خلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتوى ​نهر الزهراني​ بالمياه بعد ظمأ شهده على مدى الاشهر الماضية نتيجة عدم تساقط مياه الامطار، وهو المشهور بغزارة مياهه شتاءً إلى أن تنضب كليًا خلال الصيف.

وإذا كانت "الشتوة الأخيرة" قد أدّت إلى فيضان المياه من نبع الطاسة في أعالي جرجوع وجريانها في مجرى نهر الزهراني، فإنّها أعادت معها الأمل إلى المزارعين والمواطنين الذين استبشروا خيرا بعودة المياه إلى مجاري النهر الذي بقي جافا طوال الصيف الماضي وحتى في شهري كانون الأول والثاني وفي شباط لتدب الحيوية فيه قبيل منتصف آذار الحالي، ما دفع المعنين من رؤساء البلديات المحيطة بالنهر من المنبع إلى المصب إلى مطالبة وزارة الطاقة والمياه بإقامة السدود على مجرى نهر الزهراني لأنّ الدراسات أعدّت سابقا لكن التطورات الامنية والسياسية المتسارعة في البلاد منعت التنفيذ وكان التوجه إلى مشاريع أخرى.

الشحّ في أواخر نيسان.. وقطر وعدت

يزخر مجرى نهر الزهراني الذي يفصل بين منطقتي النبطية وإقليم التفاح في هذا الوقت من السنة بوفرة مائية غزيرة تتدفق إليه من فائض مياه نبع الطاسة في مرتفعات إقليم التفاح ومن الينابيع والروافد المنتشرة بكثافة في الأودية المحيطة، فضلا عن أن الكميات من الأمطار المتساقطة قد أسهمت كالعادة في ارتفاع منسوبه حتى لامست مياهه حدود جسر الست زبيدة للمرة الأولى هذا العام بعد الجفاف الذي شهده نتيجة عدم تساقط الأمطار.

وينبع نهر الزهراني من نبع الطاسة بين اللويزة وجرجوع ويصب في البحر عند ساحل الزهراني جنوب الغازية ويبلغ طوله 25 كلم. يتدفق شتاء في البحر وينضب صيفا ويجري في خراج بلدات جرجوع، عربصاليم، كفررمان، حبوش، حومين الفوقا، عزة، دير الزهراني، بفروة، الحجة وصولا إلى مصبه في البحر.

وبرزت في الآونة الأخيرة المناشدات التي حملها أهالي البلدات المجاورة له للمطالبة بإقامة سدود وبحيرات على جانبي نهر الزهراني بهدف استخدامها في فصل الصيف في تنمية الزراعة والري خصوصًا أنّ أمطاره لا يستفاد منها لا في الشتاء ولا في الصيف، فهو لا يعرف المياه في مجراه إلا مع بداية فصل الشتاء من كلّ عام، ثم لا يلبث أن يشحّ نهائيا مع آخر شهر نيسان.

وعلمت "النشرة" أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري حصل على تعهّد من قطر، خلال الجولة العربية التي قام بها في نهاية العام 2011، ببناء 11 سدا وبحيرة في أنصار، بلاط، شحور، الخيام، باريش، جباع، عيتا الشعب، عين بعال، بفروة، تولين، نبع الطاسة، الزهراني. وهي إذا ما خصص لها المال اللازم، فإنها تساهم بالإستفادة من مياه الأمطار بدل أن تذهب هدرا إلى البحر، الا ان التطورات التي شهدتها البلاد العربية منذ تلك الفترة وحتى اليوم من احداث امنية غيرت وبدلت نظرة الدول العربية نحو بعضها البعض.

كيف نردّ على التحدّي الإسرائيلي؟

وسط ذلك، أوضح نائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان حسن فقيه أنّ كميات الأمطار التي تساقطت في شهر آذار الجاري حرّكت حلم المزارعين والجنوبيين للعودة لمطالبة الحكومة ووزارة الطاقة والمياه مجدّدًا ببناء السدود على الأنهر لجمع المياه الشتوية فيها واستخدامها في فصل الصيف من خلال تحويل ضفاف وجوانب تلك الأنهر لا سيما الزهراني إلى أرض خضراء مدى العام، تدبّ بالحيوية.

وفي حديث لـ"النشرة"، لفت فقيه إلى أنّ "التحدّي يكمن في مواجهة العدو الإسرائيلي الذي يطمع بثروتنا المائية التي تذهب هدرا إلى البحر سنويا"، وشدّد على انّ الردّ اللبناني على هذا التحدي الإسرائيلي يجب أن يكون بالإسراع ببناء السدود والبحيرات على الأنهر طالما أنّ الدراسات استكملت لهذا الأمر، ولا تحتاج الا إلى قرار بالبدء بالتنفيذ مع تخصيص ميزانية للجهة المنفذة.

ولفت إلى أنه إذا ما نفّذت السدود فإنّ مردودها الاقتصادي والإنمائي والزراعي سيعود بالنفع على المزارعين والسكان في جوار تلك الأنهر سيما الزهراني الذي ينضب صيفا وتصبح الحياة في محيطه قاحلة.

مياه تذهب هدرًا!

وفيما ثمن فقيه الجهود التي يبذلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحفاظ على ​الثروة المائية​ من خلال المشاريع المائية واقامة السدود للنهوض بالجنوب والوطن إنمائيًا، كشف أنه يسعى مع اتحادي بلديات الشقيف واقليم التفاح لإنشاء سدود على نهر الزهراني ونبع الطاسة، وتحدّث عن وجود مخطط عام لبناء السدود في وزارة الطاقة والمياه أولا للمحافظة على ثروة لبنان المائية وثانيا لتطوير المشاريع التنموية والزراعية من خلال الريّ.

ولفت إلى أنّ هناك خطة بإقامة 3 سدود اسمنتية على نهر الزهراني في الوادي الأخضر وأسفل عربصاليم على أن يكون بجانبها 3 بحيرات اصطناعية يمكن لكل واحدة منها تخزين 150 ألف متر مكعّب من المياه من شأنها أن تؤمّن بدائل مائية في أيام الشحّ وتساهم في تنشيط الزراعة والسياحة وتربية الأسماك على ضفاف النهر.

أخيرًا، ومهما يكن، إذا لم تبادر وزارة الطاقة بإقامة سدود على نهر الزهراني، فإنّ النتيجة واحدة هي أنّ مياهه تذهب هدرا في البحر دون أن يستفيد منها سكان المنطقة ولو بقطرة واحدة.