لفت وزير الطّاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ​وليد فياض​، إلى أنّه "بعد أن تقدم تحالف "Total" و"ENI" و"Qatar Energy" بطلب رخصة حفر بئر في البلوك رقم 9، ووافقت عليه هيئة إدارة ​قطاع البترول​ و​وزارة الطاقة​، بدأ العمل واستمر وفقاً للجدول الزمني المقدم مسبقا في طلب رخصة الحفر".

وأوضح، خلال مؤتمر حول ​النفط​ والغاز في نقابة المهندسين في طرابلس، أنّ "حاليًّا، الحفر هو على عمق 1700 متر تحت سطح المياه، وعلى عمق 1800 متر تحت قعر البحر، ما يعادل 3500 متر تحت سطح المياه، اي ان عمق الاستخراج هو اكثر من ارتفاع القرنة السوداء أعلى قمة في جبال ​لبنان​".

وكشف فيّاض أنّ "الأسبوع المقبل، سيشهد لبنان المرحلة الأخيرة في عملية الاستكشاف الحالية، حيث سندخل في تماس مع طبقات "المكمن المحتمل". في هذه المرحلة، سنتوقع وجود صخور هيدروكاربونية يمكننا عندها وعبر أجهزة القياس وبواسطة المعدات المتطورة، ولوج العمق المحتمل اي 4300 متر لقياس خصائص الصخور وطبيعة المواد الموجودة في العمق الجديد".

وأشار إلى أنّه "في حال وجود مواد هيدروكاربونية ذات اعتبار، ننتقل إلى مرحلة الاستخراج التجريبي بناءً على النتائج الأولية المتوقع صدورها أواخر تشرين الأول 2023، حول الاكتشاف أم عدمه"، مشدّدًا على أنّه "في حال سارت الأمور من دون أي معوّقات تقنية تتصل بواقع الأرض وطبيعة الطبقات الجوفية، نكون قد خطونا خطوة جبّارة باتجاه إنهاء أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية".

كما ذكر أنّ "التفاصيل الدقيقة حول ما إذا كان هناك كميات تجارية أم لا، ستصدر في نهاية العام الحالي، حيث نكون قد قمنا بتحليل المعطيات والمعلومات كافّة الوافدة إلينا من قعر مياهنا الإقليمية، وعندها يصدر تقرير مُفَصّل وتقديري حول ما هو موجود وما هو مُعوّل عليه".

وأكّد فيّاض أنّه "لا يمكن لأي شخص أن يُقدّر حالياً واقع حال الحفر، لأننا ندخل طبقات جديدة تمكّننا من رسم الخريطة التشابهية بين الطبقات الجيولوجية بين بحر فلسطين المحتلة وبحر لبنان، وفي موقع حفر بئر ​قانا​ تحديدا. هذه الخريطة لم يكتشفها أحد، ولا وجود لمثيلتها في المياه الإقليمية".

وبيّن أنّ "هذا أول بئر يُحفَر في هذه المنطقة، وأول ولوج إلى هكذا طبقات في المنطقة. فإذا كانت وتيرة التشابه عالية ومتكررة في منطقة الحفر، نكون أمام اكتشاف. بعدها يبقى لنا تحليل المعطيات والدراسات من داخل البئر، لمعرفة هل هذا الاكتشاف هو اكتشاف تجاري ام لا".

واعتبر أنّ "الاكتشاف بحدّ ذاته إنجاز للبنان. فحتى لو لم تُؤَشِّر المعطيات إلى أنّ هناك اكتشافًا تجاريًّا، فإن المعطيات المراكمة تؤَّسس لاكتشافات أخرى لحقل قانا والبلوك رقم 9، تطلق خطوات متلاحقة باتجاه الاكتشاف التجاري. لذلك يشكل هذا الشهر شهراً مفصلياً للتأكد من وجود اكتشاف نفطي أم لا".

إلى ذلك، تمنى فيّاض على الجميع في هذه المرحلة، "تَوّخي الحذر بإطلاق الترجيحات والتوقعات، لان المعطيات لا تزال تردنا، وما زلنا في طور تجميع المعلومات، ليُصار بعدها إلى تحليلها علمياً وإطلاع الرأي العام عليها"، لافتًا إلى أنّ "ما حدث من تغيير لموقع الحفر حصل في بداية الحفر في أول 50 متراً من الحفر، وهذا شيء طبيعي وفّر علينا أيامًا من الانتظار ووفّر كلفة مادية على الشركة المستكشفة". وشرح أنّ "هذا التغيير لا يُؤَّثر سلبياً على نتيجة الحفر، بل على غرس ركائز للبئر على أُسُس صخريّة صلبة ومتماسكة".

وأضاف: "إنّ الفريق التقني في الوزارة وفي هيئة ادارة قطاع البترول يراقب 24 ساعة على 24 ساعة عن بُعد، المعطيات كافّة وبالتوقيت نفسه مع الحفّارة. لدينا القدرات والطاقات البشرية اللبنانية الكافية الكفيلة بمواكبة النتائج وتحليلها".

ونوّه إلى "أننا وعلى مرّ عدة ولايات لوزراء الطاقة المتعاقبين، كان هناك تشديد على فرض إعتماد كوتا من اليد العاملة اللبنانية بنسبة لا تقلّ عن 80 بالمئة من العمّال والإداريين والمهندسين، وهي نسبة عالية لتحفيز مشاركة اللبنانيين بالمساهمة بإستخراج ثروتهم الوطنية. يتخلل الإستخدام هذا تدريب وتأهيل وتمرين الكوادر المعنية، لتواكب أطقم الشركات العالمية في هذا المجال".

وأشار وزير الطّاقة إلى أنّ "بعد التأكد من تحقيق الاكتشاف، ننتقل إلى مرحلة التطوير والإنتاج، التي تسبقها مرحلة سنتين لتحضير البنية التحتية للغاز، الذي لا يمكن تخزين الكميات التجارية منه، بل يجب تأمين سوق تجاري له قبل الشروع باستخراجه، وذلك بالتعاون ما بين الهيئة والوزارة، لنصل بعدها إلى إختيار الطريقة الأنسب لتطوير الحقل، أي معرفة كم بئر سنحفر مع كامل ملحقاتهم؛ وكذلك موضوع التصدير للخارج والاستهلاك المحلي". وأفاد بأنّ "عندها، يلزمنا نحو 3 سنوات لحسم هذه الأمور، ليُصار بعدها إلى التنفيذ".

وركّز على أنّ "وقتها، يمكننا أن نبارك لنا جميعا بأنّ لبنان أصبح بلدًا نفطيًا لديه أصول إضافية، وأصبح على طريق التعافي الاقتصادي للنهوض من أزمته"، مؤكّدًا "أنّنا بحاجة لتظافر الجهود كافّة، ويلزمنا مواكبة من الوزارات المعنية كافّة"، معربًا عن أمله من الحكومة "رفد الإدارات بالجهاز البشري المطلوب وقتها، لمواكبة الاستحقاق النفطي".

وتابع: "كل هذا لم يكن ليحصل لولا المثابرة لوضع الإطار القانوني المتماسك الذي تم الانتهاء منه في جزئين: الأول في عام 2010 "مراسيم استخراج النفط"، ثمّ في عام 2017 مع وضع مرسوم تقسيم البلوكات ومرسوم البيئة والمحيط. والأهمّ هو الإنجاز الجيوسياسي التاريخي ل​ترسيم الحدود البحرية​ في تشرين الأوّل 2021".