في ​الإنتخابات النيابية​ الماضية، كانت الأنظار تتجه إلى ​دائرة الجنوب الثالثة​ (النبطية-بنت جبيل-مرجعيون-حاصبيا)، حيث الرهان كان على إمكانية خرق لائحة "حزب الله" و"حركة أمل" بأحد المقاعد النيابية، نظراً إلى وجود تيارات سياسية وازنة من الممكن أن تنجح في إحداث خرق ما في هذه الدائرة، لا سيما في أحد المقاعد الثلاثة التالية: السني، الدرزي، الأرثوذكسي.

في تلك الدورة، حالت الخلافات السياسية بين القوى التي كانت تصنف نفسها على أساس أنها معارضة في الدائرة دون تشكيل لائحة قادرة على الخرق، الأمر الذي قاد إلى وجود 3 لوائح أساسية كان من الممكن أن يقود التحالف بين 2 منها إلى النجاح في تحقيق المهمة، بشرط أن تكون واحدة منها هي اللائحة التي ضمت تحالف "​تيار المستقبل​" و"الحزب الديمقراطي اللبناني" و"التيار الوطني الحر"، نظراً إلى أنها اللائحة التي حقّقت الرقم الأقرب إلى الحاصل، حيث كانت بحاجة إلى حوالي 3500 صوتاً من أجل الفوز بمقعد نيابي.

في هذا السياق، تظهر الأرقام أن الحاصل الإنتخابي الأول بلغ 20526 صوتاً، بينما لائحة التحالف المذكورة في الأعلى نالت 17058، في حين أن لائحة الحزب "الشيوعي" نالت 5895 صوتاً ولائحة حزب "القوات اللبنانية" نالت 4710، بينما المقعد الأضعف في اللائحة الفائزة كان الأرثوذكسي الذي فاز به النائب أسعد حردان، نظراً إلى أن الفارق بينه وبين المرشح الذي سبقه في اللائحة نفسها كان بحدود 2700 صوتاً تفضيلياً (حردان 3321، قاسم هاشم 6012، أنور الخليل 6347).

بالنسبة إلى لائحة "المستقبل" و"الديمقراطي" و"الوطني الحر"، تظهر الأرقام أن العدد الأكبر من الأصوات التي حصلت عليها كان من البيئتين السنية والدرزية، حيث نال المرشح عماد الخطيب 8843 صوتاً تفضيلياً بينما نال المرشح وسام شروف 2512، أي 11355 صوتاً نالتهم اللائحة من أصل 17058.

إنطلاقاً من ذلك، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن أي لائحة معارضة، في الإنتخابات الحالية، من المفترض أن يكون عمادها الأساسي البيئتين السنية والدرزية، من دون تجاهل حجم النقمة الذي من الممكن أن يكون قد ارتفع داخل البيئة الشيعيّة، على أن تعمل بعد ذلك على صياغة تحالفات أقوى من التي كانت قائمة في العام 2018، وتضيف: "في هذه الحالة يمكن القول ان الخرق في أحد المقاعد كان أمراً وارداً بقوة".

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أنه اليوم يمكن الجزم بأن حسابات البيدر تختلف عن حسابات الحقل، نظراً إلى أن لائحة الثنائي الشيعي حصلت على هديّة قيمة من رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، الذي قرّر العزوف عن المشاركة في الإستحقاق الإنتخابي، الأمر الذي يترجم دعوات إلى المقاطعة في مختلف الدوائر، وتشير إلى أنّ هذا الأمر ينطبق على الجنوب الثالثة بشكل أساسي، نظراً إلى أن الإنقسام فيها، على مستوى السنّي، يقود حتماً إلى غياب القدرة على الخرق.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المصادر السياسية المطلعة أن رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ نجح في تسديد "ضربة معلم" إلى مختلف اللوائح المعارضة، من خلال التفاهم مع كل من رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال أرسلان​ على ترشيح الوزير السابق ​مروان خير الدين​ عن المقعد الدرزي، وتضيف: "هذا الواقع يعني خسارة اللوائح المعارضة الصوتين السنّي والدرزي".

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن هذا الواقع يعني أنّ القوى المعارضة لن تكون، من حيث المبدأ، قادرة على الوصول إلى نصف الحاصل الإنتخابي المتوقّع، إلا بحال حصول إنقلاب على مستوى المزاج الشعبي، خصوصاً داخل البيئة الشيعيّة، بينما الخلافات، التي كانت قائمة في الدورة الماضية، يبدو أنها ستكون حاضرة في الدورة الحالية أيضاً، حيث بروز مجموعة واسعة من المرشحين، لا سيما على المقاعد التي كان من الممكن أن يكون الخرق عبرها، أيّ السني والدرزي والأرثوذكسي.