تُحاط الملفات التي حملها معه الموفد الأميركي والوسيط في ملف ​ترسيم الحدود​ بين ​لبنان​ و"​إسرائيل​" ​آموس هوكشتاين​، بالكثير من السرّية، خاصة أنها تكاد المرة الاولى التي يحمل فيها موفد أميركي بنوداً قابلة للتفاوض وتملك فرصة الوصول الى نتائج ملموسة في وقت قريب، إنما من المفيد مراقبة ما كان يجري في هذا الملف بالتزامن مع المفاوضات التي يقودها هوكشتاين.

البداية من البيان الصادر عن السفارة الأميركية في بيروت، والذي أكدت فيه "أن الترسيم يمكنه أن يخلق فرصة تشتدّ الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان، فهل يعكس هذا الامر حقيقة الواقع؟ وفي هذا البيان استعمل الأميركيون سياسة الترغيب، بعد أن استعلموا سياسة الترهيب طيلة الأشهر الماضية فكانوا من أسباب وصول لبنان الى المرحلة الصعبة التي يتحدثون عن ضرورة الخروج منها.

يحاول الأميركيون الإيحاء وكأن الوصول الى نتائج بملف التفاوض هو بيد لبنان، وبأن بيروت هي المستفيد الاكبر من هذا الترسيم، رغم أن الواقع ليس كذلك، فاسرائيل هي الاكثر إستعجالاً اليوم، خصوصًا بعد أن وضعت الرسالة الرسمية اللبنانية للأمم المتحدة، حقل "كاريش" ضمن المنطقة المتنازع عليها، ومن المعلوم أن شركة "إنرجين"، التي تعمل في حقل كاريش، سترسل في شهر آذار المقبل سفينة للإنتاج تُعرَف باسم FPSO. وهو استحقاق بالغ الأهمية بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، لأن الشركات العاملة في هذا المجال تتجنب عادة العمل في مناطق متنازع عليها أو غير مستقرة أمنياً.

ليس صحيحاً أن نتائج التفاوض بيد لبنان وحده، إلا إذا كان الاميركي ومعه الإسرائيلي يظنّان أن الحل بتنازل لبنان عن حقوقه، لذلك كان التعاطي اللبناني سابقاً مع المهلة الأميركية التي أعطاها آموس للطرفين للوصول الى نتائج، والمحددة في شهر آذار، هي مهلة "ساقطة" بنظر اللبنانيين، لأن الهدف منها كان الضغط على لبنان للتنازل وتسيير أمور الإسرائيليين بحقل كاريش.

كذلك لا بد من ملاحظة أخرى، متعلقة بإطلالة أمين عام ​حزب الله​ السيد حسن نصر الله الاخيرة عبر مقابلة تلفزيونية، إذ برز موقفاً جديداً له"، يتعلق برفض الحزب أي إتفاق فيه شبهة تطبيع أو تنسيق أو تعاون مع اسرائيل، الأمر الذي يُسقط فرضية وجود شركة خاصة بالحقول المشتركة، وهو الأمر الذي تبلغه الوسيط الأميركي من المسؤولين اللبنانيين.

وفي حين كان السيد نصرالله قد أكد أن حزب الله جاهز في حال تعرّض ثروة لبنان للخطر، للردّ، جدد موقف الحزب المعروف، لناحية عدم التدخل بالمفاوضات القائمة، وكان لافتاً حديثه عن أن القرار النهائي يجب أن يصدر عن المؤسسات اللبنانيّة مجتمعة، وليس عن فرد أو قيادي واحد، أي أنّه من المفترض أن يصدر عن مجلس الوزراء، ما يعني أن الحزب سيكون شريكاً في إتخاذه.

حتى الساعة، توحي المعطيات أن الحزب لن يذهب إلى عرقلة أيّ إتفاق، في حال كان ضمن الخطوط العريضة التي يضعها، لكن السؤال يبقى حول ما إذا كان هناك من أفرقاء محليين على استعداد لتجاوز هذه الخطوط لإبرام إتفاق سريع، خصوصاً أن هناك من بات يلمح إلى أن المطلوب الإستفادة من الثروة لا الإبقاء عليها في قعر البحر.