قبل نحو 10 أيام، تحدثت "النشرة" في تقرير خاص عن أن رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ بري يقوم بجولة من اللقاءات، العلنية والسرية، للبحث في ​الإستحقاق الرئاسي​، بالتزامن مع رهانه على دور من الممكن أن تقوم به ​البطريركية المارونية​ على هذا الصعيد، قبل أن يبدأ الحديث، في الأيام الماضية، عن أن بري قد يبادر للدعوة إلى حوار بين ​الكتل النيابية​، للإتفاق على إسم الرئيس المقبل.

بحسب معلومات "النشرة" فإن الفكرة موجودة في عقل رئيس المجلس، لكنه لم يبلورها بشكل كامل بعد، نظراً إلى أنّ المعالجة قد تكون أعقد من الذهاب إلى حوار يُشبه إلى حدّ ما الحوار السابق في عين التينة، لا سيما أنّ المطروح هو الإتفاق على إستحقاق تكون الغلبة فيه عادة للمؤثّرات الخارجيّة لا الداخليّة، لكن هذا لا يلغي السؤال عن الفرص المتوفرة لنجاح مثل هكذا دعوة في الوقت الراهن؟.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ مواقف غالبيّة الأفرقاء السياسيين من الاستحقاق الرئاسي لا تزال متباعدة، لا بل يبدو أن معظمها يرفض فكرة الحوار مع الآخرين للوصول إلى قواسم مشتركة، نظراً إلى أن البعض لا يزال يراهن على إمكانية إيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهورية وحيداً، من خلال تأمين 65 نائباً داعماً له، كما هو حال بعض القوى الداعمة لترشيح رئيس حركة "الاستقلال" ​ميشال معوض​.

في المقابل، تلفت المصادر نفسها إلى أنه داخل قوى الثامن من آذار و"​التيار الوطني الحر​" ليس هناك من إتفاق على كيفية مقاربة هذا الإستحقاق، لناحية الإسم الذي من المفترض أن يصار إلى تبنّيه تحديداً، وترى أنّ القادر على رعاية حوار داخل هذا الفريق هو "​حزب الله​" لا رئيس المجلس النيابي، على إعتبار أن "التّيار الوطني الحر" يرى أن رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية هو مرشح برّي بالدرجة الأولى.

إنطلاقاً ممّا تقدم، ترى هذه المصادر أنّ مقاربة الملفّ الرئاسي لم تخرج، حتى الساعة، من دائرة معادلة "الإلغاء"، الأمر الذي يجعل من إمكانية الإتفاق الداخلي على أيّ إسم مهمّة شبه مستحيلة، وبالتالي أيّ دعوة للحوار، في حال حصلت، سيكون من الصعب أن يُكتب لها النجاح، حتى ولو أنّ الجميع لم يُعارض أصل الدعوة، أو أبدى بعض الإعتراضات حول المكان أو الشكل.

منذ الجلسة الأولى لإنتخاب رئيس للجمهورية، يسعى بري إلى التشديد دائماً على أهمية التوافق بين غالبية الكتل النيابية، على قاعدة أن الإنتخاب يتطلب هذا الأمر بين 86 نائباً، وبالتالي لا يمكن الرهان على تأمين أي فريق 65 نائباً فقط، نظراً إلى أنّ الآخرين سيعمدون إلى تعطيل الجلسات من خلال لعبة النصاب.

في هذا الإطار، توضح مصادر نيّابية، عبر "النشرة"، أنه على أهمية الدور، الذي من الممكن أن يلعبه رئيس المجلس النيابي، إلا أن الأساس يبقى في غياب الإهتمام الخارجي الجدي في الإستحقاق الرئاسي، خصوصاً من جانب القوى التي تملك القدرة على التأثير في الساحة المحلية، وبالتالي لا يمكن في ظل هكذا أوضاع الحديث عن إمكانية الوصول إلى تفاهمات داخليّة.

بناء على ما تقدم، ترى هذه المصادر أنّ مفتاح الوصول إلى إنتخاب رئيس الجمهورية ينتظر بروز الإهتمام الخارجي الهادف للوصول إلى تفاهمات لا زيادة الأزمة الداخلية تعقيداً، الأمر الذي تؤكد أنه لم يحصل حتى الساعة، لكنها ترجح أن تبدأ معالمه بالظهور بعد الدخول في مرحلة الشغور الرئاسي، خصوصاً إذا ما ترافق ذلك مع إشتداد حدّة الخلافات بين الأفرقاء اللبنانيين، لا سيّما إذا لم تنجح الجهود في الوصول إلى إتفاق على تشكيل حكومة جديدة.

في المحصّلة، تعتبر المصادر نفسها أنّ هذه الأجواء قد لا تشجّع برّي على الدعوة إلى حوار وطني، لكنها في المقابل لا تستبعد أن يبادر في حال وجد أنّ الفرصة متاحة، إنطلاقاً من تبدّل المعطيات القائمة في الوقت الراهن.