كما كان متوقعاً لم يخرج لقاء باريس أول من أمس، الذي جمع ممثلين عن فرنسا وأميركا والسعودية وقطر ومصر، بأي نتائج عملية متعلقة بالأزمة اللبنانية، لا سيما بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي، الأمر الذي يفتح الباب أمام طرح مجموعة من علامات الإستفهام حول الهدف من عقده، لا سيما أن الكثير من المواعيد كانت قد ضربت له قبل ذلك.

من حيث المبدأ، كان من الواضح أن اللقاء لن يقود إلى إنضاج أي تسوية، خصوصاً أن غالبية الدول المشاركة فيه تنتمي إلى محور واحد، بينما غابت عنه إيران التي تعتبر لاعباً أساسياً في الساحة المحلية، وبالتالي لم يكن ممكنا تصور ولادة أي حل بعيداً عنها أو الأخذ برؤيتها بعين الإعتبار.

في الصورة العامة، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن مجرد إنعقاد اللقاء يعني أن هناك إهتماماً خارجياً بالملف اللبناني، لكنه يختلف مستواه بين الدول الأعضاء، حيث يبرز السعي الفرنسي القطري إلى إنضاج تسوية سريعة، بينما تفضل كل من السعودية وأميركا عدم التورط في تفاصيل الملف اللبناني في الوقت الراهن، وهو ما يتم الإستدلال عليه عبر المواقف المتكررة التي ترى أن إنجاز الإستحقاق الرئاسي من مسؤولية القيادات المحلية.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن باريس باتت تتحدث باللغة نفسها، بعد أن كان الرهان في الفترة الماضية على إمكانية إقناعها الرياض في تليين موقفها، لكنها ترى أن ما ينبغي التوقف عنده هو أن اللقاء قد يكون مقدمة لمسار تفاوضي، أي تفويض أحد الأعضاء المشاركين بإطلاق هذا المسار مع الجهات المعنية، سواء كانت محلية أم خارجية، وهنا قد يكون من المنطقي الحديث عن الجانب القطري، في ظل العلاقة المتوترة بين طهران وباريس، لا سيما أن الدوحة كانت قد تولت، في الأيام الماضية، نقل رسائل دولية إلى إيران.

وفي حين تشير المصادر المتابعة إلى أن تكليف قطر بأي دور لا يعني إعطائها الحق بطرح أي أفكار خاصة، نظراً إلى هذا الأمر مرتبط بشكل أساسي بالموقفين الأميركي والسعودي، ترى أن السيناريو الثاني قد يكون أن الدول المشاركة وجدت أن الوقت لم يكن لإطلاق هذا المسار، في ظل الأجواء القائمة على المستوى الإقليمي، وبالتالي لا بأس من الإنتظار بعض الوقت كي تتضح الصورة بشكل أفضل.

على هذا الصعيد، تتوقف المصادر نفسها عند الموقف الذي عبر عنه "حزب الله"، قبل ساعات من إنعقاد لقاء باريس، على لسان عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق، الذي شدد على أن "لبنان لا يتحمل املاءات خارجية"، معتبراً أن "المعادلة اليوم، لا تسمح باملاء وفرض رئيس من دول إقليمية ودولية"، في الوقت الذي كانت فيه العديد من الجهات المعارضة ترفع من سقف خطابها في مواجهة إمكانية إيصال مرشح رئاسي محسوب على الحزب.

في المحصّلة، النتيجة الأهم للقاء باريس قد تكون أن آوان التسوية اللبنانية لم يحن بعد، من دون القدرة على الجزم فيما إذا كان آوان إنطلاق المسار التفاوضي قد حان أو لا يزال بعيداً، في حين أن طريق الحل الداخلي يبدو مستحيلاً، طالما أن غالبية الأفرقاء لم يخرجوا من دائرة مواقفهم المعلومة، التي تعزز الإنقسام حول الأسماء والطروحات.