لم ينجح التقرير الطبي الذي قدمه محامي الدفاع عن الوزير السابق ​ميشال سماحة​، ​صخر الهاشم​، بتأجيل جلسة محاكمة اليوم، فقد ردت المحكمة التقرير بعدما كلفت طبيبين من الطبابة العسكرية للكشف عن الحالة الصحية لسماحة، وتبين بعد الكشف أن لا مانع يحول دون حضوره إلى الجلسة واستجوابه.

ولمدة ساعة واربعين دقيقة، استمرت المحاكمة التي تخللتها استراحة لمدة ربع ساعة بناء على طلب سماحة بعدما شعر بالارهاق. وكان التركيز في جلسة اليوم، من قبل المحامي العام التمييزي القاضي ​شربل بو سمرا​ ورئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي ​طوني لطوف​، على موضوعين: الأول هو الأماكن الجغرافية التي تم تحديدها للتفجيرات التي كان ​ميلاد كفوري​ ينوي القيام بها على الحدود الشمالية مع سوريا، والثاني هو الأماكن التي ظهر بها كفوري وكأنه يستدرج سماحة في التسجيلات.

وبدا سماحة اليوم اكثر ارتياحاً من الجلسة السابقة، اذ تكلم بنبرة صوت مرتفعة، ووزع نظراته على الصحافيين الجالسين على يسار قاعة المحكمة وعلى عائلته المتواجدة على يمينها، على عكس المرة السابقة التي كانت فيها آثار الارهاق بادية على وجهه وتصرفاته.

وأكد سماحة في بداية الجلسة أن كفوري لم يحدد له أي أماكن جغرافية لوضع المتفجرات كونه لا يعرف منطقة الشمال، مكررا أنه ليس خبيراً عسكرياً ليعرف نوعية المتفجرات التي طلبها كفوري، وواصفاً اياه بـ"العميل المستدرِج"، إلا أن القاضي لطوف رفض هذه التسمية. عندها سأله بو سمرا إن كان الجانب السوري يعرف أماكن التفجير المستهدفة، فأوضح سماحة أنه لم يناقش معهم هذا الموضوع.

وعن أماكن الاستدراج في التسجيلات، قال سماحة: "يتبين في التسجيلات أن كفوري كان متحمساً لهذا الموضوع وأخذ على عاتقه تأمين لائحة المتفجرات المطلوبة، كما أنه لم يوضح لي الأهداف ولم يطلب مني أن أسأل الجانب السوري عن هذه الأهداف بل فقط أعطاني اللائحة للايقاع بي".

وبعد أن طرح بو سمرا عدداً من الأسئلة على سماحة، وبعد أن قام القاضي لطوف بالطلب من سماحة باعادة اجاباته ليتمكن كاتب محضر الجلسة من كتابتها، صرخ سماحة غاضباً: "أنا جاوبت ولا يمكنني أن أعيد أجوبتي مرة أخرى"، فأجابه القاضي لطوف: "من حق المحكمة أن تعيد السؤال وهذا الموضوع ليس بحاجة لهذا الغضب".

وبعد أن عاد الهدوء إلى الجلسة، سأل بو سمرا سماحة: "كيف فسرت اصرار كفوري على أنه استدراج؟"، فأجابه سماحة: "استدرجني بهدف تصويري على انني صاحب فكرة تحديد الاهداف"، وتابع: "لم أحدد في أي جلسة مع كفوري مكان الهدف أو زمانه فالهدف كان منع تنقل الأسلحة والمسلحين بطريقة غير شرعية على الحدود مع سوريا".

فتدخل القاضي لطوف سائلاً: "في جلسات سابقة بينك وبين كفوري توافقتما على أهداف التفجيرات وهي المعابر غير الشرعية لمنع انتقال الأسلحة والمسلحين، فأين تعتبر أن هناك استدراجًا ومن يكون المستدرج في هذه الحالة؟"

فأوضح سماحة أن كفوري بدأ منذ بداية العام 2012 استدراجه، "حيث عمل في هذه الفترة على تغذية هواجسي، وبشكل متصاعد، حول عودة الحرب الأهلية من خلال دخول المسلحين عبر الحدود، وحتى تاريخ 21 – 7 – 2012 كان كفوري يعمل على اثارة الهواجس لدي وتغذيتها والايحاء بأن لديه القدرة على معالجة هذه الهواجس".

فقاطعه لطوف قائلا: "ان ما تقوله يعني انك حملت على عاتقك مهمة أمنية واعتبرت نفسك مسؤولاً عن الأمن على الحدود السورية"، فأجابه سماحة: "إن كفوري استهدفني، فاستدرجني، فحرضني ومن ثم أوقعني"، مطالباً بسحب ما ورد على لسانه في جلسات سابقة عن قيام كفوري بالاتصال به مرتين، وشرح قائلاً: "كفوري اتصل بي عدة مرات وهذا ما توضحه داتا الاتصالات التي أصدرتها شركة touch".

وتطرق التحقيق إلى موضوع شخصية كفوري، فسأل لطوف سماحة: "ما تقييمك لكفوري من الناحية الشخصية؟" فاعتبر سماحة أنه انسان ذكي. واستوضح لطوف "هل تعني أن ذكاءه عادي؟" فأجابه سماحة: "لم أقم له باختبار ذكاء "IQ Test".

وكان سماحة قد شدد طوال الجلسة على أنّه لم يشارك في تحديد الأهداف ولم يتدخل أصلا في تحديد هذه الأهداف.

وقبل أن يختم القاضي لطوف الجلسة، رد على الطلب المقدم من محامي الدفاع صخر الهاشم بتعيين خبراء متفجرات من ​الجيش اللبناني​ للكشف على المتفجرات إضافة إلى استدعاء شهود جدد في القضية، وقال لطوف: "بالنسبة لتعيين خبراء من الجيش فنرى أن لا حاجة لهذا الموضوع فهناك تقرير فني مع صور عن كافة المضبوطات التي ضبطتها شعبة المعلومات"، فقال الهاشم: "نريد خبراء من الجيش اللبناني لأن فرع المعلومات هو من نفس المنظومة المتآمرة على سماحة"، فرفض القاضي لطوف ما قاله الهاشم.

وبما يخص استدعاء الشهود، وبعد اصرار وكيل المتهم على الاستماع للشاهدين "فارس بركات وغلادس اسكندر" واعتبارهما شاهدي دفاع، وبعدما رفض بو سمرا هذا الاستدعاء، قرر القاضي لطوف استدعاء الشاهدين للاستماع لهما "على سبيل المعلومات وليس كشهود"، لافتاً إلى أن الجلسة المقبلة ستكون مخصصة لاستجواب الدفاع. ومن ثم أرجأ الجلسة إلى العاشر من آذار.

في المحصلة، تغيير جديد طرأ على جلسة اليوم من محاكمة سماحة، ويتمثل بظهور شاهدين في القضية، فارس بركات وهو شاهد قديم كانت المحكمة قد أخذت شهادته في جلسات سابقة، وغلادس اسكندر وهي شاهدة جديدة في هذه القضية. وبالتالي، فإن محامي الدفاع قد بدأ بالكشف عن أوراق جديدة. فهل يكون هذا الحدث الجديد نقطة تحول مفاجئة على مسار التحقيقات، أم انها مناورة من فريق الدفاع لكسب الوقت؟