إنعكست الأزمة التي تمرّ بها البلاد على السجون وكأن لا يكفي الوضع المزري هناك أو الاكتظاظ أو التأخير في المحاكمات وغيرها من المشاكل، التي عوضاً عن إصلاح السجين تدفعه للذهاب في الاجرام أبعد... مؤخراً أضيفت الى هذا كلّه مشكلة أساسية جديدة هي مشكلة تأمين الطعام.

في سجن رومية، طرابلس وزحلة أعلن المورّدون أنهم سيتوقفون عن تأمين المواد الأساسيّة الى تلك السجون ابتداء من الأول من نيسان، ولكن وزير الماليّة يوسف خليل استبق الموضوع وأعلن موافقته على تحويل سلفةلقوىالامنالداخلي،ماسيمكنهامنتغطيةمستحقاتمورّديسجونزحلةوطرابلسورومية. وعلمت "النشرة" أن "قيمة السلفة التي سيحولها خليل تبلغ 30 مليار ليرة"... ولكن اليكم حقيقة الامر!.

"يتم إدخال مواد أوليّة الى السجون الثلاثة على الشكل التالي: اللحوم (مرّتان اسبوعيا)، الدجاج (مرّتان اسبوعيا)،الخبز (يومياً)، الحبوب والخضار (مرّة أسبوعياً)". هذا ما تؤكده مصادر مطّلعة عبر "النشرة"، لافتة الى أنه "يتم إحضار هذه المواد ويجري طهوها في مطابخ السجون".

تشير المصادر الى أن "المورّدين لا يزالون يتقاضون ثمن البضاعة على دولار 1507 ليرات حتى اليوم"، لتعود وتلفت الى أنّ "الحل الذي تمّ التوصل اليه هو أن يقوم المورّدون بالتسعير على الليرة أيّ مثلاً الخبز إذا كان الثمن 2$ فهو يساوي حالياً 210 الاف ليرة فيتم وفقًا لهذه التسعيرة"، لافتةً الى وجود "كلامٍ يتم تداوله عن أن الدولة اللبنانية تتقاضى من جهّات خارجيّة أو منظمات أموالاً على السجون كما يحصل مثلاً مع النازحين".

"العام الماضي حصلت الأزمة نفسها مع المورّدين". ويلفت رئيس جمعية "عدل ورحمة" الاب نجيب بعقليني عبر "النشرة" أن "هناك ثلاث شركات أو ثلاثة مورّدين، وفي تموز الماضي حصلت نفس الأزمة لتعود وزارة المالية الى تأمين الأموال، وأبلغت قوى الامن الداخلي بذلك، واليوم تتكرّر الأزمة نفسها"، متسائلا "هل نتحمّل خضّة يمكن أن يقوم بها عشرة الاف سجين إذا لم يتأمّن الطعام لهم"؟.

بالمقابل يلفت أحد المورّدين الى أننا "نحتاج داخل السجن الواحد في اليوم الواحد لأكثر من 800 كلغ من اللحوم بما يوازي حوالي 5 آلاف دولار أميركي في سجن واحد وخلال يوم واحد، فمن أين نأتي بالأموال"؟ شارحا عبر "النشرة" أننا "لم نتقاضَ بعد ثمن المواد التي بيعت في كانون الثاني وشباط وآذار من العام الجاري، كذلك ثمن مواد شهر كانون الاول وكانون الثاني من العام 2021، وشباط وآذار 2022"، مضيفا: "نريد من الدولة ما يفوق مئة مليار ليرة وكانت توازي 500 الف دولار في حينها،وهي اليوم مئة ألف دولار تقريباً، فهل هذا مقبول"؟.

في المحصّلة المبلغ الذي صرفته وزارة الماليّة لموردي المواد الغذائيّة في السجون بسيط جدا مقارنة مع المبالغ المستحقّة... عملياً المسألة كانت ولا تزال "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر في أيّ لحظة، فهل يتحمّل لبنان خضّة أيضاً اضافة الى أزماته المتلاحقة أزمة الطعام للمساجين؟!.