على الرغم من حالة الإستعصاء التي يمر بها ​الإستحقاق الرئاسي​، نظراً إلى أن الجميع لا يزال ينتظر الخطوة الثانية التي سيقدم عليها المبعوث الفرنسي ​جان إيف لودريان​، بعد الزيارة التي كان قد قام بها إلى بيروت، يبدو أن هذا الملف يشهد بعض الخطوات التمهيدية، لمسار ​الحوار​ المرجّح، من خلال عملية ترسيم حدود واضحة له.

في هذا السياق، كانت "النشرة" قد تحدثت عن رسائل خارجيّة، وصلت إلى بعض الأفرقاء اللبنانيين، تمثل ما يمكن وصفه بالخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها في أي حوار رئاسي منتظر، متعلقة بشكل أساسي ب​إتفاق الطائف​، بعد أن كانت البلاد قد شهدت تصاعد الخطابات التي تصبّ في هذا الإطار، الأمر الذي كان من المتوقّع أن يقود إلى تعقيد الأزمة بدل معالجتها.

على هذا الصعيد، تتوقف مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، عند موقفين أساسيين: الأول كان قد عبر عنه تكتل "الجمهورية القوية"، الذي رأى أن "الحوار الذي تُريده الممانعة لا يهدف إلا إلى الانقلاب على الطائف ونسف ​الدستور اللبناني​"، مؤكداً التزام حزب "القوات اللبنانية" بوثيقة الوفاق الوطني وبالمؤسسات الدستورية، أما الثاني فهو ذلك الذي عبر عنه رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، الذي شدد على إلتزام "​حزب الله​" بالطائف وعدم دعوته إلى صيغة سياسية جديدة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لا يمكن النظر إلى الموقفين إلا على أساس أنهما رسائل طمأنة، من قبل الجانبين، إلى من يعنيهم أمر عدم المس بالطائف، خصوصاً ​المملكة العربية السعودية​، بغض النظر عن معادلة أنّ "حزب الله" يصر على الذهاب إلى حوار للإتفاق على إسم الرئيس المقبل، بينما "القوات اللبنانية" لا يزال يرفض هذا الأمر، على إعتبار أن الحل هو عبر الآليات القانونية، التي تترجم بدورات انتخابية مفتوحة تفضي إلى انتخاب الرئيس العتيد.

في هذا الإطار، قد يكون من المفيد الإشارة إلى أن الموقفين المستجدين لا يعكسان المسار العام الذي كان قائماً في البلاد، في الفترة الماضية، خصوصاً أن حدة السجالات حول العديد من الملفات الخلافية كانت قد ارتفعت إلى مستويات كبيرة.

من وجهة نظر المصادر السياسية المتابعة، أهمية الموقفين المذكورين في الأعلى لا تتوقف عند تمثيل الحزبين الذاتي، بل بالنظر إلى أنهما يمثلان محورين متناقضين، على المستوى المحلي، لهما إمتداداتهما الخارجية، وبالتالي لا ينبغي التعامل معهما على أساس أنهما تفصيل بسيط في مسار الأزمة الرئاسية، بل على العكس من ذلك هما معطيان أساسيان يُبنى عليهما بالنسبة إلى المرحلة المقبلة.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ ما تقدم لا يعني أن حدّة السجالات السياسية سوف تتراجع، لا بل على العكس من ذلك من المرجح أن تتصاعد أكثر في الأيام المقبلة، نظراً إلى أن العديد من الملفات الحساسة ستوضع على بساط البحث، لكن بات من الواضح أنها ستكون تحت سقف الحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار، وتشير إلى أن كيفية التعامل مع إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نهاية الشهر الحالي، ستكون هي التحدي الأقرب زمنيا.

في المحصّلة، تعتبر المصادر نفسها أنه يمكن الحديث عن عملية ترسيم حدود تمت، لأي حوار رئاسي من الممكن أن يحصل، لا سيما إذا ما نجح الجانب الفرنسي في تأمين دعم القوى الخارجية الأخرى المؤثرة له، الأمر الذي يمكن التعويل عليه من أجل الحصول على نتائج سريعة، نظراً إلى أن بنود الحوار لن تكون متشعبة، في حين يبقى الإتفاق على آلياته ومكان إنعقاده، سواء كان ذلك داخل لبنان أو خارجه.