لفت مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ ​عبد اللطيف دريان​، إلى أنّ "المجلس الشرعي ​الإسلام​ي الأعلى قد حمّلني في تمديد ولاية مفتي الجمهوريّة، مزيدًا من المسؤوليّة الدّينيّة والوطنيّة، وأردّد كلمتي "هم يريدون وأنا لا أريد والله يفعل ما يريد".

وأكّد، خلال حفل تكريمي له، بدعوة من رئيس منتدى بيروت الثّقافي أحمد مختار خالد، في دارته في منطقة عاليه، "أنّني لا أتخلّى عن مسؤوليّاتي الدّينيّة والوطنيّة، وينبغي علينا جميعًا أن نحافظ على وحدتنا وتعاوننا وتضامننا وتكاتفنا، بوجه التّحدّيات والأضاليل الّتي تعترضنا، لنكون سدًّا منيعا لإيقاف كلّ ما يسيء إلى وحدتنا وتضامننا وتكاملنا".

وأشار المفتي دريان إلى "أنّنا على مسافة واحدة من المرشّحين كافّة لانتخابات ​المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى​، ونتمنّى للجميع التّوفيق والنّجاح"، مشدّدًا على أنّ "​دار الفتوى​ لها ثوابتها، ومهمّتي حمايتها والحفاظ على الوجود والدّور والرّسالة الّتي اؤتمنا عليها، كما اؤتمن من كان قبلنا في هذا الوطن العزيز، الّذي نريده كبقيّة اللّبنانيّين سيّدًا حرًّا عربيًّا مستقلًّا".

ورأى أنّ "الأزمات الّتي يمرّ بها ​لبنان​، أسبابها فقدان القيم والأخلاق، ومن يتعدّى حدود الأخلاق والأدب في التّعامل معنا فلن نسمح له بذلك، انطلاقًا من القيم والمبادئ السّامية الّتي تعلّمناها من ديننا الحنيف"، مركّزًا على أنّ "من المؤسف إنّني لا أرى في المدى المنظور حلولًا لأزماتنا السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة والاستشفائيّة والدّوائيّة. الأفق مسدود والنّفق المظلم الّذي ينتظرنا خطير، وعلينا أن نعي خطورة ما نحن فيه قبل فوات الأوان".

كما بيّن أنّ "الكلّ يطالب بالحوار، وإذا كان مبدأ الحوار هو مكان انقسام بين القوى السّياسيّة، فما هو حال هذه القوى حين يبدأ الحوار بينها؟"، مذكّرًا بـ"أنّنا التقينا مع النّواب المسلمين من أهل السّنة والجماعة جماعات وأفرادًا، ورغم مظاهر الانقسام بين هؤلاء الإخوة النّواب، إلّا أنّهم متّفقون على الثّوابت الوطنيّة، وفي مقدّمتها الإسراع في انتخاب رئيس للجمهوريّة، والحفاظ على وثيقة الطائف وعلى النّظام العام والوحدة الوطنيّة، والالتزام بقيام الدّولة ومؤسّساتها".

وأكّد دريان أنّ "الموقف الإسلامي لأهل السّنة والجماعة موحّد بصورة عامّة، ولا صحّة لما يُقال من هنا وهناك بأنّنا بعيدون عن الأهداف الإسلاميّة والوطنيّة الّتي رعتها وترعاها دار الفتوى، وكنّا ولا زلنا ركنًا أساسيًّا من أركان صناعة القرار ووثيقة الطائف الّتي نتمسّك بها مع بقيّة اللّبنانيّين، هذه الوثيقة الّتي أوقفت الاقتتال بين اللّبنانيّين ووضعت حدًّا للحروب العبثيّة على أرضنا".

وأعلن أنّ "وحدتنا الوطنيّة وعيشنا المشترك هما أساس وجودنا، فلا معنى لوجود لبنان بدون هذه الثّوابت الّتي على أساسها كانت ولادة دولة لبنان الكبير. والخوف كلّ الخوف من الانهيار السّريع للدّولة ومؤسّساتها، في حال الاستمرار في تصلّب المواقف وتحكّم الأنانيّات في نفوس البعض".

واعتبر أنّ "الهجمة الشّرسة والمؤامرة الّتي تأتينا من الدّول الغربيّة، ليست فقط على المسلمين، ولا على الإسلام، ولا على كتاب المسلمين الّذي هو ​القرآن الكريم​. الهجمة هي على القيم الدّينيّة بشكل عام، وهي هجوم على الشّرائع الّتي أنزلها الله على أنبيائه ورسله لتكريم الإنسان".

ولفت دريان إلى أنّ "هذا يدعونا لأن نكون صفًّا واحدًا في مواجهة كلّ ما يأتي إلينا مناقضًا لقيمنا ووحدة أسرنا ومجتمعنا وبلادنا، فنحن في هذا الشّرق أهل إيمان وقيم وأخلاق وأصحاب رسالة تهدف إلى عبادة الله وتكريم الإنسان والحفاظ على النوع البشري، الّذي تهدّده بعض القوى الغربيّة الّتي ابتعدت عن الإيمان وهوت نحو هواها ومادّيّتها".