وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، لافتا الى ان "ما بدأت تحديات العيش والنظام في لبنان بحرب غزة. لكنها تعاظمت بعشرات القتلى، وبتهجير الناس من الجنوب اللبناني. لقد ظننا أن القرار الدولي رقم 1701 سيحمي لبنان، لكن ذلك لم يكن صحيحا لأن العدو الصهيوني لا يلتزمه، ويخالف كل القرارات الدولية بعدوانه على لبنان، ويقتل أبناءنا، ويدمر بيوتنا، فالاعتداء على أي منطقة في لبنان، هو اعتداء على كل لبنان ، لا نفرق ولا نميز بين منطقة وأخرى، وما يحصل من عدوان على الجنوب، هو برسم صناع القرار في المجتمع الدولي، ولا حل للقضية الفلسطينية إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الحرة، وعاصمتها القدس الشريف".

واشار الى ان "اشتد شوقنا لشهر رمضان، لأن الجميع يريدون التوصل إلى وقف القتل والقتال في رمضان، كأنما القتل حلال خارج رمضان وممنوع فيه، نعم لطالما كان رمضان شهرا للسلام والطمأنينة والأمن والأمان. هو شهر الرحمة والتراحم. ونحن نسأل لإخوتنا في غزة وفي فلسطين، وفي سائر ديار العرب والمسلمين، الكفاية بعد الجوع، والأمن بعد الخوف، في رمضان وفي غير رمضان. فمنذ مائة عام ما توقف القتل في فلسطين. ومنذ عقود وعقود، يتعرض الفلسطينيون للملاحقة والاضطهاد في صلواتهم في القدس والخليل، وها هي مساجدهم تهدم في غزة . لقد قوتل الفلسطينيون في دينهم وفي ديارهم ، وهم لا يفعلون غير الدفاع بقدر الوسع والطاقة".

واضاف، "يحضر شهر رمضان هذا العام، فنتذكر آلام إخواننا كما نتذكر آلامنا نحن. وهي حاضرة لا تخفى على أحد إلا على سياسيينا ورجال المال والأعمال عندنا. منذ سنوات ما يزال السياسيون يمضغون الكلام بشأن جريمة المرفأ، واحتجاز أموال الناس في المصارف، والمؤسسات متهالكة، والهجرات متوالية، كأنما الوطن ينتهي، وتنتهي عهوده بالعزة والرفعة والمنعة والتقدم. إن أول الأمراض التي أصابتنا مرض فقدان المحاسبة. يستطيع كل أحد أن يفعل ما يشاء، ويظل آمنا وماضيا في عبثه ، كأنما هو غير مسؤول أمام الله وأمام النا".

ورأى أن "لبنان في دائرة الخطر، والسبب الأول هو الشغور الرئاسي، فانتخاب رئيس للجمهورية، هو الخطوة الأولى نحو بناء الدولة، والطريق الصحيح القويم، في تفعيل عمل مؤسسات الدولة المترهلة. مهما اختلفت الرؤى السياسية، علينا بالتوافق والتعاون للاستقرار والاستمرار في وطننا ، الذي هو بحاجة إلينا جميعا لحسن إدارة البلد بهمة أبنائه، إن الأولوية المطلقة اليوم، هي إجراء انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يمكن أن نخرج من أزماتنا إلا بإنجاز هذا الاستحقاق، لنحافظ على وحدتنا الوطنية، فلبنان لا يعيش إلا بجناحيه، المسلم والمسيحي، ولا نرضى إلا بالمساواة التي نص عليها اتفاق الطائف، ولا يساس لبنان بمنطق الرابح والخاسر، أو القوي على الضعيف، بل كلنا أقوياء بكلمة الحق، ومنتصرون لوطننا ولشعبنا".

وطالب "الجميع بالتعالي والتنازلات المتبادلة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما دونها، لإنقاذ لبنان، وإلا الفوضى وشريعة الغاب، هما البديل إذا استمرت القوى السياسية بالتصلب والتعنت، علينا أن نتعاون مع الجهود الطيبة ، والمساعي الخيرة، التي تقوم بها اللجنة الخماسية، في مساعدتنا لحل أولى أزماتنا، وهي انتخاب رئيس جامع ، وتشكيل حكومة فاعلة، والبدء بالإصلاحات، ومعركة إنهاء الفساد المستشري، ولا خلاص للبنان، إلا بصدق النية والعزيمة والإرادة، والعمل الجدي، في ترتيب أولوياتنا، كي لا نقع في فخ المحظور الذي بانتظارنا، إذا لم نسارع إلى اتخاذ خطوات تريح وطننا من المعاناة التي نعيشها".