لن تهتم العواصم الدولية طويلاً بلبنان هذه المرة، بل سيُترك يواجه مصيره في حال عدم بت أمر التسوية السياسية الآن بين قواه حول سلّة شاملة. هذا ما يُمكن استخلاصه من كلام دبلوماسي غربي بدا متشائماً جداً في الساعات الماضية، الى حدود التحذير من "مشهد دموي" قادم الى لبنان.

يقول الدبلوماسي نفسه ان الدول كلها مشغولة بترتيب امر ساحاتها لمواجهة الارهاب. يشير الى فرنسا تحديداً بدليل التأييد الشعبي المتزايد لليمين المتطرف، "في ردة فعل على الجرائم الإرهابية التي ارتكبها المتطرفون الإسلاميون"، والى ما جرى في كاليفورنيا، او بلجيكا، ولندن، والتحشيد الحاصل ضد المسلمين في المانيا ودول اخرى.

كلها محطات ستولد صراعاً طويل الأمد وتدفع بأحزاب اليمين الى الصدارة في الغرب، وبالتالي ستؤدي الى ازدياد حجم السخط على المسلمين لدفعهم الى العودة نحو الدول العربية. هذا ما يقوله الدبلوماسي. فهل نحن امام صراع ديني؟ وهل يطال المسيحيين؟

بالنسبة الى الدبلوماسي، القلق يسود من توتر مفتوح بين المتطرفين الاسلاميين والمسيحيين في الغرب، يدفع ثمنه المسيحيون في الشرق.

"من هنا يجب الاستعداد لمجابهة مرحلة خطيرة قد تحل في لبنان ولو بعد حين"، خصوصا ان البيئة الحاضنة للمتطرفين لا زالت موجودة. مشهد عرسال اثناء عملية تبادل المخطوفين العسكريين، كان دليلاً على وجود مسلحين مستعدين لفتح جبهات عسكرية شرقاً، وبيئة حاضنة شمالاً. اكثر ما يُقلق الدبلوماسي نفسه هي تلك البيئة في الشمال، حيث يدور الحديث عن مناطق حدودية حسّاسة مع سوريا.

هو ينطلق من الهواجس للإيحاء بأن أي سيطرة او تمدد للمتطرفين في لبنان، سيُحدث تغييراً في الخريطة السياسية، وقد يفرض قواعد جديدة في النظام. بالنسبة اليه "لن تكون لمصلحة المسيحيين، لأنهم الحلقة الأضعف في صراع طويل، فلن يجدوا نصيراً دولياً مستعدّا للدفاع عنهم، والتجربة حاضرة في كل من العراق وسوريا". لكن الدبلوماسي نفسه يتهرب من الاجابة على سؤال: الا تعتقد ان الروس جاهزون للمؤازرة؟ فيسأل: الا يفترض ان تكون رئاساتكم ومؤسساتكم قائمة لتطلب المساعدة الشرعية من الروس؟

يستحضر الدبلوماسي وقائع المتغيرات السياسية اللبنانية ومشروع المبادرة. هو مؤمن بأن عودة رئيس تيار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ الى السلطة ضمن تسوية شاملة ستحدّ من الصدام الدموي المتوقع. يدافع عن وجهة نظره بالقول: الاعتدال السياسي الذي يمثله تيار "المستقبل" في الساحة السنيّة هو افضل من يواجه التطرف في الساحة نفسها. ويرى ان قرار التسوية المطروحة استند الى تلك المعادلة بشكل أساسي، كما ربط الدبلوماسي نفسه بين جوهر المعادلة وكلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن التسوية الشاملة.

حين تسأله عن حظوظ المبادرة المطروحة، يرى ان العواصم الفاعلة أيدت تفاصيلها وتنتظر إقرارها سريعاً. وفي حال استمرار الجمود اللبناني وتعطيل المشروع، يعتبر ان الثمن سيدفعه اللبنانيون وحدهم، بسحب العواصم ايديها من الأوضاع اللبنانية، وفتح البلد امام مشاريع تغيير نظامه السياسي. كما دلّ الى واقع امني خطير سبق الاشارة اليه، وأزمة اقتصادية ومالية ستحلّ نتيجة عدم الثقة بلبنان.

الدبلوماسي الذي كان سمع كلاماً من مسؤولين لبنانيين عن ان مشكلة الرئاسة عند المسيحيين، لم يكن مقتنعاً بهذا الكلام، لكنه اليوم يستند الى حقيقة ان الموارنة هم من سمّوا "الأقطاب الاربعة" وهم من وضعوا "الفيتو" على بعضهم بعد بضعة اشهر.

حين تسأله: لماذا اعلنتم دعم المرشح ​سليمان فرنجية​ تحديداً وليس المرشح ميشال عون؟ يقول: ان فرنجية هو واحد من الاربعة المشار اليهم. ويتابع جوابه بسؤال: الم يجرب الآخرون حظوظهم ما عدا الرئيس السابق امين الجميل؟

ينصح الدبلوماسي المطّلع اللبنانيين ان يذهبوا الى جلسة انتخاب "يجري فيها التصويت بين المرشحين لاختيار الأوفر حظاً، كما الحال في دولنا". هو لا يستبعد ان يمضي اللبنانيون الى هذا الخيار كآخر خطوة. هي السبيل الوحيد لحسم الامر. الم يحصل ذلك في جلسة انتخاب سليمان فرنجية-الجدّ، رئيساً للجمهورية؟ صوت واحد كان "صوت الفصل". هل تتكرر؟ لم لا في حال حضور الثلثين في جلسة الانتخاب؟

يبدو خيار "الصندوق" مطروحاً، في حال اعلن رئيس "القوات" ​سمير جعجع​ تبني ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة. فهل تجري المنافسة بين "الجنرال" و"البيك"؟ ومن يملك أكثرية الأصوات؟