لم تعد الأوضاع في ​مخيم عين الحلوة​ مطمئنة، بات الجميع يدرك بأن هناك حرباً تخاض من أجل السيطرة على المخيم، بالرغم من أن المواجهة الشاملة لم تقع حتى الساعة، لكن هذا لا يعني أنها لن تقع في وقت قريب، خصوصاً أن الإحتقان بين قيادات حركة "فتح" والجماعات الإسلامية المتطرفة يكبر يوماً بعد آخر.

في عين الحلوة، يشعر الكثيرون بأن تجربة نهر البارد أو اليرموك من الممكن أن تتكرر في أي لحظة، خصوصاً أن السيناريو نفسه يتكرر، في حين لا تزال "فتح" تحافظ على هدوئها، مع العلم أن لديها القدرة على إنهاء الحالة، التي توصف بأنها "شاذة"، متى أرادت ذلك، ولكن اليوم بدأ البعض يوجه الإتهامات إلى مسؤولين في الحركة بالإمتناع عن أخذ القرار المناسب.

وفي هذا السياق، ترى مصادر فلسطينية متابعة أنّ ما يجري في هذه المرحلة هو حرب إغتيالات بين الجماعات المتطرفة وبعض قيادات "فتح" الرافضين لوجود هذه الجماعات بأي شكل من الأشكال، والذين هم من المقربين من القيادي السابق في الحركة محمود عيسى "اللينو"، نظراً إلى أن الأخير هو من أول من وقف بوجهها.

وتشير هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن محاولة الإغتيال التي تعرض لها مسؤول "كتيبة شهداء شاتيلا" في "فتح" العقيد طلال الأردني، عبر عبوة ناسفة أول من أمس، كانت رسالة واضحة إلى "اللينو" لأن الأردني من المقربين جداً منه، بالرغم من أنه لا يزال ناشطاً في صفوف الحركة التي فصل منها الأول، وبالإضافة إلى ذلك تكشف المصادر أن عيسى كان قد مر قبل وقت قليل من حصول الإنفجار.

وتوضح المصادر نفسها أن من المعروف جداً في المخيم، في هذه الأيام، أن الأردني هو من يتولى بشكل أساسي الوقوف بوجه هذه الجماعات، وتلفت إلى أن هناك أكثر من مواجهة وقعت بين الجانبين في الفترة الأخيرة، وتشير إلى أن بقايا تنظيمي "فتح الإسلام" و"​جند الشام​" يعتبرون أن القضاء على "اللينو" والأردني هو مقدمة للسيطرة على عين الحلوة، من خلال إضعاف وجود "فتح" فيه، خصوصاً أن مختلف القوى تدرك أن عيسى رغم الخلافات القائمة لن يتخلى عن الحركة تحت أي ظرف.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه قيادات "فتح" الرسمية تفضل عدم خوض أي مواجهات عسكرية في المخيم في هذه المرحلة، نظراً إلى أنها ترى أن ذلك سيشكل خطراً كبيراً على سكانه، وتعتبر أن من الواجب إجهاض المشروع الذي يريد تكرار سيناريو نهر البارد، توضح مصادر مقربة من "اللينو" أن هذا الصراع القديم الجديد إرتفعت وتيرته في المرحلة الراهنة، لأن أصحاب المشروع "المعادي" مستعجلون لتطبيقه، وترى أن هناك واجبات على "فتح" من المفترض القيام بها سريعاً.

وتشير هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن عيسى كان من أوائل الذين إستشعروا هذا الخطر الكبير جداً على أمن عين الحلوة، لكن مع الأسف البعض، لا سيما المشرف على الساحة اللبنانية في "فتح" عزام الأحمد، لم يكن يريد سماع ذلك، ولكن اليوم بات هناك شبه إجماع على أنه كان على حق بضرورة التصدي لهذه الجماعات بشكل حاسم منذ البداية.

وتنقل هذه المصادر عن "اللينو" تأكيده أن هذه الجماعات مرتبطة بمشاريع كبيرة، وهو يحمل الأحمد المسؤولية عن وصول الأمور إلى هذه المرحلة، لأن قرارته ومواقفه هي التي تساهم في تراجع دور "فتح" في مختلف المخيمات.

من وجهة نظر "اللينو"، فإنّ القيمين على الحركة في هذه المرحلة "مهزومون"، وهناك خطر على أي ضابط أو عنصر يدرك حقيقة الخطر القائم، لكنه يؤكد أنه لن يقف موقف المتفرج في حال وقعت المواجهة، وهو سيسخر كل إمكانياته لمنع الجماعات التكفيرية من تحقيق أهدافها.

وعلى الرغم من أن الرجل الأبرز في المخيم يعتبر أن موعد المواجهة الشاملة لم يحن بعد، يقول في مجالسه الخاصة أنه "إذا حان ذلك الموعد حاضرين له"، لكنه لا يزال يرى أن إمكانية المعالجة عبر عملية أمنية لا تزال ممكنة.

إذا في الوقت الذي تشهد مختلف المناطق اللبنانية حالة من الهدوء النسبي، بعد الخطة الأمنية التي طبقت في مدينة طرابلس ومنطقة البقاع الشمالي، تتجمع الأخطار في عين الحلوة، بالرغم من سعي مختلف القوى السياسية الفاعلة بداخله إلى معالجة هذا الأمر عبر ورقة المصالحة التي أعلن عنها قبل مدة، فهل سيستطيع المخيم تجاوز السيناريو الأسوأ؟