طالب بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان مسلمي لبنان أن "يكون صوتكم واضحا في المحافظة على الخطابات البناءة، في الجوامع والمدارس، كي نتجاوز معا هذه المحنة ونتغلب على الشر الذي حلّ بهذه البلاد بسبب التكفيريين"، مذكرا "المسيحيين بقول المسيح لتلاميذه: "لا تخافوا، انا هو"، مضيفا: "صحيح ان كارثة مخيفة جدا حلت بنا في العراق وسوريا، لكن نبقى نجدّد ثقتنا بالرب ونقول: اتكالنا عليك ورغم كل المآسي، نبقى نتبع الانجيل الذي علمتنا اياه، ونشهد لك امام الآخرين بالمحبة والسلام".

وأكد في حديث صحافي أنه "مستاء واستياؤه يشمل مما يشمله المجتمع الدولي واوروبا"، لافتا الى أنه "مقتنع كليًّا بأن ما حصل للمسيحيين في سوريا والعراق، وحتى في مصر وغيرها، ما كان يجب ان يحصل"، معتبرا أن "الغربيين الذين يحاربون "داعش" تأخّروا، كالامم المتحدة ولم يحقّقوا حقبة أخلاقية صحيحة، لجهة إفهام المسؤولين السياسيين والدينيين في المنطقة أنه يجب أن يبنوا أنظمة بلادهم على اساس فصل الدين عن الدولة".

واعتبر أن "الدعوة التي وجّهها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى مجلس الامن الدولي أخيرًا لوضع "شرعة تحرّك" لحماية مسيحيي الشرق والأقليات فيه لا تثلج القلب"، معتبرا أنه "كان يجب اصدار تلك الشرعة من زمن بعيد"، مشيرا الى أنه "التقى فابيوس في تشرين الثاني 2014 في فرنسا وشرح له وضع المسيحيين في لبنان وسوريا والعراق الذي لا يبشر بالخير"، مؤكدا له أنه "واذا بقي الوضع على حاله، فهذا يعني إفراغ كل المنطقة من مكوّن أساسي لبلدانها".

ورأى أنه " يتوجب على المجتمع الدولي ان يؤمّن مساعدات "لشعوب تموت بسبب معتقدات دينية، وهي شعوب مسالمة كليًّا"، مضيفا: "المطلوب منه ان يكون أمينا لمبادئه"، مشيرا الى أن "المسيحيين في الشرق الاوسط ليس لديهم العدد الكبير الذي يجعلهم يشكلون أمة، على غرار الامة الاسلامية، وليس لديهم البترو دولار الذي يعبده الغرب ويا للأسف"، مضيفا: "ليس لدينا منظمات إرهابية تخيف احدا تلك الامور تجعلنا على الهامش، والغربيون الذين يحاربون "داعش" اليوم تأخروا"، مشيرا الى أن "ثمة انتهازية سياسية للقول بأنهم يدافعون عن حقوق المسيحيين كان على هؤلاء السياسيين ان يفهموا انه ليس مقبولاً ان يكون البحر الذي يفصل اوروبا عن الشرق الاوسط حاجزًا، بل يجب أن يكون جسرًا"، مؤكدا أنه "ما كان على الاوروبيين ان يدعوا الولايات المتحدة وحتى روسيا تتدخلان في شؤوننا. بل كان على الاتحاد الاوروبي ان يشعر مع شعوبنا ويتدخل بفاعلية اكبر، ليساعدها في حل مشاكلها".

ووصف البطريرك ما حدث في سوريا والعراق من تهجير "بالكارثة حلّت علينا بشكل مفاجىء ومخيف"، معتبرا أن "الكارثة كانت ضخمة فآلاف المسيحيين هُجِّروا واقتُلِعوا من ارضهم، الى خسارة نحو 25 كنيسة ودير ومعبد مسيحي على الاقل"، مشيراً الى أنه "سرعان ما حلّت نكبة ابشع ومخيفة اكثر في سهل نينوى وكان يجمع بين 120 الى 150 الف مسيحي، بما شكّل اكبر تجمع مسيحي في العراق، والغالبية من السريان الكاثوليك"، مشددا على أنه "امام تمدد "داعش" واعتداءاته ليل 6-7 آب 2014، هرب هؤلاء الى كردستان، حيث لا تزال الغالبية هناك"، مضيفاً: "في الارقام، 6400 عائلة من السريان الكاثوليك مهجرة الى كردستان والى لبنان، وصلت ما بين 1400- 1500 عائلة وهناك عدد مماثل في الاردن، ونحو 750 في تركيا"، مؤكدا أننا "تأثرنا كثيرا بهذه الكارثة ويمكن القول ان 50 الى 60 الف سرياني كاثوليكي اقتلعوا من ارضهم وبيوتهم".

وتوجه الى المسلمين بالقول: "من اعوام نقول لهم ان يتنبهوا والا يبقوا اسرى المذهبية. علينا ان نفهم ان علاقتنا بالله يجب ان تكون مبنية على مكارم الاخلاق"، مبديا أسفه "لما يرشح عن الاحداث الاخيرة في المنطقة وهي عودة الى الصراع المذهبي"، معتبرا ان "ليس كل الحكومات العربية تصرفت التصرف الصحيح والنزيه لمحاربة هذا الارهاب التكفيري. وهذا نابع من روح المذهبية التي لا نزال نشهدها".