تعتبر الساحة السنّية من أبرز الساحات التي من المفترض تتبّع كيفية تعاملها مع ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، مع إقتراب موعد إقفال أبواب الترشيحات بشكل رسمي، نظراً إلى التداعيات التي ستترتّب على قرار رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ العزوف عن المشاركة في هذا الإستحقاق.

في هذا السياق، بات من الواضح أنّ قرار الحريري سيترك فراغاً كبيراً في هذه الساحة، لم ينجح رئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ في ملئه، بالرغم من كل الجهود التي بذلها بهدف الوصول لهذه الغاية، بسبب محاربته من قبل تيار "المستقبل" بشكل أساسي، حيث بات من الواضح أنّ الحركة التي يقوم بها تواجه العديد من العقبات في معظم الدوائر.

في ظل هذا الواقع، يترقّب الجميع القرار الذي من الممكن أن يصدر عن رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​، حيث تتراوح التوقّعات بين إحتمال أن يترشّح شخصياً أو يدعم لائحة في دائرة طرابلس-المنية-الضنية، نظراً إلى أنّ الرجل لا يمكن أن ينسحب من المشهد بشكل كامل، إلا أنّ الأساس يبقى المرحلة التي تلي الإستحقاق، نظراً إلى المعلومات التي كانت تتحدث، عند تكليفه ​تشكيل الحكومة​ الحاليّة، عن إعادة تكليفه رئاسة حكومة ما بعد الإنتخابات.

في هذا الإطار، ترى مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أنّ ميقاتي، في ظلّ الأوضاع الراهنة، هو الرقم الأصعب على الساحة السنية، في ظل غياب الحريري، الذي يعتبر الزعيم الأقوى، ومحدودية حركة السنيورة، التي تساعده في تكريس هذه المعادلة، نظراً إلى أن الأخير كان يسعى إلى خلق حركة جامعة، قد تعيده كرئيس للحكومة، في حال نجاحها ووضع الحريري كأبرز الخاسرين.

وتعود هذه المصادر إلى واقع نادي رؤساء الحكومات السابقين، الذي سعى إلى أن يكون بمثابة منصّة تقرر كل ما يرتبط بالواقع السنّي على المستوى السياسي، لتلفت إلى أن الحريري قرّر أن يكون خارج المعادلة، الأمر الذي ينطبق أيضاً على رئيس الحكومة السابق ​تمام سلام​، ليبقى كل من ميقاتي، الذي ينتظر الجميع ما سيقرّره، والسنيورة الذي لم ينجح، على الأقل حتى الآن، في تحقيق ما كان يطمح إليه.

بالإضافة إلى ذلك، هناك معادلة أخرى تتوقف عندها المصادر نفسها، تتعلق بقدرة رئيس الحكومة على إبرام تفاهمات مع مختلف القوى السياسية، حيث يُوصف من قبل معظمها بأنه الأنجح في عمليات تدوير الزوايا، التي سمحت له بتشكيل حكومة رغم كل المعوقات التي كانت تواجهها، ولاحقاً في إدارة الخلافات بين أركانها بشكل سمح لها بتجاوز مجموعة واسعة من التحديات، من دون تجاهل الدعم الكبير الذي يحظى به من قبل العديد من الجهات الدولية، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

إنطلاقاً مما تقدم، تعتبر المصادر السياسية المتابعة أن ميقاتي سيكون هو المرشح الأبرز لتولي رئاسة الحكومة، في المرحلة التي تلي الإنتخابات النيابية، نظراً إلى أنه الأكثر قدرة على إدارة اللعبة، حيث تشير إلى أن من الصعب أن تذهب قوى الثامن من آذار، خصوصاً "حزب الله" و"حركة أمل"، إلى خطوات قد تمثل إستفزازاً للبيئة السنّية، في ظلّ غياب الحريري عن المشهد، بينما رئيس الحكومة الحالي أثبت قدرته على التفاهم مع رئيس الجمهورية ميشال عون.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن هذا الواقع يعني أن البحث سيكون عن شخصية تنطبق عليها مواصفات ميقاتي حصراً، الأمر الذي يفتح الباب أمامه للعودة إلى رئاسة الحكومة، بغض النظر عن قراره الإنتخابي، بالرغم من بعض التوقعات التي تؤكد صعوبة تأليف حكومة جديدة بعد الإنتخابات، قبل الإتفاق على اسم رئيس الجمهورية الجديد، الأمر الذي يبرر تسمية رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية زياد مكاري وزيراً بديلاً عن الوزير المستقيل جورج قرداحي.