بعدما اكتملت اللوائح الانتخابيّة ليل الاثنَين، وبدأ الثّلاثاء مسار سحب التّرشيحات... بات هاجس كُلّ مُرشّحٍ إِلى الانتخابات النّيابيّة 2022، يتجلّى في سُؤَالٍ محورُه: هل ستُجرى الانتخابات؟ أَم سيُصار إِلى تطييرها؟...

في الانتظار حبْسُ أَنفاسٍ... وإِفطاراتٌ رمضانيّةٌ ولوائح انتخابيّةٌ مفروضةٌ... قيلَ إِنّ السّفير السّعوديّ لدى لُبنان وليد البُخاري، سيحملُها معه قريبًا إِلى بَيْروت، فيما الدّوائِر الانتخابيّة عندنا، بَيْن الهُدوء والصّخب... إِذ إِنّ مناطق الثُّنائيّ الشّيعيّ "آمنةٌ ومضمونةٌ"،في مُقابل سُخونةٍومُفاجآتٍ على خُطوط الأَشرفيّة-بعبدا–كسروان-البترون والشّوف... غَير أَنّ الحراك الانتخابيّ الآن صار أَشبَه بـ "معركةٍ على نِسب التّصويت"!.

كما وقد تمّ التّداول في الإِطار السّعوديّ إِلى فرضيّةٍ أُخرى، مفادُها أَنّ الرّياض"تتجاوب مع باريس فتعود إِلى لُبنان مِن الباب الاجتماعيّ... وتُقفل السّياسيّ بعيدًا مِن الانتخابات النّيابيّة، لأَنّ حُلفاءَها غير مُؤهّلين لوقف نُفوذ (حزب الله)". وقيل أَيضًا إِنّ الحزب يسعى إِلى أَكثريّةٍ تُغيّر وجه لُبنان.

إِلى ذلك فقد حَفِلت السّاعات الثّماني وأَربعين الأَخيرة قبل اكتمال اللوائح، بولاداتٍ قَيصريّةٍ للوائح الانتخابيّةٍ في اللحظات الأَخيرة، إِذ سُجّل في هذا الإِطار ما يُشبه "الهدف القاتل" في مباراةٍ لكُرة القدم!.

معركة بيروت

وأَما العاصمة بيروت، فلَها خصائصها... كما وإِنّها تُشارك باقي دوائر الوطن الانتخابيّة في الخَصائص المُشترَكة...

فالأَفرقاء المُنضوون تحت لواء الحراك المدنيّ، ما استطاعوا الولوج إِلى لوائح مُشتركةٍ تُحصّن الوضع الانتخابيّ في مُواجهة المدّ الحزبيّ الحاكم، والّذي يبدو أَنّه كان أَكثر واقعيّةً في حساباته وتحالُفاته الانتخابيّة "الآنيّة" و"غير المُطْلقَة"!...

ومِن المَوانع الحائلة دون ولادة اللائحة المعارِضَة المُوحّدة المُفاضلة بين مُرشّحٍ يمتاز بالمُواصفات والكفاية المطلوبتَيْن، وآخر "مطلوبٍ شعبيًّا ومرجعيًّا"...

ولا تقتصر المَسألة في هذا الإطار، على مقعدٍ بيروتيٍّ نيابيٍّ دون غيره مِن المقاعد، بل هي تنسحب عليها كُلّها... بما فيها مقعد الأَقليّات، الّذي قد جرت العادة بعد استشهاد الرّئيس رفيق الحريري، على أَن يُرشّح فيه مَن ينتمي إِلى الأَقليّة الأَكبر بَيْن الأَقليّات!.

وبَين "المَوْنة" الكنسيّة والـ "بِتْمون سيّدنا" التّرشُّحيّة، يدفع المُرشّح الكَفؤ الثّمن في بلاد التّسويات الشّاملة!.

وإِذا كانت زيارة المرجعيّات الدّينيّة للاطلاع على رأيها في مُقاربة المسائل الوطنيّة العالقة والشّائكة والمُعضلات المُزمنة... غير أَنّ دَوْر الكنيسة "الجَمعاء" و"الواحدة" أَن تُزكّي المُرشّح "المُؤمن" الأَكفأ، ولو كان مِن المُنتسِبين إِلى كنيسةٍ شقيقةٍ لها في الإيمان، فيتبَوَّأ إِذّاك الأَكفأ مقعد الأَقليّات.

وما ينسحب على ذلك المقعد، مِن المُفترض أَن ينسحِب أَيضًا على باقي الطّوائف... وتاليًا على باقي المرجعيّات الرُّوحيّة.

و"الإِحراج" الرّوحيّ يقابله أَيضًا إحراجٌ لدى فئةٍ مِن المُرشّحين، تعتبر نفسها أَنّها "مِن أَبناء الإِيمان القويم"، فهي مُلتزمة إِيمانيًّا، وقد أَخذت على نفسها–احترامًا للدّين وتوجّسًا مِن مُجرّد الشّعور بأَنّها تتلطّى خلفه للوصول إِلى مقعدٍ نيابيّ، وبالتّالي فهي ترى أَلّا حاجة إِلى "التّطواف" على المرجعيّات إِعلاميًّا، ما دامت تعيش إِيمانها أَمام الله وكذلك تِجاه الإِنسان!.

وثمّة سُؤالٌ بديهيٌّ يُطرح: هل نحن أَمام مُرشّحين "يتقَوْقَعون" في مناطِقهم؟ أَم أَنّنا نطمح إِلى إِيصال نُوّابٍ على امتداد مساحة الوطن... والإنسان المُقيم فيه؟... تلك هي المُعضلة، وذاك هُو السّؤال!.