29 تموز 2022 سيصبح قانون الشراء العام نافذا وواجب التطبيق، واذا كان قبطان السفينة يحسن القيادة يأخذ المسار الصحيح ويطبق القانون بآلياته، يضيق الى حد كبير من احتمال الغش والفساد والتراضي خصوصا بوجود لجنة موثوقة تحرص على تطبيقه. هي لجنة الشراء العام والى جانبها لجنة الاعتراضات مع وجوب نشر كل شيء أمام العموم والرأي العام على البوابة الالكترونية.

هذا ما يؤكده مدير عام ادارة المناقصات في التفتيش المركزي ورئيس هيئة الشراء العام جان العليّة في حديث خاص لـ"النشرة"، ويعد أن "أي مناقصة بأي إدارة أو مؤسسة عامة أو بلدية أو هيئة تُموّل من المال العام تخالف أحكام القانون ستكون موضع رصد ومتابعة ومدّعى عليها أمام القضاء إذا لزم الأمر". ويلفت الى ان القانون اذا طبق، بدون تحايل ومحاباة والتفاف من السلطة السّياسية سيكون نقطة فاصلة بين الصفقات السوداء والصفقات البيضاء التي تراعي البيئة وتأتي بالمال النظيف البعيد عن الشبهات.

لكن كيف تعيّن هيئة الشراء العام؟ ما هي صلاحياتها؟ هل لديها استقلالية؟وما هو دور لجنة الاعتراضات؟ أسئلة مشروعة ومطروحة في ظلّ ما حصل خلال العقود الماضية من هفوات ومدّ اليد على الاموال العامة.

تُعيّن هيئة الشراء العام من قبل مجلس الوزراء من خمسة أعضاء (مراعاة للاعتبارات الطائفية على ما جاء بالمادة 95 من الدستور)، بعد اتّباع الأصول في المقابلات والامتحان، ترفع الاسماء للتعيين مع التقيّد بمبدأ الأكثر جدارة بالدرجات وترتيب العلامات. من المفترض أن تضم: رئيس مجلس شورى الدولة، رئيس التفتيش المركزي، رئيس مجلس الخدمة المدنية، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورئيس ديوان المحاسبة، كما تتبع الآلية ذاتها في تعيين لجنة الاعتراضات، ودورها ان تتلقّى الشكاوى من أي شركة لم يسمح لها بالمشاركة في مناقصة معيّنة عن غير وجه حق. هذا وتعتبر قرارات لجنة الاعتراضات ملزمة، مهمتها إعطاء حل سريع للنزاعات.

ويشدد رئيس هيئة الشراء العام على أهميّة الشراء والنشر الالكتروني، وفقا للقوانين النافذةعلى أن تفتح العروض بصورة علنيّة، والتلزيم يحصل حصرا بواسطة لجان التلزيم، وفقا للمادة 6 فقرة 2، فيجب ان تتوافر كل المعلومات على البوابة الالكترونية. من تَقدّم للمناقصة، من رُفِض ولماذا؟ ومن فاز وعلى أي أساس؟ وما هي مهلة التنفيذ؟ ويعرف اسم المشرف. وكل مواطن له الحق في الوصول الى هذه المعلومات وأن تفرض العقوبات على كل من يتدخّل في عمليّة الشراء العام.

وهل تنتهي مع القانون الجديد مسألة العقود بالتراضي؟ ويوضح العليّة انه بموجب القانون الجديد تنتهي مسألة العقود بالتراضي ولا تحصل الا بشكل ضيق ومحدود جدا وفي حالات معيّنة فقط مذكورة في القانون. بالمقارنة مع المادة 147 من قانون المحاسبة تبيّن ان الاتفاقيات الرضائية باتت محصورة بـ5 حالات يتعذر معها اجراء الشراء بالمناقصة العموميّة لاعتبارات فنية أو سرّية...

ولا يخفي مدير عام ادارة المناقصات تحفّظه على بعض النقاط، التي ربما تفتح المجال برأيه للاستنساب، لكنه يراهن على القانون الذي يشدّد بالأساس في مادته الاولى على الشفافيّة والحوكمة والمنافسة والمساواة الذي يرعى الكفاءة والجدارة وليس على الاشخاص.

ويشير العلية الى ان قانون الشراء العام أنشأ هيئة الشراء العام وهي تطوير بالشكل والمهام لإدارة المناقصات التي تراقب فقط إدارات الدولة، لكن اليوم مع الهيئة المذكورة يمكن مراقبة البلديات والمؤسسات العامة والمجالس والصناديق والهيئات والاغاثة، ومن هنا ضرورة توسيع ملاك ادارة المناقصات وتكبيرها، بمعنى آخر هناك تطوير وتوسيع صلاحيّات لإدارة المناقصات مع وجود تحوّل إداري وقضائي من ادارة المناقصات الى هيئة الشراء العام.

يتبين في المحصلة أن قانون الشراء العام إصلاحي بامتياز راعى مبادئ الحوكمة لكن دائما تبقى العبرة في التنفيذّ!.