أكّد رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، أنّ "ما يمنع انتخاب رئيس للجمهوريّة فى لبنان، وهو المقاطعة للجلسات الّتي دعا إليها رئيس المجلس النّيابي لانتخاب رئيس الجمهوريّة، وعددها ثماني جلسات"، موضحًا أنّ "في ميزان القوى الحالي داخل المجلس النّيابي، لن يتمكّنوا من انتخاب المرشّح الّذي يريدونه، وبالتّالي بدلًا من أن يذهبوا إلى الممارسة الدّيمقراطيّة بشروطها، يقرّرون تعطيل النّصاب".

وعمّا إذا كانت الأسباب نفسها الّتي كانت قبل انتخاب رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال عون، أشار في حديث إلى صحيفة "الأهرام" المصريّة، إلى أنّ "تمامًا الأسباب نفسها، يعتمدون على التّعطيل ويتدهور الوضع فى البلاد أكثر فأكثر". وعمّا إذا كان من الوارد قبول "القوات اللبنانية" المرشّح الّذي يدعمه الفريق السّياسي الآخر، شدّد على أنّ "هذا ليس من الوارد على الإطلاق، لأنّنا تعلّمنا الدّرس من المرّة الماضية الّتي وافقنا فيها على اسم ميشال عون".

وعن اتّهام البعض، "القوّات" بأنّ ترشيحها للنّائب ميشال معوض مناورة سياسيّة لا أكثر، جزم جعجع أنّ هذا "ليس صحيحًا أبدًا، لو كانت مناورة لكانت انتهت من الجلسة الأولى أو الثّانية أو الثّالثة"، مبيّنًا "أنّني استمعت إلى هذه الآراء، وهي لا تعكس واقع الحال. نحن نرى في معوّض مرشّحًا مقبولًا فى الوقت الحالي، انطلاقًا من أوضاع لبنان المتدهورة، ونحن ندعمه بغضّ النّظر عمّا يفعله الآخرون؛ فهو تتوافر فيه المواصفات المطلوبة للمنصب".

وأعرب عن اعتقاده أنّ "معوّض من المرشّحين الّذين يحظون برضا وقبول إقليمي ودولي، وهو من المرشّحين القلائل فى الوقت الحاضر الّذين يستطيعون استعادة ثقة المجتمع العربي، وبالأخصّ المجتمع الخليجي والدّولي تجاه لبنان". وذكر أنّ "الكثيرين يطرحون اسم قائد الجيش اللّبناني العماد جوزيف عون لشغل منصب رئيس لبنان كحلّ وسط، غير أنّ المشكلة فى اسم قائد الجيش أنّه يتطلّب تعديلًا دستوريًّا، وهو أمر يحتاج إلى موافقة 86 نائبًا من نوّاب المجلس النّيابي؛ وفي هذه الحالة "القوّات اللّبنانيّة" توافق ولا يكون هناك اعتراض على اسمه".

وعمّا إذا كان جعجع يوافق على العماد عون لحلّ الأزمة، لفت إلى "أنّني لا اعتراض عليه". وعمّا إذا كان جعجع لا يزال يملك الحظوظ نفسها هذه المرّة أم أصبح بعيدًا، شرح أنّ "المسألة ليست مسألة حظوظ بقدر ما هي متعلّقة بعدّة أمور"، موضحًا "أنّني أعمل فى السّياسة منذ 40 عامًا، وأتمنّى أن أكون فى مواقع قياديّة تمكنّني من تحقيق مشروعنا السّياسي".

وحول ما إذا كان يعتقد أنّ "التيار الوطنى الحر" نقض الاتّفاق مع "القوّات"، الّذي جاء على أثره عون رئيسًا للجمهوريًة، أكّد أنّ "طبعًا منذ اللّحظة الأولى تقريبًا". وعمّا إذا كان هناك تعهّد بدعم اسم جعجع لمنصب الرّئيس خلفًا لعون، كشف أنّ "الاتّفاق لم يتضمّن هذا الأمر، ولم نتكلّم في هذا والعمليّة لم تكن مقايضة، وإنمّا كانت بهدف تحريك الفراغ الّذي تولّد بعد انتهاء ولاية الرّئيس السّابق ميشال سليمان واستمرّ عامين ونصف العام، ووصلنا إلى مرحلة كانت المعركة الرّئاسيّة محصورة فى أسماء قليلة جدًّا وكلّهم من حلفاء 8 آذار وفي صفّ "حزب الله"؛ فوجدنا أنّه في هذه الحالة يجب إجراء مصالحة تاريخيّة مع عون".

أمّا عن فرص الاتّفاق بين "القوّات" و"التّيّار الوطني" على اسم من بين الأسماء المتداولة لشغل منصب الرّئيس، ذكّر بأنّ "القوّات اللّبنانيّة هي الّتي لديها أكبر كتلة نيابّية في المجلس النيابي. صحيح أنّ القوّات والتّيّار هما أكبر تمثيل، لكنّني أستبعد جدًّا، لسبب بسيط لأنّه حتّى اللّحظة يعتقد رئيس "الوطني الحر" النّائب جبران باسيل أنّه الأكثر أحقيّة بالمنصب، ويطرح نفسه جدّيًّا وإعلاميًّا كمرشّح للرّئاسة؛ ولا أوافقه على هذا الرّأي على الإطلاق".

وعمّا إذا كان يشعر بالحساسيّة في الحديث عن رئيس الوزراء السّابق سعد الحريري، ركّز جعجع على أنّ "أبدًا، الجميع يعرف أنّه تربطنا بـ"تيار المستقبل" علاقة تاريخيّة حتّى البارحة". وعن المقصود بـ"حتّى البارحة"، فسّر أنّه "توقيت قيام ثورة 17 تشرين الأوّل عام 2019، بعد أن صار هناك انهيار فى الوضع المعيشي والاقتصادي، ساعتها هناك خلاف فى وجهات النّظر وافترقنا عند هذه النّقطة، وما زلنا تجمعنا نظرة واحدة تجاه لبنان ومستقبله ومستقبل شعبه".

وعمّا إذا كان هناك قاسم مشترك بين "القوّات" و"المستقبل" والحريري، قال: "نعم، ولكن زعيم "تيّار المستقبل" منذ 6 أشهر بعيد كليًّا عن السّاحة، ولم يعلن موقفًا سياسيًّا واحدًا، أمّا "تيّار المستقبل" فهناك تنسيق فى العديد من المواقف، ولا يخفى أنّ البعض يحاول تأجيج هذا الخلاف الّذي نشأ بعد ثورة 2019، ولكن دعني أقول إنّ الانسجام قائم بين "المستقبل" و"القوّات".

وعن السّمات الّتي يراها فى شخصيّة رئيس مجلس النّواب نبيه بري يمكن أن يساعد فى هذا التّوقيت، أفاد بأنّ "برّي هو المؤتمن على حسن سير المؤسّسة الوحيدة الّتي تعمل وهي المجلس النّيابي، وهو المؤتمن على انتظام العمل، وهذه هي الجلسة التّاسعة الّتي تقوم فيها الكتل النّيابيّة نفسها بتعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة، ولذا أقول حان الوقت لكي يتدخّل برّي بصفته المؤتمن على هذه المؤسّسة الوحيدة الباقية، ويقول للكتل النّيابيّة الّتي تعمل وبعض النّواب المستقلين إنّه لا يحقّ لكم التّعطيل".

كما نوّه إلى أنّه "إذا تحدّث نائب خلال جلسات المجلس النّيابي بصوت عال، يتدخّل برّي ويقول له لا تستطيع أن تتكلّم بهذا الشّكل، وإذا حاول نائب أن يأكل يقول لا تفعل هذا داخل المجلس ويفرض عليه ما يريد. أقصد أنّه يتدخّل فى كلّ شاردة وواردة لانتظام عمل المجلس النّيابي، فكيف لا يتدخّل فى موضوع تعطيل بعض الكتل انتخاب رئيس الجمهوريّة؟".

وعن سبب عدم العذر له، بسبب التّعقيدات اللّبنانيّة والأبعاد الإقليميّة، شدّد جعجع على أنّ "هذا غير مقبول، يجب أن يكون رئيسًا للمجلس النّيابي اللّبناني على الرّغم من كلّ الاعتبارات، فالمسؤول عندما يكون فى موقع المسؤوليّة الرّسمي عليه أن يتصرّف وفقًا لواجبات هذا الموقع".

من جهة ثانية، وعن طبيعة العلاقة مع تيّار "المردة" ورئيسه سليمان فرنجية، أعلن أنّ "العلاقة الشّخصيّة جيّدة، لكنّ المشكلة أنّ "المردة" وفرنجيّة فى الجانب الآخر، ونحن لسنا بصدد إقامة علاقات اجتماعيّة أو علاقات شخصيّة، وبالتّالي نحكم على الأشياء من هذا المنطلق هم فى الجانب الآخر منذ 30 سنة وإلى الآن هم في خانة 8 آذار، وهم يصنّفون أنفسهم فى محور الممانعة".

وحول ما إذا كان من غير الوارد أن يدعم أيّ مرشّح ينتمي إلى 8 آذار، جزم أنّ "طبعًا، أيّ مرشّح ينتمي إلى محور الممانعة لن نقبل به، لأنّ التّجربة تقول أين وصلنا معهم، ولا نستطيع استعادة التّجربة من جديد وبصرف النّظر عن الشّخص".

وعن سبب عدم دعم "القوّات اللّبنانيّة" جلسة الحكومة ومقاطعة الوزراء الاجتماع، شرح أنّ "أوّلًا لا وزراء لدينا فى هذه الحكومة، وثانيًا لم نكن مع هذا الاجتماع، لأنّه ضدّ الدستور الّذي ينصّ على أنّ الحكومة لا تستطيع الاجتماع إلّا فى حالة قصوى طارئة، ونحن لم ندعم من منطلق دستوري".

وبيّن رئيس "القوّات" أنّ "فيما يتعلّق بمصالح النّاس، الحكومة يجب أن تعمل من خلال مراسيم جوّالة، ولا يجب إقرار مبدأ أنّ الضّرورات تبيح المحظورات، نحن لم نكن ضدّ اجتماع الحكومة من زاوية الفراغ الرّئاسي، ولكن من حيث الشّكل والمبدأ"، متمنّيًا على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن "يكون دقيقًا جدًّا فى ممارسة صلاحيّته".

وعن نظرته للدّور المصري تجاه لبنان، أكّد أنّ "الدور المصري دائمًا مهم وحاضر ومحوري، مصر لا تتأخّر عن مساندة لبنان فى كلّ الأوقات، عند انفجار مرفأ بيروت وعند أزمة "كورونا". وفي كلّ الظّروف الطّبيعيّة وغير الطّبيعيّة، وأزمات تصدير التفاح، كانت مصر حاضرة دائمًا لمساعدة الشعب اللبناني".

أمّا عن العلاقة مع السعودية، فذكر أنّها "قديمة جدًّا وبدأت مع البطريركية المارونية منذ عشرات السّنين، وهى علاقة خاصّة وعميقة وصداقة مستمرّة. في الوقت الحاضر، السّعوديّة مهتمّة بلبنان كالعادة مع فارق صغير فى المقاربة، فهي تساعد لبنان على مستوى استراتيجي، ولا تتدخّل فى اللّعبة اللّبنانيّة، وبعلاقاتها الدّوليّة مع الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولي تساعد لبنان ولا تنزل إلى مستوى التّدخّل في التّفاصيل الدّاخليّة".

وعمّا إذا كان التّباعد بين رئيس "حزب الكتائب اللّبنانيّة" النّائب سامي الجميل وباسيل وفرنجية وجعجع قد يؤثّر على مكاسب الطّائفة المارونيّة، لفت إلى "أنّني لا أعتقد، لأنّ الخلاف ليس خلافًا شخصيًّا أو خلافًا على أمور صغيرة، بل خلاف على سياسات عامّة"، مركّزًا على أنّه "لا توجد أي خلافات مع "الكتائب"، بل تلاق دائم على الرّغم من أنّنا نعمل كلّ فريق منفصل وهذه منافسة مشروعة، ونلتقي مع "الكتائب" كلّيًّا فى المشروعات العامّة، وأكبر دليل إن كنت تتابع مواقف "القوّات" ومواقف "الكتائب" تجد هناك انسجامًا تامًّا، وفيما يتعلّق بباسيل وفرنجيّة هما فى محور الممانعة، ولهما نظرة تختلف عن الخطّ المسيحي التّاريخي فى لبنان؛ وبالتّالي الخلاف على سياسات عامّة".