أكد رئيس حزب "القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن "​الشعب اللبناني​ اليوم في مشكلة كبيرة جداً، ونحن نعرف كيفية الولوج إلى حل الأزمة، وقادرون"، لافتا إلى أن "هذه المرة الوحيدة في تاريخ لبنان لا تخاض الانتخابات فيها على أساس حزبي وعائلي بالمعنى الضيق للكلمة. الأحزاب تخوضها بقوة طبعاً، لكن الناس ستصوت لنفسها هذه المرة بالسياسة، وليس انطلاقاً من انتماءات حزبية أو خدماتية على وجه الخصوص. الشأن العام بمفهومه الواسع كان يغيب عادة عن اهتمام الناس، لكن هذه المرة لن يغيب، وبالتالي نأمل أن تحمل هذه الانتخابات تغييراً ما".

ويعرف جعجع "العدو" المقبل في الانتخابات، إنه "النواة الصلبة" للمنظومة الحاكمة، وهي في آخر عشر سنوات"حزب الله" و"​التيار الوطني الحر​"، بزعامة النائب ​جبران باسيل​، صهر رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، جازما بأن هذه النواة قد تكون نتائجها غير جيدة في هذه الانتخابات. أي أن تخسر من قوتها في هذه الانتخابات، ويقول: "هذا أمر لا نقاش فيه، والجميع يلمسه رغم التفاوت في التقديرات لحجم الخسارة. وبالتالي ستنفرط المنظومة السابقة، وتنتج عن هذه الانتخابات أكثرية جديدة". يدرك جعجع أن هذه الأكثرية لن يمتلكها فريق واحد طبعاً، "لكن هناك مجموعة من القوى والأحزاب والشخصيات ستكون قادرة على إطلاق مسار جديد في هذه الانتخابات، وهنا بيت القصيد".

وفي قراءة لنتائج الانتخابات المقبلة، يرى جعجع أن "حزب الله" وحركة "أمل" قد يستطيعان الحفاظ على "كامل تمثيلهما النيابي، فلا أحد يراهن على بداية التغيير من هنا. لكنني أريد أن أؤكد أنه بعد سنتين طالت فيهما الأزمة كل لبناني في حياته ولقمة عيشه، لا أحد يتوقع كيف ستكون النتيجة. لكن حتى لو حصل هذا، فسيكون تمثيله العام هزيلاً مقارنة بالانتخابات السابقة". وبحسابات بسيطة يتحدث جعجع عن الساحات الأخرى، قائلاً: "في الساحة الدرزية الوضع على حاله في أسوأ الاحتمالات؛ لأن الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط لا يزال الأقوى بمسافة كبيرة في الطائفة. أما على الساحة المسيحية، فلا أحد يساوره شك في أن ثمة تغييراً كبيراً. قد يكون التغيير بنسبة 40 في المائة أو 60 في المائة؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يعرف كيف ستتصرف الناس انطلاقاً من آلامها خلال السنتين الماضيتين. أما على الساحة السنية، فرغم اعتزال رئيس الحكومة الاسبق ​سعد الحريري​ في الوقت الراهن، فإن في هذه الساحة الكثير من الناس التي تحمل فكر تيار "المستقبل" وتشاركنا في الرؤى والتطلعات. واضح أن الساحة السنية لن تعتزل العمل الوطني. وفيها من الحيوية التي ستنتج نواباً أقل ما يقال إنهم في الاتجاه الذي تمثله 14 آذار بامتياز. هناك مخاض طبيعي بعد الاعتزال المؤقت لركنها الأساسي سعد الحريري".

وعن غياب التعاون مع مكونات أخرى، كحزب "الكتائب اللبنانية"، والقوى التي تمثل الحراك المدني، اكد جعجع ان "هناك محاولات مستمرة لجمع أكبر قدر منهم إذا لم يكن كلهم، ما يجمعنا أقله النظرة للوضع الحالي وكيفية الخروج منه. والشيء الوحيد الأكيد أن كل الذين تتكلم عنهم، حتى الذين يناصبوننا عداءً شخصياً لأسباب لا أحد يعلمها، لن يكونوا في المجلس النيابي إلا بالاتجاه نفسه، وبالتالي؛ عملياً، إذا سألتني بالنتيجة من هم حلفاؤكم السياسيون، أقول لك صراحة كل من هم ليسوا النواة الصلبة حزب الله والتيار الوطني الحر. وبالتالي، تلاقي الضرورات والطروحات موضوعياً سوف يؤدي إلى أن نكون تكتلاً كبيراً في المجلس النيابي بغض النظر عن الوضع التنظيمي لهذا التكتل الكبير".

ويرى جعجع أن "الانتخابات حاصلة في موعدها رغم نوايا البعض، خصوصاً النواة الصلبة"، معتبرا انه "اذا استطاعوا أن يؤجلوا الانتخابات، فلن يتأخروا، خصوصاً التيار الوطني الحر، لكنني لا أرى أنهم قادرين على ايجاد طريقة لتأجيلها أو إلغائها؛ لأن كل الإجراءات القانونية اتخذت". واكد ان العمل الأمني لا خوف منه، "فالأجهزة الأمنية، خصوصاً الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، تمسك الوضع بشدة، إلا إذا وقعت حرب كبيرة جداً بين حزب الله وإسرائيل ومن يتحمل مسؤولية القيام بها ونتائجها".وعما إذا كانت أغلبية برلمانية من نحو 65 نائباً من أصل 128، تستطيع أن تأتي برئيس جديد للجمهورية في نهاية تشرين الأول المقبل، يقول جعجع: "لا؛ لكن الأكيد أن الآخرين لن يقدروا على أن يأتوا برئيس، وهذا المهم. تبدأ من أن تمنع أي شيء مضر وتبقى تحاول أن تقوم بأشياء مفيدة".

وعن غياب البديل الموثوق للناس، يقول: "على المستوى المسيحي سوف أطرحها أول مرة بهذا الشكل: هل القوات اللبنانية بديل للتيار الوطني الحر؟ نعم؛ وبالفم الملآن وبصوت عالٍ. نعم بديل؛ لأن ممارسات القوات اللبنانية بعكس تماماً كل الممارسات التي رأيناها من التيار في السلطة".أما عن مسار خروج لبنان من أزماته وأكبرها عزلته العربية الواضحة؟ فاعتبر أن "هذا أهون جزء من الأزمة. فبمجرد انتقال السلطة من يد ليس بها أي ثقة وتعدّ خصماً وعدواً وفاسدة، إلى يد تعدّ لبنانية وبيضاء وتريد أن تعمر، بدقائق معدودة سوف تعيد دول الخليج النظر في موقفها من لبنان. دول الخليج معروف أنها تعدّ لبنان جوهرة بالنسبة إليها، ومعروف ذلك من العلاقات التاريخية التي تربطنا، لكن عندما يتغير لبنان ولا يعود لبنان الذي كنا نعرفه؛ فهذا شيء آخر. أكيد ليسوا مهتمين بلبنان الحالي، لن يهمهم لبنان قاسم سليماني، لكن لبنان شارل مالك وكميل شمعون ورفيق الحريري وبشير الجميل يهمهم بالتأكيد".