في ظلّ زيادة الأعباء المعيشيّة، وإقرار مجلس الوزراء خلال جلسته أمس زيادات لموظفي القطاع العام، على أن يكون الحدّ الأدنى 400 دولار والحدّ الأقصى 1200 دولار، أشارت مصادر وزاريّة لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّه "ليس خافياً على احد انّ الوضع الاقتصادي والمالي صعب جداً، والحكومة تسعى جهدها لتوفير التقديمات الاجتماعية والحوافز على مستوى القطاع العام، وضمن الإمكانات المتاحة".

وأوضحت "اننا محكومون بسقف معين من الإنفاق لا نستطيع تجاوزه، لأننا اذا ما تجاوزناه، سيُسقطنا في مرحلة من التضخم القاتل الذي لا يبتلع فقط التقديمات، بل ينسحب بارتدادات بالغة الخطورة على المالية العامة"، مشدّدةً على أن "المطلوب في هذه المرحلة هو إدراك وضع البلد، وحال الخزينة وقدراتها المحدودة، ولا تحتمل بالتالي أي نزيف مالي منها".

وأكّدت المصادر أنّ "المطلوب ليس التصعيد وافتعال معارك جانبية طابعها ودافعها سياسي وشعبوي، بل التواضع والعقلانية، فثمة مطالب محقّة والحكومة تسعى جهدها لتلبيتها، ولكن في المقابل هناك مطالب مُبالغ فيها كثيراً غير قابلة لتحقيقها، ونأمل ان نصل الى حلول قبل نهاية الاسبوع الجاري".

وعن رواتب القطاع العام، لفتت إلى أنّ "الاتصالات لم تنقطع لإعادة العمل في وزارة المال، حيث أنه إذا استمر التعطيل فيها، فلن نتمكّن من تأمين رواتب شهر شباط".

ترحيل الرئاسة

أمّا على الصعيد الرئاسي، فقد أكّدت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، أنّ "الرهان في الفترة الاخيرة كان على خرق رئاسي تحقّقه "اللجنة الخماسية"، فإذا بهذه اللجنة تصطدم بالاختلاف في ما بينها وعدم التقاء اعضائها على رأي واحد، وهذا معناه انّ "الخماسية" نعت مهمّتها، ووجّهت رسالة بالغة الصراحة والوضوح بأنّ الملف الرئاسي عاد الى الإقامة الطويلة في دائرة الاستعصاء".

ولخّصت موضع الاختلاف بالقول: "إنّ "الخماسية" تؤكّد في العلن توافق اللبنانيين على رئيس، ولا "فيتو" على أي مرشح ولا تزكية او تفضيل لأي مرشح، فيما في داخلها موزعة ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الاول لا يزال يضع "الفيتوات" على بعض الأسماء ويشدّد على الذهاب الى الخيار الثالث، والإتجاه الثاني لا يرى جدوى من الحوار بين المكونات السياسية، بذريعة أنّ هذا الحوار ليس محل إجماع بين هذه المكونات، ومرفوض من قبل قوى سياسية اساسية، وتبعاً لذلك، فإنّ الجدوى يمكن ان تتحقق من خلال حركة الوسطاء وجهودهم بين هذه المكونات بعيداً من الاضواء؛ التي سبق لها أن حقّقت بعض التقدّم في فترات سابقة. اما الاتجاه الثالث، فلا يبدو مستعجلاً لحسم الملف الرئاسي. ومعلوم انّ الفرنسيين يشدّون في هذا الاتجاه، فيما الجهة الاكثر فاعلية في اللجنة، غير متحمّسة لإجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، بل هي مع ترحيلها الى ما بعد ترتيب الوضع في منطقة الحدود الجنوبية".

لا تحرّك جديداً

وكشف مطّلعون على أجواء الحراك الأخير لسفراء دول الخماسيّة لـ"الجمهوريّة"، أنه "ليس في برنامجهم في الوقت الراهن أيّ نية لتحرّك جديد".

والأمر نفسه اكّد عليه مرجع مسؤول لـ"الجمهورية"، مشيرًا إلى أنّه "يبدو انّ مهمّة اللجنة قد أُدخلت الى البرّاد.. استبشرنا خيراً بتحرّك السفراء، جاؤوا الينا متفقين، واكّدوا لنا انّ اللجنة على قلب واحد وموقف واحد ونظرة واحدة الى الملف الرئاسي بضرورة حسمه سريعاً، وإرادة واحدة لمساعدة اللبنانيين على التوافق في ما بينهم على رئيس للجمهورية، ولكن لم يطل الأمر حتّى تكشّفت لنا اختلافات عميقة بين اعضاء اللجنة؛ وخصوصاً بين الاميركيين والفرنسيين. والنتيجة الطبيعية لهذا الامر، هي تطويل عمر الفراغ الرئاسي والعودة الى الانتظار الطويل في مربّع التعطيل".

ورجّح انّ "زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان التي قيل انّه سيقوم بها الى بيروت، قد اصبحت في حكم الملغاة، ربطاً بالاختلاف بين اعضاء الخماسية، وعدم اجماعهم على اعتباره وسيطاً يتحرّك باسمها"، الاّ انّه في المقابل لم يستبعد أن "يستأنف الموفد القطري تحرّكه على الخط الرئاسي". وبيّن "أنّني لا اقول ذلك بناءً على معلومات، بل افترض ذلك من باب التوقعات، وخصوصاً انّ الموفد القطري لم يختم حراكه السابق، بل علّقه جراء التطورات الأمنية على جبهتي غزة وجنوب لبنان، وكذلك علّقه بالتزامن مع تجديد "اللجنة الخماسية" لمسعاها. اما وقد فشلت هذه اللجنة، فليس مستبعداً ان يتجدّد المسعى القطري".

في السّياق، اعتبرت مصادر وسطية عبر "الجمهورية"، أنّ "تحرّك نواب كتلة "الإعتدال الوطني" أمر جيّد ويعكس حرصاً ومسؤولية. ولكن لنكن صريحين، كان الله في عونهم، فهم يلعبون في ملعب لا نقول انّه اكبر منهم، بل ملعب صعب مع لاعبين متصلّبين في مواقفهم ومتطّرفين في توجّهاتهم، ويعتبرون انفسهم اكبر من البلد. فإذا كانت 5 دول في "اللجنة الخماسية"، وقبلها وبعدها فرنسا والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولودريان، ثم القطريون، قد فشلوا جميعاً في تفكيك عِقَد الملف الرئاسي، فهل سيتمكّن هؤلاء النواب، مع كل احترامنا لهم، من ان يقنعوا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس "التيرا الوطني الحر" النائب جبران باسيل و"حزب الله" بغير ما هم مقتنعون به؟ اشك في ذلك. ثمّ ما معنى أن يلتقوا المرجعيات الدينيّة؟".

نائب سابق على خط الوساطة بين بكركي وحزب الله

من جهتها، علمت صحيفة "الديار" أنّ "نائباً سابقاً مقرّباً جداً من خط حارة حريك، يعمل على وساطة وتقارب منذ أيام بين بكركي و"حزب الله"، اذ اجتمع مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومع أحد أبرز نواب الحزب، وكان التجاوب حاضراً، لكن لربما سيعاني من البطء بسبب الظروف الراهنة في البلد".

ولفت مصدر كنسي لـ "الديار"، إلى أنّه "ليس من الضرورة ان يكون تواصل الفريقين عبر الاجتماعات وفي العلن، لكن بالتأكيد ابواب الصرح مفتوحة أمام الجميع للتعاون بما فيه مصلحة لبنان اولاً"، مشدّدًا على أنّ "البطريرك الراعي لا يرفض الحوار مع "حزب الله"، انما يرفض التراجع عن طرحه، وبكركي تبحث دائماً عن مخارج لإنقاذ لبنان".

ودعا إلى أن "ننتظر بعض الوقت علّ الامور تتضح اكثر في هذا الاطار، فالامر يقتصر حالياً على مبادرات فردية ليس اكثر، من خلال رسائل ينقلها بعض الاصدقاء المشتركين".