منذ انعقاد لقاء المصالحة بين رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل تحت مظلة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، دخلت علاقة التيارين في اختبار سياسي جديد محوره محاولة تغليب القواسم المشتركة على عوامل الانقسام.

بدا لافتاً خلال مهرجان النصر الانتخابي الذي نظمّه "التيار الحر"، تخصيص باسيل رئيس "المردة" بإشارة إيجابية كانت مختصرة في الشكل لكنها انطوت على معانٍ مكثفة في المضمون، عندما قال: "يا صغار ال​سياسة​، يا متلوّنين، يا حربايات، يا أصحاب المصالح المتقلبة، يا مراهنين على زعامة أو رئاسة كتلة، انكشفتم أنتم وكتلكم الوهمية في كل مكان، من كسروان، لزحلة، لزغرتا، وأكيد لا أقصد بكلامي سليمان فرنجية الذي مهما اختلفنا معه، يبقى أصيلاً".

وفي السياق، اكد النائب طوني فرنجية لـ"الجمهورية"، انّ "الجليد انكسر بيننا وبين باسيل منذ اللقاء الذي جمعه مع رئيس تيار "المردة" برعاية السيد نصرالله"، لافتاً إلى "انّ ما صدر عنه قبل أيام حيال سليمان فرنجية تحوّل إيجابي في الأداء يمكن ان يُبنى عليه، في انتظار ما يمكن أن تليه من خطوات في هذا الاتجاه الجديد".

واوضح بإننا "نلتقي وباسيل تحت سقف السياسة الاستراتيجية، ولكن كانت هناك نقاط اختلاف حول الإدارة الداخلية ونمط التعاطي، ونأمل في أن تمهّد الإشارة الايجابية التي بدرت منه، لمرحلة مختلفة".

وبعيداً من الاجتهادات في تفسير موقف باسيل، يعتبر القريبون منه انّ ما صدر عنه يندرج في إطار ردّ التحية بمثلها لفرنجية، عقب كلامه الجيد عن رئيس التيار في أكثر من إطلالة، ويعكس الاستعداد المتجدّد لمدّ اليد وجسور الحوار، لافتين الى انّه لطالما أكّد باسيل أن ليست لديه من ناحيته أي مشكلة شخصية مع رئيس "المردة"، "وبالتالي كان يتفادى مهاجمته على رغم الحملات التي تعرّض لها، وذلك خلافاً للوضع السائد مع جعجع، إذ انّ باسيل يسارع الى ردّ الصاع صاعين كلما تعرّض لهجوم من معراب".

واشار هؤلاء، الى "انّ اهدافاً بعيدة المدى تجمع باسيل بفرنجية، على رغم الخلافات حول ملفات محدّدة"، موضحين انّ خيارات فرنجية المتعلقة بالمقاومة والعلاقة مع سوريا ورفض تقسيم لبنان وفدرلته هي "علامات أصالة عابرة للتباينات الثانوية".

أما محاولة ربط اللهجة المرنة التي خاطب بها باسيل رئيس "المردة" بملف انتخابات رئاسة الجمهورية فهي، تبعاً للقريببن من باسيل، "غير واقعية بتاتاً ولا مكان لها في الإعراب حالياً"، مشيرين الى انّ من السابق لأوانه طرح مسألة رئاسة الجمهورية، في وقت لا يزال الأخذ والردّ مستمراً حول رئاسة مجلس النواب، ويبدو تكليف رئيس حكومة وتشكيل الحكومة الجديدة بسلاسة غير مضمون.

الحريري يلتقي ابراهيم

على صعيد مختلف، علمت "الأخبار" أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التقى في واشنطن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الموجود في العاصمة الأميركية في "زيارة عائلية".

ويزور ابراهيم واشنطن بدعوة رسمية يلتقي خلالها مسؤولين رفيعي المستوى في الادارة الأميركية للبحث في الوضع في لبنان بعد الانتخابات النيابية.

وقف الاستعراضات

إلى ذلك، أبلغ مرجع سياسي الى "الجمهورية" قوله، "انّ افتعال الصدامات السياسية غداة الانتخابات النيابية يؤكّد بما لا يقبل أدنى شك، انّ بعض المكونات الداخلية لم تتعلم من التجارب السابقة، وتصرّ على إبقاء لبنان عالقاً بين الخنادق المتصادمة، التي تتعطل معها إمكانيات حرف لبنان عن سكة الانهيار".

ولفت المرجع عينه، الى انّه "لا يرى في استمرار ما سمّاها الاستعراضات والاستفزازات بين بعض المكونات السياسية، والإثارة الإعلامية لمواقف خلافية، سوى إمعان في تعميق الانقسام الداخلي وإبقاء الأزمة على اشتعالها". وقال: "انتهت الانتخابات وخلقت واقعاً جديداً لا يستطيع احد ان يتجاوزه، بل صار الجميع ملزمين بالتسليم به، والتكيّف مع المرحلة السياسية والنيابية الجديدة ومماشاة متطلباتها على النحو الذي يحقق إخراج لبنان من ازمته".

واضاف: "ثمّة استحقاقات داهمة امام لبنان، أولها استحقاق انتخاب رئيس مجلس النواب، وثانيها الاستحقاق الحكومي، وثالثها الاستحقاق الرئاسي. لا نقول ان تكون مواقف الاطراف منها متطابقة، بل المطلوب ان تعبّر هذه الاستحقاقات بالحدّ الأدنى، من النظر إلى ما يخدم مصلحة لبنان ربطاً بها".

ورداً على سؤال عن تسعير لغة الأرقام والأحجام استباقاً لاستحقاق انتخاب رئيس المجلس، قال المرجع: "قبل الاستغراق بلعبة الارقام هذه، يجب ان ننظر الى انّ ارقام الجائعين والمفلسين في البلد قد اصبحت مهولة. من هنا ينبغي تركيز الاهتمامات والاولويات، وليس على النكايات وعرض العضلات".