوقع مرسوم دورة انعقاد مجلس النواب الاستثنائية، وهو الحريص على عمل المؤسسات، وهناك حاجة ملحة لاقرار القوانين والتشريعات اللازمة لاجراء الانتخابات والسلة المعيشية وقضايا مطلبية عديدة.

وعن الهجمات المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد الاوساط ان من الصعب ضبط المنصات والعالم الافتراضي، رغم ان «التيار» يحاذر الانجرار وراء سجالات قد تؤدي الى ردات فعل في الشارع وعلى ارض الواقع، وقد يكون هناك اسماء وهمية ومدسوسين لصب الزيت على النار ولتأجيج الصراع السياسي وتحويله الى خلاف شيعي - مسيحي. لذلك لا نتبنى مواقف البعض، خصوصاً عبر «كلوب هاوس» الذي يؤجج في الفترة الاخيرة من الصراعات والسجالات.