على الخط الرئاسي، وبانتظار ان تستكمل اللجنة الخماسية حراكها في وقت قريب، علمت صحيفة "الجمهورية" انّ "الخماسية" طلبت عقد لقاءات مع جهات سياسية وعدد من الكتل النيابية، وتواصلت بشكل مباشر مع "حزب الله"، حيث تقرّر أن يزور ثلاثة من سفراء اللجنة: الفرنسي هيرفيه ماغرو، والمصري علاء موسى والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، كتلة "الوفاء للمقاومة". ومن المرجح أن تشمل لقاءات سفراء اللجنة الخماسية رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية".

وأفادت معلومات "الجمهوريّة" نقلًا عن مصادر موثوقة، بأنّ "مهمّة "الخماسية" محفوفة بالمصاعب والتعقيدات ذاتها، سواءً ما يتصل بالحوار السياسي الذي تدعمه توصلاً الى التوافق على رئيس للجمهورية، والذي تبرز في طريقه عثرات ومطبات واعتراضات من مستويات سياسية ومراجع دينية، او ما يتصل بالتحفظات العلنية والضمنيّة، او بمعنى أدق "الفيتوات" على بعض المرشحين، التي ما زالت موجودة لدى بعض جهات "الخماسية"؛ والتي تنطلق منها للتركيز على خيار رئاسي من خارج الاسماء التقليدية".

وثيقة بكركي: طالب الشيء قبل أوانه

على صعيد متّصل، أشارت "الجمهوريّة" إلى أنّ "المواقف اختلفت مما نُشر حول اللقاء الذي انعقد في بكركي لمناقشة ما سُمّي "وثيقة سياسية مسيحية"، الى درجة لافتة. وإن تمعَّن العارفون بكثير من الحقائق التي سبقت ورشة العمل وتلت بداياتها الاولى، لعبّروا عن صدمتهم لجهة ما أُعطي المجتمعون من دور، وتوصيف وثيقة خضعت للقراءة الاولى بـ"التاريخية"، وهو ما أفقد هذه القراءة صدقيتها، إذ لا يجوز إطلاقها قبل معرفة ما يمكن ان تنتهي اليه. ولذلك اتهم اصحاب هذه التسريبات المبكرة بالسعي الى "تسويق سياسي" في اتجاه لن يخدمها".

وأوضحت أنّ "من انتهى الى هذه الخلاصة المختصرة، يدرك أنّ في بكركي والمؤسسات والهيئات التابعة لها والتي تعمل في كنفها، عدداً كبيراً من اللجان وفِرق العمل الاستشارية السياسية والادارية والاقتصادية، التي تعمل بصمت على اكثر من مستوى مسيحي ووطني. وهي لجان متعددة الاختصاصات تجمع الخبراء الكبار في كثير من القضايا المطروحة على الكنيسة، نظراً الى حجم اهتمامها بالشؤون الوطنية المختلفة، الكنسية والروحية منها كما المدنية".

ولفتت الصّحيفة إلى أنّها "تعمل بصمت الى جانب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مباشرةً، او الى جانب عدد من المطارنة المكلّفين ملفات محدّدة تتناول مختلف وجوه حياة اللبنانيين، ولا تقف عند حدود المجتمع المسيحي تحديداً، بالنظر الى ما تتناوله مما يشكّل هموماً وطنية ما زالت تخضع للتجاذبات السياسية؛ بطريقة حالت دون ان تنتهي الى غاياتها السامية".

وركّزت على أنّه "كان لا بدّ للعارفين بكثير من تفاصيل ورش العمل الجارية في بكركي، وتحت رعايتها والى جانبها، ان تشير الى عمل اللجنة الاخيرة التي شُكّلت على مستوى ممثلين لقادة الأحزاب والكتل النيابية المسيحية، للبحث في ورقة عمل "شاملة" اعدّها راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان ابي نجم، الذي كان مكلّفاً استقصاء رأي الاحزاب المسيحية حول القضايا الوطنية العامة وطريقة مواجهتها في ظلّ الظروف الراهنة، قبل ان تتطور الامور وتتعدّد المبادرات التي قادها الموفدون الدوليون والهيئات الدبلوماسية، وفي مقدّمها أعضاء المجموعة الخماسية العربية والدولية التي شُكّلت لمساعدة اللبنانيين على إتمام الاستحقاق الدستوري بانتخاب رئيس الجمهورية، وما يمكن ان يرافقه من إجراءات لا بدّ منها لإعادة تكوين السلطة واستكمال بناء المؤسسات والسلطات الدستورية؛ التي تفتقد السلطة الإجرائية في غياب رئيس للجمهورية".

كما شدّدت على أنّ "مَن يعتقد انّ المشكلات التي يعانيها لبنان ستنتهي عند رؤية اللجنة، يرتكب خطيئة كبيرة وجسيمة. فلا يعتقدن أحد انّ من جمعتهم اللجنة سيعترفون بأنّ مقاربة الاستحقاق الرئاسي تعني أنّه "أزمة مسيحية- مسيحية"، لا بل هي ازمة وطنية كبرى، تمكّن البعض من ربطها بقضايا إقليمية ودولية بقوة قاهرة، وخصوصاً في ما يجري في غزة والمنطقة. ويخشى انّ من يعتقد عكس ذلك قد يكون "ممن يطالبون بالشيء قبل اوانه، فيُعاقب شخصياً بحرمانه او يكون سبباً ليُعاقب الآخرين بحرمانهم".

اجتماع بكركي: هدنة المتحاورين أم جرس إنذار؟

بدورها، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "بضع خلاصات انتهى إليها الاجتماع المسيحي في بكركي الخميس: أُولاها، إعادة جمع الأحزاب والكتل إلى طاولة حوار في ما بينها برعاية البطريركية المارونية، تمهّد لهدنة في حملاتها المتبادلة إحداها حيال الأخرى في كل ما تتناحر عليه. ذلك يقطع الطريق أو يُفترض أن يقطعها على المواقف المسبقة بين الأحزاب والكتل هذه، بإزاء رفضها التواصل والتحاور في ما بينها".

وبيّنت أنّ "إلى الآن، تقتصر المشاركة فيها على ثلاثة أحزاب هي "التيار الوطني الحر"، "الكتائب اللبنانية" وحزب "القوات اللبنانية"، وقوتان سياسيتان ليستا حزبيتين ولا تمثلان كتلتين نيابيتين وازنتين، هما النائبان ميشال معوض ونعمة أفرام على أنه تمثيل مناطقي. افتقرت للشخصيات المسيحية المستقلة عن هؤلاء جميعاً، ما يحرم الاجتماع تالياً رأياً ثالثاً بين اصطفافين".

وأفادت "الأخبار" بأنّ "ثاني الخلاصات، مناقشة وثيقة تبدّى منذ ما قبل اجتماع الخميس، في التي سبقته بين المشاركين إياهم، أنها في حاجة إلى إعادة نظر في التوجه العام كما في القضايا المثارة. مع أنها ليست جديدة، واطّلع المجتمعون على أفكارها سلفاً، بيد أنهم الآن في طور تعديلها إن لم يكن أكثر في جوانبها الجوهرية، سواء المتصلة بعلاقة المشاركين بعضهم مع بعض، أو حيال الفريق الآخر في الشراكة الوطنية".

وأشارت إلى أنّ "الخلاصة الثّالثة، أنّ اجتماع الخميس انتهى إلى التفاهم على عنوان للوثيقة، يختلف عن ذاك الموضوع لها في الأصل. مِن "المسيحيون إلى أين؟"، إلى "لبنان إلى أين؟"، بغية تعميم الهواجس والقلق وإضفاء طابع شمولي لارتباطه بالكيان والهوية والأخطار المهدّدة. مع ذلك، تكمن مشكلة المشاركين ومصدر نزاعاتهم في التفاصيل لا في العناوين"، لافتةً إلى أنّ "ما يلتقون عليه، يتجاوز بكثير ما أوردته المسوّدة على أهميته، على نحو الحياد واللامركزية الإدارية والقرارات الدولية والافتئات على الوظائف المسيحية وعدم تورّط لبنان في الخارج وانتخابات رئاسة الجمهورية".

كما اعتبرت أنّ "علة كلٍّ من العناوين هذه، انطواؤها على كمّ من التفاصيل هي مكمن الاختلافات والتباين واحداً بعد آخر. أضف عاملاً يصعب تجاهله -إن لم يكن في صلب التناحر- هو العداء الشخصي والكراهية المتبادلة بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية".

وأضافت الصّحيفة: "رابع الخلاصات، أنّ الامتحان الفعلي لنجاح الحوار المسيحي- المسيحي كما تتوخّاه بكركي، توافقه على الأمر الأكثر استعصاء. الواضح من تمثيل الحاضرين في اجتماع الخميس وجود اصطفافين غير متكافئين: التيار الوطني الحر (بعد تغيّب تيّار "المردة") على وفرة التناقض بينهما أيضاً قبالة الآخرين جميعاً في المسألتين الأكثر تعقيداً وهما سلاح "حزب الله" والقرار 1559. بينما يقول "التيار" إن سلاح "حزب الله" أو المقاومة هو من أجل حماية لبنان، يقول الآخرون جميعاً إنه وسيلة ابتلاع الدولة برمّتها وتهديد مباشر للكيان والهوية. موقفان متناقضان يتعذّر الوصول إلى حل وسط بينهما".

وفسّرت أنّ "المعضلة نفسها في القرار 1559، الذي هو الوجه الآخر لتجريد "حزب الله" من سلاحه، ويصبّ في الهدف نفسه: التخلص من فائض القوة في الحزب، كي يتوازن مع الشركاء الآخرين في النظام والدولة والمجتمع. بينما يقول "التيار الوطني" إن المطلوب "احترام" القرار 1559 لا فرض تنفيذه، المستعصي في كل حال، يقول الفريق الآخر إن التزام تنفيذه هو المدخل إلى الحياد".

وركّزت على أنّ "الخلاصة الخامسة، هي تقييم جدوى أي وثيقة مسيحية في مقدرتها على مخاطبة الشركاء الآخرين، لا الاكتفاء بالانغلاق على نفسها دونما التحاور مع مَن يفترض أنهم معنيون مباشرة في كل ما تثيره، وخصوصاً في مسألتي سلاح "حزب الله" والقرار 1559 الوثيقَي الصلة بالثنائي الشيعي. في أحسن الأحوال لا تملك الوثيقة الوصول إلى أهدافها، في معزل عن التواصل مع أولئك ومحاورتهم. انتهى المطاف بالتريث في المسوّدة المتداولة وإعادة صوغها، على أن يُصار إلى التوسع في مناقشة مضمونها مع الأفرقاء غير المسيحيين، قبل الوصول إلى إصدارها".

"8 آذار": الموضوع الرئاسي هو الحاكم على تفكير المسيحيين

في السّياق، رأت أوساط تابعة لفريق ما كان يُعرف بـ"8 آذار"، لصحيفة "الديار"، أنّ "الموضوع الرئاسي هو الحاكم على نمط التفكير عند المسيحيين، واي مخطط اقليمي خبيث وان كان مخططا اسرائيليا هو غير حاضر بالنسبة لهم، لان الاولوية لهم هي انتخاب رئيس للجمهورية".

وأكّدت أنّ "في هذا الوقت العصيب، لا يجب ان يتحول الداخل اللبناني الى بيئة تطعن "حزب الله"، في وقت تحتاج المقاومة الى ادراك اللبنانيين خطورة الوضع في المنطقة، وما تحيكه إسرائيل من مخططات عدوانية تجاه لبنان وشعبه".

وفي اطار علاقة "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، أشارت الأوساط إلى أنّ "لجوء رئيس "التيار" النائب جبران باسيل الى التفلت من الشروط والقيود الموضوعة في اتفاق مار مخائيل، ينبع من اعتقاده ان "حزب الله" منشغل بالجبهة الجنوبية، وغير آبه للجبهة الداخلية، وهذا امر غير صحيح. بيد ان المقاومة تعتبر ان انتخاب رئيس يتطلب حوارا لتقريب وجهات النظر بين الافرقاء، وان البلاد يجب ان يديرها رئيس يلقى قبولا عند كل الأفرقاء وله حيثية شعبية".

وعن تمسك "حزب الله" بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، أوضحت أنّ "المقاومة ترى في فرنجية شخصا له حيثية دولية وشعبية داخلية، فضلا عن علاقاته مع الدول العربية. اما المرشحون الاخرون فيتم انزالهم بالمظلة على اللبنانيين وبين ليلة وضحاها، وعليه تسعى احزاب معينة الى تسويقهم على انهم المرشحون المناسبون لرئاسة الجمهورية".

القوات اللبنانية: ورقة بكركي تسعى لتثبيت احترام الدستور والشراكة الفعلية

وفي إطار لقاء بكركي، ذكرت مصادر في حزب "القوات اللبنانية" لـ"الديار"، أنّ "اجتماعات انعقدت بمبادرة من الكنيسة المارونية، في محاولة لاعداد ورقة سياسية وطنية، في ظل التخبط السياسي الذي يعيشه لبنان"، مشدّدةً على "التمييز بين مسألتين اساسيتين، وهما رفض "القوات" لحصول لقاء القيادات الاربع في بكركي، ورفضها اللقاء لـ64 نائبا في بكركي ايضا".

وركّزت على أنّ "في المقابل، تجاوبت "القوات اللبنانية" مع مبادرة روحية للنواب المسيحيين حصلت السنة الماضية في مثل هذه الايام، حيث ان الجهود المبذولة من بكركي للوصول الى ورقة سياسية بطابع وطني، هو امر مرغوب". وأفادت بأنّ "هذه الورقة السياسية التي ترعاها بكركي، تسعى الى ان تكون ورقة مشتركة تشمل تطلعات المسيحيين والمسلمين، وان كانت تخرج من منبر مسيحي".

الوطني الحر: الاهم بين كل المسائل هو انهاء الشغور الرئاسي

من جهتها، اعتبرت مصادر مقربة من "التيار الوطني الحر" لـ"الديار"، أنّ "وثيقة بكركي وما تلحظه من بند ينص على حصر السلاح بيد الجيش، لا يتعارض مع مضمون اتفاق مار مخائيل حول مسألة السلاح"، لافتةً إلى أنّ "اتفاق مار مخائيل يتكلم عن الاستراتيجية الدفاعية وتقوية الجيش اللبناني، مشيرا في الوقت ذاته الى ان موضوع السلاح لا يحل بين ليلة وضحاها، خلافا لما يعقتده كثيرون". وتساءلت عما "اذا كان الغرب سيعطي الجيش اللبناني سلاحا نوعيا ومتطورا، كالسلاح الذي بحوزة حزب الله".

وتعليقًا على تصريح نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، بأن "مرشحنا قادر على ادارة البلد بشكل موحد"، قالت المصادر إنّ "كل فريق يرى مرشحه هو الافضل، في حين ان "التيار الوطني الحر" لا يرى ان رئيس تيار "المردة" قادر على حكم لبنان بطريقة موحدة، وأن مرشح "التيار" حتى اللحظة هو الوزير الأسبق جهاد ازعور". وجزمت أنّ "الاهم بالنسبة للتيار، هو انهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية".